رواتب "زهيدة" وحقوق "ضائعة".. القطاع الخاص في العراق يزيد متاعب المرأة ويستغل حاجتها للعمل

11:25, 29/02/2024
50

أنجبرت اوافق” هكذا بدأت سجى كاظم (32) عاما، تروي قصتها عن قبولها العمل بشروط قاسية وبراتب زهيد يكاد يكفي لمصرفها الشخصي ونفقة اطفالها في الحضانة. 

بالاضافة إلى الظروف المجتمعية والعائلية، تواجه المرأة تحديات بمجال عملها كثيرة حيث تتحدى المجتمع وتنزل للميدان حتى تتمكن من الاعتماد على نفسها وتكوين مستقبلها، لكن الكثير حتى الان يعتبر المرأة التي تعمل في السوق امرأة ضعيفة ولا تملك ادنى حقوق في الدفاع عن نفسها وان حقوقها متساوية مع الرجل في الميدان العملي.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

وتقول سجى كاظم، “بدأت حكايتي عندما تعرض زوجي الى ظرف صحي منعه من الذهاب الى عمله واصبح عاجز ولا يملك سوى راتب الرعاية الاجتماعي الذي لا يتعدى الـ170 الف ولا يكفي لاحتياجات المنزل”.

وتضيف: “بسبب ظرف زوجي اصبحت ابحث في مواقع التواصل الاجتماعي والاماكن القريبة من منزلي عن فرصة عمل مناسبة اعيش منها بكرامة انا وعائلتي، لكن جميع الفرص التي وجدتها برواتب قليلة جدا وبساعات عمل تتجاوز الـ 8 ساعات يوميا”.

وتتابع: “عندما علم المدير بحاجتي للعمل اصبح يوما بعد الاخر يزيد بالمهام المنوطة الي وبرواتب تقل عن باقي المتواجدين وعلى الاخص “الذكور منهم”، وتستدرك بالقول: “وهكذا انا اكمل عامي الاول معهم وبنفس الراتب القليل بسبب حاجتي انا وعائلتي الى الاموال”.

حلول ومعالجات

الباحثة الاجتماعية والنفسية ايناس هادي سعدون، تشير إلى أن “المضايقات التي تتعرض لها المرأة في المؤسسات، وخاصة في القطاع الخاص، أمرًا يستدعي الاهتمام والتدخل الفوري لضمان حقوقها وسلامتها النفسية والمهنية”.

وتؤكد، أنه “لحل هذه المشكلة يجب إنشاء سياسات داعمة اي تضع المؤسسات سياسات صارمة لمكافحة المضايقات والابتزاز الجنسي، وتحديد العقوبات المناسبة للمخالفين”، بالإضافة الى أنه “يجب توفير برامج توعية وتدريب للموظفين حول أهمية احترام حقوق النساء وضرورة العمل في بيئة عمل آمنة وصحية”.

وتضيف هادي، أن “على المؤسسات تعزيز ثقافة التنوع والمساواة في العمل، وتوفير فرص متساوية للتطوير المهني والترقي للجميع بغض النظر عن الجنس”، لافتةً الى أنه “يجب تشجيع الموظفات على التبليغ عن أي حالات مضايقات أو ابتزاز، وضمان تقديم الدعم اللازم لهن ومتابعة الشكاوى بشكل جدي وفعال”.

أما الخبير القانوني محمد السلامي يلفت الى أن “قانون العمل لا يسمح بالعمل لأكثر من 8 ساعات بأجور كاملة، وما يحصل من خرق لقانون العمل فهو بسبب الحاجة وقبول العمل من قبل بعض السيدات بسبب حاجتهم الملحة الى العمل لساعات طويلة لا تتطابق مع قانون العمل”.

ويوضح السلامي، أن “عدم الشكوى والصمت من قبل المرأة التي تتعرض الى مضايقات ومساومات بالإضافة الى الاخرى التي يتم استغلالها بساعات عمل طويلة وراتب قليل غير صحيح ولا يجب السكوت عنه”.

وبحسب قانون العمل العراقي المادة 59، فأن المشغل ملزم بـإعلام العامل عن العناصر المكونة لأجره قبل التعاقد معه وخصوصاً المخصصات وآلية احتساب بدل العمل الإضافي وغيرها من الزيادات أو الاستقطاعات ومدد الدفع وطريقته ومكان ويوم دفعه ويجب إبلاغه بالمعلومات ذاتها كلما طرأ تغيير على عناصر أجره.

كما أنه لا يجوز أن تزيد ساعات العمل عن الثماني ساعات في اليوم والـثماني وأربعين ساعة في الأسبوع وفقاً للمادة 67 (1) لقانون العمل، مع مراعاة استثناءات عديدة يفصلها القانون، كما يفرض القانون استراحة أثناء ساعات العمل ما بين نصف الساعة أو ساعة وفقاً للمادة 68 (1). أما إذا تجاوزت ساعات العمل الوقت المحدد قانونياً، فللعامل أجر إضافي.

وبشأن ساعات العمل ومقدار الراتب، يبين المحامي احمد الباوي، أنه “تم اقرار قانون من قبل مجلس النواب العراقي يخص العمل والضمان الاجتماعي لمعالجة الكثير من المشاكل خاصة مقدار الراتب”.

ويضيف: ” لكن حتى الان لم يتم التصويت عليه وفي حال تم اقراره وتنفيذه سينعكس بشكل ايجابي على شريحة كبيرة من موظفين القطاع الخاص لضمان حقوقهم ومنع استغلالهم”.

أما الباحث الاجتماعي عباس الجبوري، فيرى بأن “الكثير من المؤسسات تأخذ من حق المرأة ولا تعطيها اجورها الحقيقية وفق المهام التي تقوم بها، حيث يتم استغلالها بساعات عمل طويلة وراتب قليل مستغلين بذلك الفرص القليلة وحاجتها الى العمل”.

ويضيف أن “الكثير من النساء يحتجن الى العمل لاسيما التي توفي زوجها وتعمل على تربية اطفالها، فهي تكون بحاجة ماسة الى الراتب الذي تستطيع من خلاله اعانة اسرها”.

ويشير الجبوري، الى أنه “يجب ان يتم وضع ضوابط على القطاع الخاص لتحديد ساعات العمل والاجور واعطاء الحقوق كاملة للمرأة وبمساواة مع زملائها من “الذكور”، بالإضافة الى تسجيل العاملين بالضمان الاجتماعي لضمان حقوقهم”.

عمل اضافي “مجاني

ماكو شي اسمه أجور اضافية”، تقول ميسم حسن (29) عاما التي تعمل في احدى شركات الادوية بالعاصمة بغداد، إنه “منذ عام ونصف وانا اعمل بالشركة وملتزمة بالوقت والعمل بسبب حاجتي الماسة الى العمل حتى لا افقده، لكن طمع اصحاب العمل يجعلني يوما بعد الاخر اقرر ان اترك العمل لتعديهم على الاتفاق المبرم بيننا بشأن ساعات العمل، حتى في بعض الاحيان اعمل بعد انتهاء الدوام بالمنزل”.

وتضيف حسن أن، بعض الشركات تمنح الموظفين العاملين فيها أجوراً مقابل ساعات العمل الإضافية وفق بنود واضحة في عقود العمل، لكن في هذه الشركة الاجور الاضافية يتم اعطائها بما اسمته بـ “المزاجية”، فتارة يتم منحي زيادة بسيطة على الراتب لعملي لساعات اضافية وتارة اخرى يتم تجاهل الامر من قبل الادارة”.

ويحدد قانون العمل، 40 ساعة في الأسبوع للنساء والرجال على حد سواء، موزّعة على 5 أيام من الأحد وحتى الخميس، بمعدل 8 ساعات يومياً، أما في القطاع الخاص فيكون العقد هو المُلزم للطرفين، وفي حال الإخلال به من الممكن إقامة دعوى في وزارة العمل، في حال كانت العاملة تجاوزت سن البلوغ.