في السنوات الاخيرة الماضية ومع ثورة السوشيال ميديا، باتت حفلات التخرج الجامعية لطلبة المراحل الأخيرة، تثير جدلاً واسعاً في المجتمع العراق بين مؤيد ومعارض، إثر ما تتضمنه من رقص وغناء، مع ما يرافقها من أزياء وظواهر يعدّها البعض دخيلة على المجتمع العراقي.
وبعد سنوات طويلة من التعب وسهر الليالي لنيل الطالب شهادة أكاديمية تؤهله لممارسة مهنته، يبادر الكثير من الطلبة إلى إقامة حفلات تخرج، تيمناً أو فرحاً بنهاية مسيرتهم التعليمية، إلا أنَّها تشهد ممارسات يرى كثيرون أنها خرجت عن المألوف بالملبس، والمظهر، والرقص، والغناء، وغيرها.
ويتداول في مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر مقاطع فيديو لهذه الحفلات التي يحييها طلبة الجامعات وهم يرقصون تعبيراً عن سعادتهم بالتخرج، لكنها لقيت انتقادات واسعة على صفحات مواقع التواصل خصوصاً أولئك الذين يتمسكون بالتقاليد الاجتماعية.
وفي هذا السياق، رأى الخبير التربوي، حيدر الموسوي، أن "ما يحصل في حفلات التخرج هو جديد على الجامعات العراقية، صحيح هي فرحة لكن لا بد أن تقام وفق طرق مناسبة، ما يستدعي من وزارة التعليم والأسر التدخل لوضع ضوابط لها".
وأضاف الموسوي، أن "من يتحمل المسؤولية الأولى هي رئاسة الجامعات وعمادة الكليات، وعلى وزارة التعليم أن يكون لها إجراءات وموقف حازم تجاه هذه التصرفات عبر إصدار لوائح وتعليمات لتنظيم الاحتفالات، لتكون هناك احتفاليات مركزية وإجراءات ثابتة تُتابع من قبل رئيس الجامعة وعميد الكلية".
وحث الخبير التربوي، الأسر على متابعة أبنائها الطلبة وتقديم النصح لهم، وهذا ما على رئيس القسم وأساتذة الجامعات فعله أيضاً، لأجل الانتهاء من تلك التصرفات الدخيلة على المجتمع".
تصرفات فردية
مراقبون بدورهم رأوا أن هكذا ممارسات دخيلة لا تمت بصلة للعلم والمعرفة، وهي مضيعة للدوام ومنبوذة عند كثير من الطلاب، كما هو موقف الطالبة شروق حسين من جامعة بغداد من هذه الحفلات.
شروق حسين، وهي على أبواب التخرج، أكدت رفضها الرقص والغناء والحفلات الصاخبة التي تحدث في حفلات التخرج، لكن في المسرح عند التقاط الصورة الجماعية قد تظهر تصرفات فردية من بعض الطلاب، ما يعم على الجميع".
وأكدت حسين، أن "أغلب الطلبة يرفضون ما يتداول على مواقع التواصل من الرقص والغناء في حفلات التخرج، بل يكتفون بالحفل المركزي الرسمي الذي تقيمه الجامعة".
من جهتها، قالت الباحثة الاجتماعية، رقية سلمان، إن "حفلات التخرج تنظم لها فعاليات وكرنفالات متنوعة، لكنها أخذت تتجاوز الاحتفال الرسمي المألوف برقصات وحركات معيبة وألفاظ وملابس لا تليق بمتخرج جامعي يمثل فئة معينة في المجتمع".
وأوضحت سلمان، أن "المجتمع العراقي شرقي ومحافظ، لذلك على الطلبة الابتعاد عن تلك السلوكيات في حفلات التخرج وأن يكونوا قدوة للآخرين الذين ما يزالون في مراحل الدراسة، وأن تكون فعاليات التخرج جميلة ومعبرة وهادئة وذات حس وطني تليق بهذه المناسبة".
موقف الوزارة
بدوره، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، نعيم العبودي، في فيديو نُشر على مواقع التواصل، أمس الأول "عدم وجود أي نموذج في كليات العالم الأوروبية أو غيرها في دول العالم، تفعل ما تقوم به بعض الكليات العراقية في حفلات التخرج، كما أن الطالب سوف يخجل من نفسه في المستقبل لمشاركته بهكذا حفلات".
وفي هذا الجانب، قال المتحدث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيدر العبودي، إن "سياق تسمية حفلات التخرج باسم دورات التخرج، وتوقيتات التخرج الرسمية بالجامعات، تقر في هيئة الرأي، التي هي أعلى سلطة في الوزارة، والجامعات تعمل وفقاً لذلك".
وأضاف العبودي، أن "حفلات التخرج الرسمية التي تأتي ضمن هذا السياق والتي تقام داخل الجامعات، يحضر نسبة منها الوزير ورؤساء الجامعات والشخصيات المجتمعية والنيابية، وتقام فيها طقوس رسمية ويُردد فيها القسم، فهذا الجو الرسمي مسؤولة عنه وزارة التعليم من حيث سياقاته وتفاصيله".
وتابع بالقول "لكن ما نراه من سلوكيات فردية للمجموعات في حدائق عامة أو قاعات أو باحات خارجية، هذه يتحملها القائمون عليها وليس وزارة التعليم، فالمتخرج الجامعي الذي عمره بحدود 24 عاماً يتحمل مسؤولية تصرفاته وما يترتب عليها من آثار سلوكية وقانونية".