"سوق الانتقالات" بين الأحزاب العراقية.. "ميركاتو صيفي" يفجّر الخلافات والانشقاقات

11:39, 8/07/2024
555

عاد موسم الانشقاقات الحزبية في العراق، في ظل تراجع الحوارات السياسية، بالإضافة إلى عدم تمكّن الأحزاب النافذة في تحالف "إدارة الدولة" من التوصل إلى حلول بشأن إشكالات ظلّت عالقة خلال الأشهر الماضية، أبرزها أزمة اختيار رئيس مجلس النواب بعد إقالة محمد الحلبوسي.

 

ورافق الانشقاقات داخل أحزاب عراقية أخيراً، اشتداد الخلافات الداخلية، والتي طفا بعضها للتداول الإعلامي، رغم أن خلافات عميقة أخرى قد تظهر بدورها مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المفترض إجراؤها نهاية العام المقبل.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

ومنذ مطلع العام الحالي، تكرر مشهد الانشقاقات داخل أحزاب عراقية والاستقالات لسياسيين ونواب في كتل برلمانية، كان أبرزها داخل القوى السياسية السنية، إلى جانب كتل شيعية أبرزها "دولة القانون".

 

وأعلن النائب زياد الجنابي و10 نواب آخرين، الشهر الماضي، الانسحاب من حزب تقدم، برئاسة الحلبوسي، وتشكيل كتلة "المبادرة" لحل الأزمة السياسية المتعلقة برئاسة مجلس النواب. وسبق هذا الأمر، انسحابات أخرى من الحزب نفسه.

 

 


تمايز وطبقية


وفي سياق الانشقاقات داخل الأحزاب، أعلنت النائبة عالية نصيف، من ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، انسحابها من الائتلاف. 

 

وقالت في بيان الأسبوع الماضي: "أعلِن خروجي من كتلة دولة القانون، لاختلاف الرؤى السياسية للمرحلة القادمة، وبسبب التمايز الموجود بين أعضاء دولة القانون، خصوصاً بين المستقلين وبين الذين لديهم انتماء حزبي"، وشدّدت على أن "هذه الرؤية موجودة لدى معظم الأعضاء المستقلين"، مضيفة أن "الأيام القادمة ستكشف ما يحصل من تمايز وطبقية داخل الائتلاف".

 

وكشف انسحاب نصيف عن خلافات وانقسامات في وجهات النظر داخل ائتلاف دولة القانون، والذي يعتبر أحد أهم أعمدة "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد، وسط ترجيحات بأن دعوة المالكي، الشهر الماضي، إلى انتخابات برلمانية مبكرة تسببت في خلافات بين أعضاء الائتلاف. 


توديع بـ "حرارة"

 

وتحدثت مصادر سياسية عن انسحابات مرتقبة من التحالف، بالإضافة إلى قوى سياسية سنية، وتحديداً الجهات المتقلبة ما بين الاتفاق مع "الإطار التنسيقي" أو مواجهته سياسياً وانتخابياً.

 

وبحسب المتحدث باسم "دولة القانون"، النائب عقيل الفتلاوي، فإن انسحاب نصيف من الائتلاف يعتبر "مسألة طبيعية"، موضحاً في تصريح صحافي، أن "انسحاب نصيف لا يمكن وصفه بالانشقاق، وإنما هو أمر طبيعي، لا سيما أن هناك نواباً يدخلون إلى ائتلاف دولة القانون وهناك من يخرج منه". 

 

وأضاف أنه "إذا ما خرج ستة نواب أو أكثر، فمن الممكن اعتباره انشقاقاً، أما في حال خروج نائب أو نائبين اثنين، فهذا أمر طبيعي". مبينا أن "دولة القانون يرحب بمن يأتي إليه ويودّع بحرارة من يخرج منه، ولا أحد يدخل الائتلاف إلا لسبب، ولا يخرج منه إلا لسبب آخر".

 

وفي هذا الصدد، كشفت مصادر سياسية، أن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، الذي يتزعم تحالف النصر، داخل "الإطار التنسيقي"، أشار في أكثر من موقف وخلال جلسات خاصة أخيراً إلى أنه "غير مرتاح" داخل التحالف.

 

وأضافت المصادر أن العبادي قد يكون أول المنفصلين عن التحالف مع قرب الانتخابات المقررة نهاية العام المقبل، وقد يتجه نحو تحالفات مع قوى مدنية، وربما يقترب من الصدريين (التيار الوطني بزعامة مقتدى الصدر).


 

مكاسب انتخابية

 

من جانبه، أشار عضو تحالف الإطار التنسيقي، النائب معين الكاظمي، إلى أن "أكثر الأسباب التي تدفع أعضاء الأحزاب إلى مغادرة أحزابهم أو تكتلاتهم السياسية تعود إلى محاولاتهم الحصول على مكاسب انتخابية". مضيفا أن "الانسحابات التي سمعنا عنها مرتبطة بالانتخابات المقبلة، وهي استعدادات مبكرة جداً، بالرغم من أن الانتخابات البرلمانية لن تكون مبكرة".

 

وأوضح الكاظمي أن "التنقلات (بين التحالفات) المبكرة تشير إلى الاستعداد المبكر للانتخابات، وهو أمر طبيعي، لا سيما أن العمل السياسي يهدف في النهاية إلى تحقيق المكاسب التي تخدم الناس".

 

من جانبه، لفت المحلل السياسي العراقي عبد الله الركابي، إلى أن "العمل السياسي في العراق لا يحوي المبادئ والأيديولوجيات الفكرية الحقيقية أو التنظيمات الحزبية الرصينة، بل يعتمد على أنظمة ركيكة تُؤمن بالتجمعات السياسية والكتل والكيانات الانتخابية"، مشيرا الى أن "ذلك يأتي مع تبنّي خطابات سياسية وقتية وأحياناً تحمل غايات طائفية وتحاملا قوميا وغيره".

 

وأوضح الركابي أن الانشقاقات داخل أحزاب عراقية و"التنقلات شيء طبيعي، لعدم وجود التزامات بالمبادئ، والسعي وراء المصالح والمنافع الشخصية، لذلك فإن القاعدة الأساسية في العمل السياسي الحديث (في العراق) تعتمد على اللا مبدأ، على عكس العمل السياسي في مناطق متفرقة من العالم التي يتعهد فيها السياسي بالولاء لحزبه الذي يحوي أفكاراً وطنية".


 

بدوره، بيّن الخبير في الشأن السياسي إياد الدليمي أن "العملية السياسية في العراق، ومنذ تأسيسها عقب الغزو الأميركي للبلاد (في عام 2003)، تعاني من حالة انسداد مزمن وزبائنية بين أطرافها، ساهمت إلى حد كبير في أن تعيش حالة الانسداد المزمن"، لافتا إلى أن "ما نراه من حالة انشقاق بين مختلف الكتل والقوى السنية والشيعية لا ينبع من تغير قناعات سياسية أو رفض أخرى بقدر التعلق بمصلحة آنية لهذا السياسي أو ذاك".

 

واعتبر الدليمي أن "العملية السياسية التي قامت على المحاصصة وصلت إلى مرحلة ترهل وغياب الإيمان بها من قبل الجمهور، إلى الحد الذي أصبح حتى المواطن عندما يسمع بمثل هذه الانشقاقات فإنه يعلق على ذلك مباشرة، كم دفعوا له؟".