زواج "الفصلية".. قصص مأساوية ضحيتها عراقيات قدمن "قرابين" لافتداء عشائرهن

مازال زواج "الفصلية" الذي يعود تاريخه إلى ما قبل الحضارة والتمدن في العراق، معمولا به في عدد من مناطق البلد لاسيما الوسط والجنوب باستثناء بعض العشائر الذي بدأت تتخلى عن هذا الموروث الذي ذهبت ضحيته كثير من النساء العراقيات اللائي لا ذنب لهن سوى اقتراف ذويهن جرائم وأخطاء ضد عشائر أخرى وتقديمهن "قرابين" لإنهاء النزاع والصلح.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

وتروي قصتها التي حدثت في إحدى قرى محافظة المثنى قائلة: "كنت في السابعة عشرة من عمري حين دخلت عشيرتي في نزاع مسلح مع عشيرة أخرى مجاورة، تورط أخي في قتل شخصين من أسرة واحدة".

"خادمة" في بيت زوجها

وتضيف أم أحمد: "هذا الأمر حوّل حياتنا إلى جحيم، قبل أن يتدخل بعض الوسطاء الذين اقترحوا تزويجي أنا وشقيقتي لأقارب المقتولين كفصلية"، موضحة أنها تحولت إلى خادمة في بيت زوجها الذي لم تشعر يوما أنه يعاملها كزوجة.

وتتابع: "على الرغم من معاناتي معه إلا أنني أنجبت منه طفلين قبل أن يتوفى في حادث مروري، ما دفعني بعدها إلى الانتقال للعيش في بغداد مع أطفالي"، مبينة أنها دفعت شبابها ضحية للأعراف العشائرية التي كانت وما تزال أقوى من القانون، بحسب قولها.

أما الناشطة في مجال حقوق المرأة، سلوى الشمري، فتؤكد أنها اختارت أن تكون الصوت المدافع عن النساء لكثرة ما رأته ورصدته من مآسيهن داخل عشيرتها وخارجها.

وتوضح الشمري، أن "أسوأ ما يمكن أن تتعرض له المرأة هو تقديمها كديّة لذوي المقتول لتدفع ثمن خطأ لم ترتكبه"، معبرة عن أسفها لاستمرار هذه التقاليد في كثير من عشائر جنوب العراق في ضرب واضح للقوانين.

نساء "تهرب" إلى مكان مجهول

ولا تخفي الناشطة أن هذه الأعراف تسببت في تدمير عدد كبير من الأسر التي تضطر بعض نسائها إلى الهروب لمكان مجهول للتخلص من وبال الفصلية الذي أزهق أرواح عدد غير قليل من العراقيات، مبينة أن متابعتها لهذا الملف، مكنتها من الوقوف على قصص شابات في العقد الثاني من العمر أرغمن على الزواج برجال تجاوزوا الخمسين من أعمارهم.

وانتقدت الشمري صمت الجهات المختصة عن هذه الزيجات التي تعد سببا رئيسيا لتفكك الأسرة العراقية، مطالبة بإصدار قوانين لا تمنع زواج الفصلية فحسب، بل تحول دون زواج الشابات الصغيرات والقاصرات من كبار السن.

وهذا ما يؤيده المحامي حسن التميمي، مؤكدا أن "زواج الفصلية أو الدية ممنوع وفقا للقوانين العراقية، لكن بعض العشائر ما زالت تعمل به بشكل يتناقض مع القانون".

يشار إلى أن زواج "الفصلية" المنتشر في مناطق بدوية وريفية بالعراق يتم بعد حدوث جرائم القتل، ويقضي بتزويج ابنة أو شقيقة القاتل لشخص من أقارب المقتول كدية لإنهاء النزاع بين الطرفين.