يوم النصر في العراق.. ملحمة التحرير وصناعة المجد الوطني

اليوم, 12:55
1 141

في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2017 أعلن العراق رسمياً انتصاره الكامل على تنظيم داعش الإرهابي، بعد معارك استمرت أكثر من ثلاث سنوات، واستُعيدت خلالها الأراضي التي اجتاحها التنظيم في واحدة من أكبر المعارك التي شهدها العالم خلال العقدين الأخيرين. جسّد هذا اليوم تحوّلاً تاريخياً عميقاً للدولة العراقية، ونتيجة مباشرة لوحدة الشعب، وصلابة القوات الأمنية، والدور المركزي للحشد الشعبي الذي أصبح ركيزة أساسية في معادلة التحرير.


جذور الانتصار.. الفتوى التي غيّرت مسار التاريخ

بدأت ملامح النصر منذ اللحظة التي صدرت فيها فتوى الدفاع الكفائي من المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف. فقد أطلقت الفتوى استجابة جماهيرية واسعة تحولت إلى قوة منظمة تحت مسمى الحشد الشعبي، الذي لعب دوراً محورياً في وقف الانهيار الأمني وبناء خط الدفاع الأول بوجه تمدد الإرهاب.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل


لم يكن الحشد الشعبي قوة طارئة، بل أصبح منذ الأيام الأولى حجر الأساس في تثبيت الجبهات، وتأمين المدن، وفتح الطريق أمام الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب للبدء بعمليات التحرير. لقد مثّل الاندفاع الشعبي نحو ساحات القتال حالة تعبئة وطنية شاملة، تجلت فيها أواصر الوحدة بين أبناء العراق من مختلف المحافظات والمذاهب.


شهدت السنوات 2014–2017 واحدة من أعقد الحروب العسكرية في العالم، قاتل فيها العراقيون في بيئات حضرية شديدة الخطورة، من أزقة الرمادي إلى أحياء الموصل القديمة.

وبرز الحشد الشعبي على نحو واضح في إدارة المعارك البرية، خاصة في جبهات بيجي، تكريت، آمرلي، الفلوجة، وعمليات غرب الموصل والحدود العراقية–السورية.

وقد أسهمت القوات الأمنية المشتركة في:

فك الحصار عن المدن المحاصرة وإنقاذ آلاف العوائل.

مساندة الجيش في التقدم الميداني وفتح المحاور الجغرافية الصعبة.

مسك الأرض بعد التحرير ومنع تسلل عناصر التنظيم.

توفير غطاء ناري واستطلاع ميداني ساهم في تقليل الخسائر البشرية.


كما شهدت القوات العراقية تنسيقاً استثنائياً بين الجيش، مكافحة الإرهاب، الشرطة الاتحادية، الرد السريع، والحشد الشعبي، مما أسس لنموذج قتالي متكامل قلّ نظيره في المنطقة. هذه المنظومة، التي عملت بتنظيم دقيق رغم تعقيد الجبهات، استطاعت قلب موازين الحرب وتحويل الانكسار الأول إلى انتصار كامل.


 ما بعد النصر.. مسؤوليات الدولة والحشد في حماية المكتسبات

مثّل إعلان النصر نهاية مرحلة وبداية أخرى أكثر تعقيداً، إذ برزت تحديات إعادة الإعمار، وعودة النازحين، وتعزيز الأمن في المدن المحررة.

وفي هذا الإطار، تولّى الحشد الشعبي مهام مهمة في مسك الحدود الغربية لمنع عودة التنظيم وتطهير القرى من الخلايا النائمة وتأمين طرق الإمداد، فضلاً عن المشاركة في التخفيف الإنساني للمدن المتضررة وتقديم الدعم اللوجستي.


ومع أن النصر تحقق بتضحيات كبيرة—آلاف الشهداء والجرحى—إلا أن رمزية يوم النصر باتت اليوم عنواناً لوحدة وطنية راسخة، ورسالة بأن العراق، مهما اشتدت الظروف، قادر على حماية نفسه وتعزيز سيادته بقوة مؤسساته الأمنية وإرادة شعبه.