طرأ الغموض على ملف الموازنة المالية العامة لسنة 2025، مما دفع جداولها إلى مصير مجهول بالرغم من التصويت على موازنة ثلاثية في العام الماضي شملت أعوام (2023- 2024-2025)، فيما ترجح اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي وصول جداول الموازنة قبل نهاية العام الجاري.
وتنص المادة 77/ثانياً من قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم 13 لسنة 2023، التي تنظم إعداد الموازنة الثلاثية، على أن "تقوم الحكومة بإرسال جداول الموازنة للسنتين 2024 و2025 إلى مجلس النواب للموافقة عليها قبل نهاية العام المالي السابق".
وفي الأسبوع الأخير، أثار تصريح لعضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، الجدل بعد تأكيده بأن مجلس النواب لم يطلع على أي من تفاصيل جداول موازنة سنة 2025، ولا يعلم ما حجم الموازنة وما نسبة العجز فيها وما تضم من مشاريع وغيرها من القضايا المالية الأخرى.
بالمقابل، توقع عضو اللجنة المالية النيابية معين الكاظمي، تقديم جداول موازنة العام 2025 من قبل الحكومة الى مجلس النواب، قبل انتهاء العام الجاري 2024.
ويقول الكاظمي، إن "الجداول ستقدم على سياق تجربة العام 2024، ويمكن لوزراتي المالية والتخطيط طرح الرؤى عن طريق الصرف الحاصل في المجال التشغيلي والاستثماري".
"جداول الموازنة يجب ان تكون واقعية وبعيدة عن الزيادات غير المنطقية، ومحكومة بالإيرادات النفطية وغير النفطية"، وفق عضو اللجنة المالية النيابية.
ويوضح الكاظمي، ان "موازنة العام 2025 يجب ان تكون مناسبة مع حجم الإيرادات او بزيادة بنسبة 10 بالمائة"، مقدراً "حجم الإيرادات النفطية وغير النفطية بقيمة 150 تريليون دينار عراقي".
العجز الافتراضي 64 تريليوناً
من جانبه، يرى المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن ثوابت الموازنة العامة هي نفسها، فكلما ارتفعت اسعار النفط وتعززت الايرادات غير النفطية من رسوم وضرائب واجور فإن العجز سيبقى تحوطيا.
"كما هو معلوم ان تقديم تقديرات جداول الموازنة العامة الاتحادية للعام 2025 نصت عليها المادة 77/ثانيا من قانون رقم 13 لسنة 2023 الموازنة الثلاثية (2023- 2024-2025)، يقول صالح.
ويضيف صالح، إن "القانون اعلاه يعتمد وللسنوات الثلاث بما في ذلك السنة المالية 2025 ثوابت اساسية منها، تحديد مقدار العجز الافتراضي بنحو 64 ترليون دينار، مع سقف إنفاق يلامس 200 ترليون دينار".
ولما كانت الايرادات النفطية تشكل قرابة 90% من اجمالي الايرادات السنوية، فقد تم اعتماد سعر برميل نفط لأغراض حساب عوائد النفط في الموازنة بنحو 70 دولار للبرميل الواحد وبواقع تصدير 3،4 مليون برميل يومياً، وفق المستشار الحكومي.
ويرى صالح، انه "خلال تطبيق قانون الموازنة للعامين المنصرمين، يمكن القول ان موازنة العام 2023 كانت متوازنة بالغالب اذا كان متوسط برميل النفط المباع هو بنحو 83 دولاراً، وفي هذا العام تمت بعض الافتراضات التكميلية القصيرة الاجل والتي هي بنحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي وهو امر يعد طبيعيا في تمويل عجز جزئي ويتوقع ان يبلغ متوسط برميل النفط السنوي المباع بنحو 75 دولارا".
وفيما يخص السنة المالية 2025، يؤكد مستشار السوداني، أن "الموضوع لم يختلف كثيرا، إذ ان ثوابت الموازنة العامة هي نفسها فكلما ارتفعت اسعار النفط وتعززت الايرادات غير النفطية من رسوم وضرائب واجور فان العجز سيبقى تحوطيا ليس الا".
مع العرض ان توقّعات أسعار النفط لعام 2025 تشير إلى احتمالية تراجع الأسعار بشكل ملحوظ بسبب وفرة العرض، يذكر صالح ويضيف، "تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) أن يكون متوسط سعر خام برنت حوالي 79 دولارًا للبرميل، ما يعكس استقرارًا نسبيًا مقارنةً بأسعار عام 2023، هذا الاستقرار يرتبط بتوازن متوقع بين العرض والطلب العالميين".
وسبق أن حذر المستشار المالي لرئيس الوزراء، في 10 تشرين الأول 2024 من أن العراق قد يواجه أزمة مالية في موازنة عام 2025 بسبب الانخفاض المستمر في أسعار النفط، الذي يشكل المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد.
وفي منتصف تموز الماضي، أثيرت قضية حصول تزوير أو تلاعب في جداول موازنة العام 2024، بين مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء، وهو ما أثار حالة من الجدل والتضارب في البيانات والمراسلات بين الطرفين.
هل يتكرر سيناريو 2024؟
بدوره، يرى الباحث بالشأن الاقتصادي ضياء المحسن، أن سيناريو موازنة العام 2024 لن يتكرر مع موازنة العام 2025، كون موازنة العام الجاري شهدت اختلافات سياسية، واتهامات بالتلاعب.
"العجز في موازنة العام 2025 سيكون موازياً لعجز موازنة 2024"، يقول المحسن ويضيف، إن "حجم الزيادة يتمثل في النفقات التشغيلية، كون 60% من رواتب الموظفين هي من ضمن النفقات التشغيلية".
ويلفت الباحث الاقتصادي الى، أن "العراق يعاني من مشكلة تكمن في عدم تنويع الإيرادات"، مؤكدا أن "90 بالمائة من الإيرادات العراقية تعتمد على النفط فقط".
وعن تأخير جداول موازنة العام 2025، يرى الخبير الاقتصادي أن ذلك التأخير لا يؤثر على رواتب الموظفين، كونها موازنة ثلاثية والرواتب مؤمنة.
يشار الى أن مجلس النواب صوت في 12 حزيران 2023، على قانون الموازنة الاتحادية للأعوام 2023 و2024 و2025، بقيمة 197 تريليونا و828 مليار دينار، بعجز مالي قدره 63 تريليون دينار، أي ما يقارب ثلث الموازنة.
وتضمنت نسخة الموازنة المعدة لثلاث سنوات، العديد من المواد الخاصة بالاقتراض الخارجي، منها الاستمرار بالاقتراض وفقا لاتفاقيات سابقة، إلى جانب اقتراض جديد من مؤسسات دولية وحكومات مختلفة، وقد بلغت بعض أقيام الاقتراض أكثر من 3000 مليار دولار.