"شلل" تشريعي يطوّق البرلمان العراقي.. قوانين مصيرية بانتظار الفرج
رواتب مؤمّنة وخطة للتحول الرقمي... العراق يواجه أزمة السيولة بثقة وإصلاحات
إحصائية: العراق استورد زيتونًا أسود بقيمة 23 مليون دولار من تركيا
منتسبو الحشد بانتظار العدالة المؤجلة.. الصراع الانتخابي والسياسي يؤجل إقرار قانون الهيئة
أزمة رواتب كردستان تتفجر من جديد.. هل تقطع حبل الود مع بغداد؟
في ظل الأزمات التي يشهدها العراق، أثرت الزحامات المرورية بصورة كبيرة على المواطنين ماديا ومعنويا، إذ تخسر السيارة الواحدة 572 لتر وقود سنوياً في بغداد نتيجة وقوفها في الزحامات التي تملأ شوارع العاصمة، بحسب إحصائيات.
وفي العاصمة بغداد وحدها، توجد حوالي مليونين وأكثر من 500 ألف سيارة، ليخسر المواطنون في اليوم الواحد، ملايين اللترات من البنزين، بسبب وقوف سياراتهم طويلاً في الاختناقات المرورية التي تشهدها العاصمة.
وعن تأثير الزحامات من الناحية الاقتصادية على المواطن، قال الباحث الاقتصادي منار العبيدي، إنّ "من اهم تأثيرات الازدحام في بغداد هو التأثير الاقتصادي للوقود المستهلك الضائع نتيجة الازدحامات".
وأضاف، أنَّ "هذه القيمة من الضائعات قادرة على إنشاء أكثر من 11 ألف كم متر من الشوارع التي من شأنها تقليل ضياع الوقود، وبالتالي ضياع أموال المواطن العراقي والدولة العراقية التي تستورد سنويا بحدود 3 مليار دولار من البنزين بالاضافة الى البنزين المنتج محليا".
ورأى العبيدي، أن الدراسة التي نُشرِت تشير إلى أنَّ "السيارة الواحدة في بغداد والتي لديها خط سير يومي يصل إلى 20 كم (ذهابا وايابا) تخسر سنويا بحدود 572 لتر، وبقيمة 314 ألف دينار عراقي، فضلاً عن نسبة التلوث المرتفعة نتيجة هذا الازدحام".
وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن "الحكومة العراقية لا يمكنها أن تتعذر بعذر عدم وجود تخصيصات مالية لإنشاء الطرق، لأن هيئة الطرق والجسور قادرة على الاقتراض من المصارف الحكومية مبالغ لإنشاء هذه الطرق مقابل جعلها طرقاً مدفوعة الثمن بأسعار زهيدة جداً لا تتجاوز الـ 1000 دينار عند مرور السيارات خلالها، ويمكنها تسديد قيمة القرض من هذه المبالغ والتي سيدفعها صاحب السيارة لتقليل مقدار استهلاك الوقود والاستهلاك الكلي للسيارة خلال فترة عملها"، مؤكدا أن "هذا الأمر سيسهم بتقليل استهلاك الوقود وتقليل الحاجة إلى استيراد الوقود من الخارج".
وتابع أنَّ الجدول يوضح أن "قيمة ضائعات الوقود للسيارات في العراق نتيجة الازدحام كحد أدنى هي 495 مليار دينار عراقي سنويا".
من جهته، أكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، أن "الازدحامات المرورية تمثل تحدياً كبيراً أمام الاقتصاد الوطني العراقي، إذ "تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على سوق العمل ومستوى الإنتاجية".
ونقل بيان صادر عن مركز حقوق الإنسان، عن الغراوي، قوله إن "الدراسات تشير إلى أن العمال يقضون جزءاً كبيراً من وقتهم عالقين في الازدحامات بدلاً من أن يكونوا منتجين في أماكن عملهم"، مبيناً: "وفقاً لتقرير صادر عن INRIX Global Traffic Scorecard لعام 2023، يخسر الموظفون في المدن الكبرى حوالي 100-150 ساعة سنوياً بسبب الازدحامات المرورية. وهذا يعادل خسائر اقتصادية تتراوح بين 2% إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول".
وأضاف الغراوي أن "في العراق، يستهلك الازدحام المروري كميات كبيرة من الوقود، ما يؤدي إلى ارتفاع نفقات النقل والخدمات اللوجستية، حيث تشكل هذه التكاليف عبئاً إضافياً على الأفراد والشركات"، وأن "التقديرات تشير إلى أن التكلفة الاقتصادية للازدحام المروري في المدن الكبرى قد تصل إلى 1-2 مليار دولار سنوياً بسبب الوقت المهدور، واستهلاك الوقود، وصيانة البنية التحتية".
الغراوي أكد أن الازدحامات المرورية في العراق "تجعل الوصول إلى أماكن العمل أكثر صعوبة، مما يقلل من كفاءة استخدام الموارد البشرية ويؤدي إلى انخفاض ساعات العمل الفعلية".
وتشير إحدى الدراسات الصادرة عن البنك الدولي، أن العامل الذي يعاني من تأخيرات يومية تصل إلى ساعة كاملة بسبب الازدحام يكون أقل إنتاجية بنسبة 15% مقارنة بغيره، كما يؤدي التأخير بسبب الازدحامات المرورية في حركة البضائع والخدمات إلى تعطل سلاسل التوريد، ما يقلل من القدرة التنافسية للشركات، خاصة تلك التي تعتمد على النقل السريع"، بحسب المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان.
ووفق المركز، فإن "تقارير اقتصادية تظهر أن الشركات تخسر حوالي 10-20% من فرص الأعمال بسبب تأخر عمليات التسليم".
ومضى الغراوي بالقول، إن "الازدحامات المرورية تساهم في زيادة انبعاثات الغازات الناتجة عن توقف السيارات لفترات طويلة وتسهم في ارتفاع معدلات التلوث البيئي، مما يؤدي إلى زيادة العبء الصحي والتكاليف الطبية على الأفراد والحكومات، وتشير دراسات الأمم المتحدة إلى أن المناطق ذات الازدحام الشديد تسجل زيادة في الأمراض التنفسية بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالمناطق الأقل ازدحاماً".
وأردف أن "السكان في العراق يعانون من أكثر من 3 ساعات يومياً في الازدحام في بعض المناطق، ما يرفع التكاليف الفردية للنقل بنسبة 40%".
بدوره، عزا المختص المروري اللواء المتقاعد عمار وليد الخياط اسباب تفاقم الزخم المروري في العاصمة بغداد إلى "عدم استيعاب شبكة الطرق أكثر من 700 الف مركبة، في حين أن عددها حاليا يقارب الـ3 ملايين مركبة".
وأضاف الخياط، أن "فتح الطرق ورفع نقاط التفتيش لن يخفف من الزخم بوجود هذا العدد الهائل من المركبات، إضافة إلى توقفها في الأماكن الممنوعة والقطوعات المفاجئة للشوارع الرئيسة في العاصمة"، مشيرا إلى أن "هذا الزخم سيزداد في حال عدم إنشاء شبكة طرق جديدة".
ووضعت خطة التنمية الوطنية 2018 ـ 2022 هدفا لتنفيذ نظام السيطرة المرورية بصورة متكاملة ودقيقة.