تطرق موقع "ذا هيل" الأمريكي، إلى الدور الروسي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، مؤكدا أن حرب موسكو هناك لم تنته بعد.
وذكر الموقع في تقرير له، أنه "في أعقاب الحرب السورية التي استمرت لأكثر من عقد من الزمان، ظهرت معركة جديدة، حيث بعد أسابيع فقط من إسقاط القنابل على مقاتلي "هيئة تحرير الشام الإسلاميين" (الإرهابيين) الذين أطاحوا بنظام الأسد، تتنافس روسيا مع الغرب للتعامل مع الحكومة الجديدة بقيادة الهيئة المذكورة في دمشق، وكانت وتيرة التراجع الروسي عن "هيئة تحرير الشام" التي صنفتها منذ فترة طويلة كمنظمة إرهابية، سريعة".
وتابع، "بينما تواصل وسائل الإعلام الرسمية الروسية إدانة قادة دمشق الجدد باعتبارهم جهاديين متطرفين، أقر مجلس الدوما قانونًا يسمح للمحاكم الروسية بتعليق التسميات الإرهابية" مبينا، إن "القانون يفتح الطريق أمام التطبيع الروسي مع هيئة تحرير الشام، وهي المبادرة التي أعلن عنها الآن رمضان قديروف، رئيس الشيشان المتحالف مع فلاديمير بوتين".
وتساءل تقرير الصحيفة، "ما هو الدافع وراء الكرملين؟ قاعدتان عسكريتان روسيتان قائمتان منذ فترة طويلة في سوريا أصبحتا حيويتين لموسكو التي تزداد مغامرة".
وأكمل، "لم يخف بوتين هذه النوايا، ففي مؤتمره الصحفي السنوي في نهاية العام، أوضح أن روسيا كانت تتفاوض بنشاط مع هيئة تحرير الشام للاحتفاظ بالسيطرة على قاعدتها البحرية في طرطوس وقاعدتها الجوية في اللاذقية، وإذا تباطأت واشنطن في التعامل مع دمشق، فإن الولايات المتحدة تخاطر بالسماح لبوتين بالحصول على أفضل موقف مع ملء الفراغ في السلطة في سوريا".
الولايات المتحدة تروج لرفع العقوبات عن سوريا مقابل مصالح أمنية
بالمقابل، كتب مؤلفو أحدث تشريعات العقوبات في الكونجرس التي تستهدف نظام الأسد السابق، النائب بريندان بويل، رئيس كتلة سوريا الحرة، والنائب جو ويلسون، رئيس اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب بشأن الشرق الأوسط، رسالة تحدد استراتيجية جديدة لسوريا في الأيام التي أعقبت سقوط الأسد، وحثوا وزير الخارجية أنتوني بلينكين ووزيرة الخزانة جانيت يلين ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان على "تبني نهج تدريجي لتخفيف العقوبات، بهدف دفع الحكومة الجديدة بقيادة هيئة تحرير الشام في دمشق إلى الامتثال للمعايير الدولية".
وتابع التقرير، "يروج أعضاء الكونجرس للخطة كوسيلة لتسهيل الاستثمار الدولي وإعادة إعمار سوريا، مع إعطاء الأولوية للمصالح الأمنية الأمريكية".
وأكمل، إن "هيكل الحوافز الذي وضعه بويل وويلسون، بدعم من القوة الاقتصادية الأميركية، من شأنه أن يترك روسيا المرهقة في موقف ضعيف بالتفاوض بشأن قواعدها على الساحل السوري. وحتى الآن، لم تعرض روسيا سوى عرض ضئيل لاستخدام القواعد كوسيلة لنشر المساعدات الإنسانية".
ولفت إلى أن، "تأثير منع موسكو من استخدام قواعدها في سوريا سوف يكون محسوسا في الساحات الجيوسياسية خارج الشرق الأوسط ــ وخاصة في أوكرانيا وفي مختلف أنحاء أفريقيا، حيث تتنافس روسيا بشكل مباشر مع المصالح الأميركية، وتقف الولايات المتحدة على أعتاب جني الفوائد من أي تعطيل للنشاط التوسعي الروسي".
وأشار التقرير إلى أنه "في خضم غزو روسيا لأوكرانيا، وفرت قاعدة طرطوس البحرية لموسكو نقطة ضغط حيوية في البحر الأبيض المتوسط على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلس،. واستخدمت السفن الروسية القاعدة كملاذ من الطائرات الأوكرانية بدون طيار التي استهدفت بنجاح الأصول البحرية الروسية في البحر الأسود وأغرقتها، كانت قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية بمثابة شريان حياة لنفوذ روسيا المتوسع في أفريقيا، من ليبيا إلى العديد من دول جنوب الصحراء الكبرى، كمركز لنشر الأفراد وإعادة الإمداد، وبدون القاعدة، من المرجح أن تضطر روسيا إلى ترقية وجودها العسكري وبنيتها التحتية في ليبيا".
وختم التقرير، "يدرك الكرملين تمام الإدراك ما قد يخسره إذا فشل في تحقيق النصر بالمعركة للتعامل مع الحكومة السورية الجديدة - فقد تكون عقود الإيجار التي منحها الأسد لمدة 49 عامًا لقواعدهم العسكرية غير ذات جدوى حسب نزوة هيئة تحرير الشام، وستكون واشنطن مقصرة إذا لم تستغل بسرعة الفرصة لرفض النفوذ الروسي العالمي".