هاجمت تقارير إيرانية وباحثون إيرانيون، اليوم الأحد، 19 أيار، 2024، الحكومة العراقية ورئيسها محمد شياع السوداني وجهاز الحكومة الدبلوماسي والذي قالوا إنه لديه توجهات معادية لإيران، وذلك عقب قمة الرؤساء العرب في البحرين التي دعا بيانها الختامي طهران إلى إعادة ثلاث جزر تقول عنها طهران إنها إيرانية، إلى الإمارات
وقالت الصحيفة "الأمر المستغرب في بيان هذه القمة العربية هو موقف الحلفاء والاصدقاء الإقليميين لإيران وهما سوريا والعراق"، مضيفة هذا الأمر لفت انتباه المحللين الإيرانيين بشأن موقف الدولتين الصديقتين.
وأشارت إلى سبب قيام الدول الإقليمية أو خارج المنطقة التي تعتبرها إيران أصدقاء لها، مثل الصين وروسيا، أو سوريا والعراق، التوقيع على بيان أنهم يعلمون أن المطالبة الواردة فيه هي من خطوط إيران الحمراء ومن المصالح الحيوية لبلدنا.
والجزر الثلاث هي طنب الصغرى والكبرى وجزيرة أبو موسى التي تطل على الخليج العربي وتخضع لسيطرة إيران وهي تابعة لمحافظة هرمزغان جنوب شرق إيران.
وعقب صدور البيان الختامي لقمة المنامة، رفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، ما يتعلق بالدعوة للتفاوض أو اللجوء إلى المحاكم الدولية لحسم قضية الجزر الثلاث، مؤكداً إن "هذه الجزر جزء لا يتجزأ وأبدي من أراضي الجمهورية الإسلامية".
ونشر سيد حسين موسويان، الدبلوماسي الإيراني السابق، رسالة على منصة "إكس"، "أخبار مفيدة يجب أن نتعلم منها!" بشار الأسد ومعه دول عربية أخرى وقعوا على بيان يؤيد انتماء الجزر الإيرانية الثلاث إلى الإمارات!".
واعتبرت الصحيفة الإيرانية إنه عندما تستضيف الجزائر القمة العربية لا يتم إدراج قضية الجزر الثلاث في البيان الختامي، وقالت "قضية إدراج الجزر بدأت في بيانات مجلس التعاون لدول الخليج منذ عام 1992 وأدرجت كبند ثابت فيها، لكن في اجتماع الزعماء العرب لا يتم مناقشة مسألة الجزر كبند ثابت وخطتها تعتمد على الدولة المضيفة ودرجة زاوية تعاملها مع إيران وعلاقاتها مع الإمارات".
وقالت "في العقود القليلة الماضية، أدرجت هذه القضية في بعض اجتماعات القادة العرب؛ على سبيل المثال، في اجتماع 2018 في جدة بالمملكة العربية السعودية، لكن في اجتماع مايو 2023 للسعودية، لم يتم ذكر مسألة الجزر لأن اللقاء المذكور كان بعد المصالحة بين إيران والسعودية، ولم ترغب الرياض أن تتأثر الأجواء الإيجابية التي تشكلت بهذه الفقرة من البيان".
وأضافت "ولم يتم ذكر هذه القضية في الجزائر عام 2022 أيضاً، وأنه في عام 2008، عندما انعقد اجتماع الزعماء العرب في دمشق، كانت هناك إشارة صريحة إلى قضية الجزر الثلاث، ودعوا إيران إلى حل هذه القضية "سلميا" حسب تعريفهم الخاص، كما أنه لم يعلن في وسائل الإعلام أو من دمشق وبغداد عن استخدامهما حق التحفظ في التصويت على بيان القادة".
وتابعت "وبعد الهجوم الأميركي على العراق، عقد ما يقرب من 20 اجتماعاً للزعماء العرب شارك فيها العراقيون، وإذا صدر بيان يتحدث عن الجزر صوتوا له، وبالطبع، ربما في بعض الحالات، وفي ظل ظروف معينة، قبل العراق البيان مع حق التحفظ، وكما قيل في الاجتماع الطارئ الأخير للزعماء العرب ومجلس التعاون، فإن العراق قبل البيان بتحفظات 3-4 فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل وخطة السلام".
عودة سوريا إلى أحضان العرب
كما توقفت هذه الصحيفة بالتقارب بين سوريا والدول العربية، معتبرة أن تأييد دمشق لهذا البيان هي بمثابة عودة نظام بشار الأسد إلى الحضن العربي.
وقالت "بعد تعليق عضويتها في هذه المنظمة منذ 12 عاما، تشارك سوريا في القمة العربية للعام الثاني، وتفاجئ المحللين بتوقيعها على بيان، لأنه لما يقرب من عقد من الزمن، عندما كانت سوريا متورطة في حرب أهلية وضغوط خارجية لإزالة بشار الأسد، لم تقف إيران إلى جانب سوريا فقط في كبح جماح داعش وتدميرها، ولكن أيضًا من خلال مساعدة حكومة الأسد في وضع كانت الدول العربية في المنطقة ترفضه وتعمل على إسقاطه، مما جعل الأسد واقفاً على قدميه بسبب دعم طهران".
وأضافت "ولكن مع انحسار الأزمة في سوريا، وتدمير داعش، وإرساء الأمن والاستقرار النسبيين في هذا البلد ما بعد الحرب، اليوم فتح بشار الأسد، الذي يسعى بجدية للحصول على المساعدة من بلدان أخرى لإعادة الإعمار، ذراعيه إلى إخوانه العرب".
أخوة أبو ظبي ودمشق
وفيما يتعلق برغبة سوريا في جذب انتباه الإمارات، قالت الصحيفة "تجدر الإشارة إلى أن الإمارات كانت من الدول العربية القليلة التي حافظت على قنوات اتصال سياسية وتجارية مع دمشق منذ الانتفاضات العربية ومشروع الإطاحة بنظام بشار الأسد، وبعد أن تجاوزت سوريا هذه الأزمة كانت أول دولة عربية تعيد العلاقات الدبلوماسية وتعيد فتح قنصلياتها وسفاراتها مع سوريا وأرسلت أول وفد تجاري كبير إلى دمشق، وعلى الرغم من فرض عقوبات قانون قيصر على سوريا، فإن الإمارات تعد واحدة من الحلفاء الأميركيين القلائل الذين يتعاملون مع سوريا، وتشكل هذه القضية عاملاً مهماً لدمشق والنظام السياسي السوري في تحديد اعتبارات سياسته الخارجية وتوجهاتها".
خلفية المطالبة
كما تطرقت الصحيفة الحكومية الإيرانية إلى المطالبة بالجزر الثلاث، وقالت "لقد مضى وقت طويل منذ أن قامت دولة الإمارات العربية المتحدة، ومركزها أبو ظبي، بتصميم وتنفيذ مشروع سياسي بآليات قانونية واقتصادية وفنية فيما يتعلق بالجزر الثلاث، وفي العام أو العامين الماضيين، وقعت الصين وروسيا أيضاً على بيانات طُلب فيها من إيران إيجاد "حل سلمي" فيما يتعلق بالجزر الثلاث، هذا على الرغم من أن هذه الجزر جزء لا يتجزأ من إيران، وبما يعتبر سلامة أراضينا، لا يوجد سبب يدعو إيران إلى الرجوع إلى محكمة العدل الدولية أو غيرها من السلطات القضائية الدولية".
وأضافت "وفي الواقع فإن مطالبات دولة الإمارات العربية المتحدة ضد جزر إيران الثلاث لا علاقة لها باليوم والأمس، وهذه المطالبات تثار منذ بداية تكوين الإمارات، أي عام 1971 وحتى اليوم".
وقالت "أن الإمارات في السنوات السابقة لم تكن قادرة إلا على ربط عدد قليل من الدول العربية والغربية بمطالبها، لكن اليوم انضمت روسيا والصين وحتى سوريا والعراق إلى هذا البلد بطريقة أو بأخرى، وفيما يتعلق بجهود دولة الإمارات بشأن المناقشات المزعومة حول الجزر الثلاث وجلب بعض الدول معها، ينبغي لإيران التأكيد على مبدأ احترام وحدة أراضي الدول وثبات حدودها وسيادتها الوطنية على هذه الجزر، وتوضيح ذلك لمختلف الدول التي إذا انضمت إلى مطالب الإمارات، فإنها سوف تشكك في احترام السلامة الإقليمية للدول كمبدأ أساسي في القانون الدولي".
عدم رفض سوريا للبيان
وتقول الصحيفة التي تحدثت إلى خبراء إيرانيين إن السؤال المهم هو "لماذا وقعت سوريا بقيادة بشار الأسد، المعروف كحليف لإيران، على هذا البيان؟".
وقال علي رضا مجيدي، الباحث في القضايا الإقليمية، "إن قضية الجزر الثلاث تطرح في قمم الجامعة العربية منذ سنوات. وبطبيعة الحال، عندما تستضيف دول الخليج الفارسي القمة، يتم التركيز على هذه القضية بشكل أكبر، ولكن، على سبيل المثال، عندما تكون دول مثل الأردن أو الجزائر مضيفة، لا يكون هناك تركيز كبير على قضية الجزر".
ويوضح مجيدي "عندما شاركت سوريا في قمة جدة العام الماضي بعد 12 عاماً من تعليق العضوية، كانت لديها آمال كبيرة في دخول الأموال العربية إلى سوريا والمساعدة في إعادة بناء هذا البلد؛ ولكن هذا لم يحدث".
وأوضح "اليوم، وفي أجواء معركة طوفان الأقصى، تريد سوريا أن تظهر وجهها بشكل مختلف، وأن تظهر أن سوريا لا تُعرف بالمقاومة، كما أنه لم يتم عقد ولو لقاء واحد بين قادة المقاومة في سوريا خلال هذه الفترة".
وبين أن كل الدول التي حضرت قمة المنامة وقعت على هذا البيان، وأضاف مجيدي: "سورية شاركت في قمة كادت أن تعرف ما هي المواضيع التي ستطرح فيها، بالنظر إلى الدولة المضيفة، لكن الواقع أنه في هذا الوضع، عليها أن تفعل ذلك، وأن تلعب دوراً في إصدار البيان".
وأوضح الباحث في القضايا الإقليمية: "طبعاً تجدر الإشارة إلى أنه لم يُملى جيداً على دمشق أن مسألة الجزر الثلاث هي خط أحمر بالنسبة لإيران".
وفي معرض حديثه عن العلاقات بين طهران ودمشق، قال مجيدي "العلاقات عام 2024 لا تشبه تلك العلاقات عام 2014 أو 2018"، مضيفاً "اليوم أصبحت أجواء العمل خارج الإطار الإيراني في دمشق جريئة لبعض الأسباب".
وأضاف: "في السنوات الماضية، صد وجود إيران التهديد الأمني المباشر لدمشق وضمن أمن ذلك البلد، لكن اليوم أصبح العكس وأدى وجود إيران إلى أحداث أخرى في هذا البلد، أي أن وجود إيران أدى إلى تهديدات عسكرية لسوريا من إسرائيل وتهديدات اقتصادية من أمريكا، ومن الجانب السياسي فإن العرب يضغطون على سوريا".
الدبلوماسية العراقية معادية لإيران
وردا على سبب توقيع العراق على هذا البيان، قال مجيدي أيضا: "إن الحكومة العراقية، وخاصة الجهاز الدبلوماسي العراقي، لها توجهات معادية لإيران ولا تعلن ذلك لاعتبارات داخلية".
وأضاف "لكن يجب أن نشير إلى أن الحكومة الشيعية بزعامة محمد شياع السوداني هي حكومة مناهضة لإيران، وسيكون من المفاجئ عدم توقيعها على البيان".
كما أوضح سعد الله زارع، الخبير في قضايا غرب آسيا، سبب توقيع سوريا على هذا البيان: "لا ينبغي أن نعتقد أنه في قمم قادة الجامعة العربية، إذا تم التوقيع على بيان، فإن كل عضو في ذلك البيان سوف يقرأ البيان أو كان لها دور في كتابة محتوياتها".
وتابع زارعي: "في هذا الصدد، دولة مثل سوريا لا علم لها بمضمون هذا البيان، وأمانة المجلس هي التي أعدته، ولم يكن لدولة مثل سوريا أي تدخل في إصداره”.
وأضاف: "سورية إما لا ينبغي أن تشارك في الجامعة العربية، أو عندما تشارك عليها أن تلتزم الصمت أمام الجمهور". وبحسب هذا الخبير فإن ما يسمى بالتوقيع على البيان لا يعني أن جميع الأعضاء موافقون على بنوده، وهذا المناقشة المزعومة للجزر الثلاث أثيرت في اجتماعات الجامعة العربية منذ فترة طويلة، وسوريا لا خيار سوى قبول ذلك.