"القربان".. طقوس منحرفة وخفايا مرعبة لـ "ضرب التشيّع".. كيف تقنع أتباعها بالانتحار بـ "القرعة"؟

11:17, 18/05/2024
394

برزت مجدداً في العراق "جماعة القربان" التي تتبنى فكرة الانتحار قرباناً للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، مع تسجيل محافظة ذي قار خلال الأيام الماضية أربع حالات انتحار لأشخاص تركوا أوراقاً تؤكد انتماءهم إلى الجماعة التي ظهرت في أكثر من مناسبة واختفت لأسباب أمنية، إلى جانب غيرها من الجماعات التي تحمل أفكاراً تصنفها السلطات العراقية بأنها "منحرفة"، ويُعاقب عليها القانون.

 

وبحسب مصادر أمنية من مدينة ذي قار، فإن "مراهقاً يبلغ من العمر 15 عاماً انتحر شنقاً بواسطة سلك كهربائي، داخل منزله بقضاء الرفاعي شمالي محافظة ذي قار، يوم الأربعاء الماضي، وبحسب التحقيقات الأولية تبين أن دوافع الانتحار هي الانتماء إلى جماعة القربان، مبيّنة أن "ثلاثة أشخاص أقدموا على الانتحار الأسبوع الماضي، داخل منزل مهجور، وتركوا أوراقاً كُتب فيها ما يؤكد أنهم يتبعون جماعة القربان".


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

ما هي جماعة القربان ؟

 

وكان آخر ظهور لنشاطات جماعة القربان في أيار 2023، وقد أثارت القلق والرعب بين أبناء المجتمع المحلي في محافظات الجنوب، ولا سيما أنها تؤيد الانتحار علناً في المنازل والمساجد، من خلال تكوين دوائر وجماعات من الشباب، وتُنفَّذ عملية الانتحار من خلال "قُرعة" تُجرى بينهم، "قرباناً للإمام علي"، في حين أن السلطات الأمنية شنّت حملة للبحث عن أعضاء هذه الجماعة وقادتها بهدف إطاحتهم.


 

ويقول أحد رجال الدين من مدينة الناصرية السيد علي الموسوي، إنّ "هذه الجماعة منحرفة، ولا ندعو إلى الانتماء إليها، مع العلم أنها قديمة وقد غيرت اسمها لأكثر من مرة، وبدأت باسم (العلاهية) والمقصود هو تأليه الإمام علي، وهذا الأمر محرَّم لدينا ولا تقبل به جميع المذاهب الإسلامية، وقد تطورت ممارسات هذه الجماعة وطقوسها الغريبة، من جرح الرأس والأيدي والأرجل باستخدام الآلات الحادة، وصولاً إلى الزحف في الشوارع، ثم قتل النفس عبر الانتحار".

 

"ضرب التشيّع"

 

وأضاف الموسوي، أن "الجماعة تؤمن بالتضحية بالنفس من أجل الدفع باقتراب يوم القيامة، وقد حاولنا عبر المنابر الدينية منع الشباب من الانخراط فيها، لكن هناك أساليب وإغراءات تقدمها الجماعة إليهم، ومنها الأموال والمخدرات، ولا سيما أنها تستهدف المراهقين والعاطلين من العمل"، مبيناً أن "الدين الإسلامي يرفض قتل النفس أو التضحية بها عبر الممارسات المنحرفة، ونحن نؤيد أي رد فعل أمني ضد الجماعة لأنها باتت تهدد أمن واستقرار محافظات جنوب العراق".

 

وأكمل أن "السيد محمد محمد صادق الصدر، كان قد أعلن البراءة من هذه الجماعة المنحرفة، كذلك أعلنت المراجع الدينية في الحوزات العلمية بالنجف براءتها منها أيضاً، لأنها تمثل حالة شاذة وتدعو إلى الانتقام من النفس، فضلاً عن كونها تضرب جوهر الدين الإسلامي بالقول إن الإمام علي هو الله"، مشيراً إلى أن "الجماعة تختفي بين فترة وأخرى لأسباب أمنية، ثم تعاود الظهور، ولا نستبعد أنها جزء من ضرب التشيّع في مناطق جنوب البلاد".

 

من جهته، أشار الناشط السياسي من محافظة ذي قار، علي الغزي، إلى أن "الحركات الدينية المتطرفة والطائفية أيضاً، تجد المساحة الآمنة للتحرك في مناطق جنوب البلاد، بسبب الفقر الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى تردي الوعي، ويورّط الشبان في مهالك المخدرات والأفكار المنحرفة والشاذة، بالتالي فإن مسؤولية ما يحدث بسبب جماعة القربان يقع على عاتق الحكومات التي انشغلت بمشاكلها الخاصة وأهملت تنمية المجتمع".

 

والعام الماضي، أعلنت وزارة الداخلية العراقية اعتقال عدد من أعضاء الجماعة بتهمة "الانحراف"، وذكرت الوزارة في بيان أن "الاعتقال نُفذ وفقاً لتوجيهات وزير الداخلية بما يتعلق بمتابعة الحركات والجماعات المنحرفة"، مضيفة أن القوات الأمنية ألقت القبض على أربعة أشخاص من "جماعة القربان" في قضاء سوق الشيوخ في محافظة ذي قار جنوبيّ العراق.

 

وبحسب مصادر أمنية اطلعت على التحقيقات مع المعتقلين، فإنهم "على قناعة بأن الإمام علي (عليه السلام) يستحق أن يضحوا بأنفسهم وأرواحهم لأجل التقرب إليه، كذلك فإن للجماعة امتدادات في معظم مدن جنوب البلاد، لكنها تنشق في منطقتي الرفاعي وسوق الشيوخ في ذي قار".


 

لكن لم يُعرف شيء لحد الآن عن قادة هذه الجماعة، في حين أن التحقيقات أشارت إلى أن "الجماعة تنوي التمدد في محافظات أخرى، ودول توجد فيها طائفة الشيعة، كذلك لديهم تمثيل في إيران"، مبينة أن أفراداً منهم يُعتبرون أكثر تطرفاً، أخذوا بقتل أفراد من عائلاتهم تعظيماً للإمام علي، فضلاً عن كونهم لا يترددون في الإقدام على القتل بحجة تقديم القرابين، وإنهم يغالون لدرجة العبادة".

 

الجرائم الأخلاقية والمخدرات تدفعهم للانتحار

 

ور عبد الأمير، وهي ناشطة من محافظة ذي قار، لفتت إلى أن "معظم أعضاء هذه الجماعات هم من الطبقات الفقيرة المسحوقة التي لا تملك قوت يومها، وفي الحقيقة أعضاء جماعة القربان، أقل بكثير مما يتوقع معظم المراقبين، وهم أعداد قليلة قد لا تتجاوز 100 شخص، وليسوا جميعهم يؤمنون بالانتحار، لكن هناك منهم من يختاره"، مؤكدة أن "بعض الذين انتحروا تبيّن فيما بعد أنهم مطلوبون أصلاً للقضاء بجرائم وملفات أخلاقية، وبعضهم مدمنو مخدرات، وبالتالي يمكن اعتبارها كأيِّ جماعة منحرفة تظهر في كل دول العالم".

 

ويُجرّم الدستور العراقي ظهور مثل هذه الجماعات، وتصل عقوبة تأسيسها أو الانتماء إليها إلى المؤبد أو الإعدام وفقاً لأحكام المادة رقم 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، بينما تنص المادة السابعة من الدستور على حظر كل كيان أو نهج يتبنى "العنصرية" أو "الإرهاب" أو "التكفير" أو "التطهير الطائفي" أو يحرّض أو يمهّد أو يمجد أو يروج أو يبرر له.