بعد شغور دام نحو ستة أشهر، يتواصل الخلاف السني - السني على رئاسة مجلس النواب، الذي شطر المكون إلى نصفين ووسع فجوة الخلاف بين قياداته.
وفشلت القوى السياسية السنية، في اختيار مرشح واحد لمنصب رئيس البرلمان، بعد توجه كتل لانتخاب سالم العيساوي، فيما يصر آخرون على تسليم المنصب لمحمود المشهداني.
ارتفاع حدة الصراع
وبعد جولات التصويت المتعددة شهدت جلسة البرلمان الأخيرة التي عقدت السبت (19 آيار 2024)، ارتفاع حدّة هذه الصراعات حتى تطورت إلى اشتباكات بالأيدي بين النواب في الجلسة، الأمر الذي يؤكد وصول القيادات السنية إلى مرحلة "كسر العظم" بشأن المنصب الشاغر.
ورفع مجلس النواب العراقي، جلسة انتخاب رئيسه، إلى إشعار آخر، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة "حاسمة" ترجح كفة أحد المرشحَين النائب سالم العيساوي عن حزب السيادة، ومحمود المشهداني المدعوم من حزب تقدم، إثر اندلاع مشادة كلامية وتضارب بالأيدي بين نواب من تقدم وزملاء من كتل أخرى.
خلافات عشائرية
وتسببت جلسة انتخاب رئيس جديد للبرلمان، باندلاع خلافات عشائرية بعد أن توعد عدد من أبناء عشيرة النائب هيبت الحلبوسي بالقصاص من النائبيَن أحمد الجبوري ومثنى السامرائي.
وصوت مجلس النواب على مرشحي رئاسة مجلس النواب، إلا أنه لم يحصل أي مرشح على النسبة القانونية (النصف زائد واحد)، أي بواقع 166 صوتا، لتبوُّء هذا المنصب.
وحصل مرشح كتلتي عزم والسيادة، سالم العيساوي على 158 صوتاً ومرشح حزب تقدم الذي يرأسه رئيس مجلس النواب المقال محمد الحلبوسي، محمود المشهداني على 137 صوتاً.
ووضعت المادة 55 من الدستور العراقي، والمادة ثالثاً/ 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب، البرلمانيين في حيرة عند انتخاب رئيس المجلس لكونهما اشترطتا حصول المرشح على النصف زائد واحد من أصوات النواب ليصبح رئيساً للمجلس، حتى وإن حصل المرشح على أصوات أعلى من غيره من المرشحين في نتائج الاقتراع، إلا أنه ما لم يجتَز حاجز الـ "نصف+واحد" لا يُعد فائزاً.
ورفض رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، تقديم أكثر من مرشح في الجولة الثالثة لانتخاب رئيس للبرلمان.
اشتباكات بالأيدي
وشهدت الجلسة تلاسُناً وتشابكاً بالأيدي بين أعضاء القوى السياسية السنية في مجلس النواب، وكان بطل هذه الحادثة هو النائب هيبت الحلبوسي، الذي وصفه الجميع بالبلطجي، بعد أن قام بالاعتداء على النائب مثنى السامرائي.
وأقدم نواب على إثارة ضجة ومنع عقد جلسة الجولة الثالثة لانتخاب رئيس البرلمان، السبت، بعد أن حصد المرشح سالم العيساوي على أصوات أعلى من محمود المشهداني الذي دعمه تقدم لمنصب رئيس البرلمان.
وأدت الضجة الى نشوب خلاف وشجار عنيف بين نواب تقدم من جهة ونواب القوى السنية الأخرى من جهة ثانية، ما أدى الى رفع الجلسة وفشل انتخاب رئيس البرلمان مرة أخرى بعد مرور 6 أشهر دون رئيس برلمان عقب إنهاء عضوية الحلبوسي من المجلس.
القيادي في حزب تقدم أنور العلواني، اليوم الأحد، رفض الاساءة لـرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي وهيئة رئاسة البرلمان.
وقال العلواني إن "التحالف بين الحلبوسي والخنجر سابقا افضى الى منح رئاسة البرلمان للكتلة السنية الاكثر عددا"، مبينا أنه "لا يوجد اي (تخادم سياسي) بين تقدم والمندلاوي".
وأضاف، أننا "نرفض الاساءة للمندلاوي وهيئة رئاسة البرلمان"، لافتا الى أن "جلسة انتخاب (شعلان الكريم) رفعت بعد تهديد المندلاوي".
وكشف، عن "تعميم نواب السيادة (تغريدة) مشابهة لمحتوى رسالة الخنجر بعد دقائق فقط".
خلاف سني - سني بامتياز
في غضون ذلك، أكد النائب عن ائتلاف دولة القانون محمد الشمري، اليوم الأحد، أن الخلاف على رئاسة البرلمان سني سني - بامتياز "ليس مندلاوياً أو إدارياً".
وقال الشمري إن "المندلاوي ادار جلسة انتخاب رئيس البرلمان بحرفية وعدم انحياز"، مبينا أن "المندلاوي كان يسعى لإنهاء ازمة رئاسة البرلمان بالاتفاق مع الاطار التنسيقي".
وأضاف، أن "الخلاف على رئاسة البرلمان سني سني بامتياز لا مندلاوي ولا اطار".
وتابع، أننا "ندعم محمود المشهداني لرئاسة البرلمان "، مشيرا الى أن "مشروع خميس الخنجر غير وجهتنا نحو المشهداني".
ماكنة تحريضية
وكان عضو مجلس النواب محمد نوري عزيز، قد أكد، أن ما وصفها بـ"ماكنة الخنجر الاعلامية التحريضية" أحرقت ورقة سالم العيساوي برئاسة البرلمان.
وكتب عزيز تدوينة على منصة "X" تابعها "سنترال"، انهم "حاولوا كثيرا ان يوهموا النواب ان سالم العيساوي ليس مرشح خميس الخنجر"، مبينا أنه "اليوم يثبت العكس باليقين القاطع من خلال ماكنة الخنجر الاعلامية التحريضية لارغام المجلس لتمرير الصفقة رغما عن الجميع و بأسلوب العفترة".
وأوضح أنه "وبهذه تصرفاتهم احرقوا ورقة سالم العيساوي لتسلم رئاسة مجلس النواب".
دعوات للتهدئة
إلى ذلك، أكد المتحدث باسم تحالف الحسم صلاح الكبيسي، اليوم الأحد، أن العملية السياسية بحاجة إلى تهدئة لتمرير رئاسة البرلمان.
وقال الكبيسي إن "المشاجرات أمر وارد في البرلمانات"، معتبرا "الشجار خلال جلسة الانتخاب يمثل انتكاسة للبرلمان".
وأضاف، أن "العملية السياسية بحاجة إلى تهدئة لتمرير رئاسة البرلمان"، مبيناً أن "المندلاوي قاد جلسة انتخاب رئيس البرلمان بشكل جيد ولم تشهد صفقات وعروضا مغرية".
ولفت الى أن "تغريدة الخنجر المنقولة تعبر عن (ضعف)".
الحل بـ"التوافق"
ودعا الباحث بالشأن السياسي طالب محمد كريم، القوى السياسية للتدخل لحسم رئاسة البرلمان.
وقال كريم إن "حل ملف رئاسة البرلمان يكمن بالتوافق، مشيرا الى أن "الدولة بنيت على أساس التوافق والمحاصصة".
وأضاف، أن "القوى السياسية عليها التدخل لحسم رئاسة البرلمان"، مبينا أن "العلاقة طيبة جدا بين المندلاوي وسالم العيساوي".
دور الإطار التنسيقي
بدوره، أكد الباحث بالشأن السياسي علي فضل الله، اليوم الاحد، أن الإطار التنسيقي بعيد كل البعد عن التدخل في الشأن السياسي السني.
وقال فضل الله إن "تصدير الازمة السنية السنية باتجاه الاطار التنسيقي امر مؤسف"، مؤكدا أن "الاطار بعيد كل البعد عن التدخل في الشأن السياسي السني".
وأضاف، أن "ادارة جلسة البرلمان لانتخاب رئيسه كانت عادلة والمشاحنات بين النواب ادت لتأجيلها"، داعيا الى أن "تكون هناك عقوبات صارمة للجهات التي تعكس نظام جلسات البرلمان".
وتابع، أن "هناك شكوك من بعض الاطراف من نتيجة حسم منصب اختيار رئيس البرلمان"،مشيرا الى أن "هناك تخوف لدى الحلبوسي من نتائج الجلسة الاخيرة لانتخاب رئيس البرلمان".
وأشار الى أن "مخاوف كبيرة وافتعال للازمات رافقت جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب"، مبينا أن "هناك انقسام واضح بين مكونات المكون السني بشأن اختيار رئيس البرلمان".
وأكد "الحاجة الى ايثار من بعض القيادات السنية لتغليب المصالح السنية".