حذر خبراء اجتماعيون من المخاطر التي يتسبب بها المؤثرون والمشاهير في مواقع التواصل الاجتماعي، وإمكانية انعكاساتها السلبية على المراهقين والشباب.
فالمؤثر الاجتماعي، مهنة ظهرت خلال السنوات الأخيرة بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التي فتحت أبواب الشهرة أمام ناس عاديين يميزهم استعراض حياتهم الخاصة التي تتسم بالبذخ والرفاهية، فترى المؤثرين في طائرات خاصة أو يخوت أو يتجولون أثناء السفر بسيارات فارهة مرتدين ثيابا غالية الثمن.
وتستخدم هذه الصورة المثالية التي يرسمها المؤثرون عن أنفسهم كطريقة لتسويق المنتجات.
فالشهرة والثروة السريعتان اللتان يحققهما المؤثرون أغرت العديد من الشباب وفق خبراء إما لدخول هذا المجال أو البحث عن ربح سريع بدون جهد كبير.
وبعيدا عن تشويه وعي الشباب، فالدراسات تشير إلى أن الكثير من فيديوهات البذخ والتباهي، تولد في نفوس مشاهديها النقمة لعدم استطاعتهم مجاراة ما يرونه، وإحساسهم بأنهم سيئو الحظ، ما يحول تفكيرهم كلياً إلى كيفية تقليدهم، والوصول إلى هذا المستوى بغض النظر عن الطريقة.
وفي هذا السياق، أوضحت صانعة المحتوى، سارة الخصاونة، أن 80% مما يقدمه صناع المحتوى على مواقع التواصل عن حياتهم هو واقعي، وقد تتضمن النسبة المتبقية بعض المبالغات.
ويسعى الأفراد الذين يحققون شهرة على وسائل التواصل إلى إنتاج محتوى يجذب انتباه الجمهور.
وتعتبر تأثيرات ما يقوم به صنّاع المحتوى على الجمهور ذات أهمية كبير، وقد تتباين بين التأثيرات السلبية والإيجابية.
ويتباين التفاعل مع هذا النوع من المحتوى وفقًا لاختلاف الأفراد أنفسهم، إذ تهدف بعض المحتويات إلى إتاحة الفرصة للمشاهدين لتجربة جوانب معينة من الرفاهية أو استكشاف السيارات الفاخرة.
وتعد نسبة الـ80% من صناع المحتوى الناجحين هم الذين يسعون ان يكونوا أقرب للمتابع ومن ينشرون حياة واقعية.
ويتطلب إنتاج محتوى ذو جودة عالية جهدا كبيرا ووقتا، بالإضافة إلى التفكير بعناية في تطوير محتوى جذاب ومفيد.
ورصد التعليقات حول المحتوى المنشور على وسائل التواصل يُعَد خطوة أساسية لمُنتجي المحتوى لفهم تفاعل الجمهور مع المواد المقدمة واستقبال تقييمات وملاحظات قيمة يمكن تسخيرها لتحسين الأعمال المستقبلية.
ومُنشئو محتوى الحياة المرفهة على وسائل التواصل الاجتماعي يمثلون فئة صغيرة، وذلك نظراً لتزايد وعي المتابعين الذين يقومون بانتقاء المواد التي تتناسب مع اهتماماتهم بدقة.
وتؤكد استشارية التنمية البشرية ومدربة مهارات الحياة، لانا قاعاتي، في هذا السياق أن الأفراد عموماً غير قادرين على تجاهل التأثيرات التي يحدثها المحتوى الذي ينشره المشاهير عبر حساباتهم.
وتبين أن الشباب والمراهقين قد يكونوا الأكثر عرضة لهذه التأثيرات، مضيفة "تحدث تغيرات في برمجة العقل بمجرد إقناع الذات بعدم التأثر بمحتويات مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، مثل صور الحياة المثالية أو السفر وأمور أخرى متعلقة بالحياة اليومية. على المدى البعيد، يمكن أن يؤدي هذا النهج إلى تأثير سلبي على الحالة النفسية للأفراد".
وأشارت إلى أنه "يمكن لما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن يساهم في تغيير عادات المجتمعات وأن يؤثر بشكل ملموس على الأطفال والمراهقين، حيث يبدأ هؤلاء بالتكيف تدريجياً مع نمط حياة جديد".
ويعتبر صناع المحتوى أشخاصاً مبدعين حيث يقومون بإنتاج محتوى جديد ومثير للاهتمام.
ومع تزايد شهرة المحتوى وتفاعل الجمهور مع صناعته، تتعزز فرص هؤلاء الصناع في تحقيق دخل مالي مجزٍ واعتبار ما يقومون به مهنة ذات دخل جيد.
وحظر حساب أحد المشاهير على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي لا يعد حلاً فعالًا، نظراً لتوافر منصات تواصل أخرى يمكن من خلالها متابعة هذا الحساب.
ويتعين على الحكومة وأولياء الأمور اتخاذ إجراءات لمراقبة المحتوى الذي يتابعه المراهقون.
ويمكن فرض قوانين أكثر صرامة على منصات التواصل الاجتماعي لضمان عدم عرض محتوى غير مناسب لفئات عمرية معينة، بدلاً من الاقتصار على حظره.