عبر "سنترال".. والد حسين المسجون في السعودية يروي تفاصيل القضية بشكل كامل
"سرقة القرن" تعود إلى الواجهة.. الكاظمي في قلب العاصفة يستند برئيس الجمهورية لإنقاذه
خمسة عراقيين في السجون السعودية.. "تعزية نصر الله" تعطّل الحلول الدبلوماسية
العراق يُنهي مهمة التحالف الدولي ويؤكد سيادته.. انسحاب تدريجي للقوات الأجنبية بحلول 2025
واشنطن تغير "قواعد اللعبة".. انسحاب تكتيكي من العراق أم تمهيد لمواجهة إقليمية؟
في مساءٍ هادئ من أواخر سبتمبر 2024، كان حسين، شابٌ عراقي في مقتبل العمر، يستعد لأداء مناسك العمرة برفقة جدته المقعدة. رحلة روحانية طالما حلم بها، أراد من خلالها أن يكون سندًا لجدته في بيت الله، ولم يتخيل أن تلك الرحلة التي بدأها بخشوع، ستنتهي في زنزانة انفرادية، بلا تهمة واضحة.
كان حسين واحدًا من خمسة شباب عراقيين قرروا السفر إلى السعودية ضمن حملات مختلفة للعمرة. في 29 أيلول/سبتمبر، وبينما هو في غرفته في أحد فنادق المدينة، اقتحم رجال من جهاز أمن الدولة السعودي المكان، وطلبوا تسليمه بالاسم، بناءً على منشورٍ عبر "ستوري" في تطبيق إنستغرام. المنشور كان تعزية في استشهاد السيد حسن نصر الله، وهو ما اعتبرته السلطات السعودية "مخالفًا" يستوجب التحقيق.
قالوا حينها إن الأمر بسيط، وإن حسين سيوقّع على تعهّد، ويحذف المنشور، ثم يعود إلى جدته، لكن ما حدث لاحقًا كان أبعد ما يكون عن البساطة. حسين اختفى.
55 يومًا من الصمت القاتل
لم تعرف عائلته أين هو، ولا ما الذي يحدث. كل ما كان لديهم: صمت. 55 يومًا من القلق، من الخوف، من الانتظار الذي يسرق النوم من أعين أمه، ويكسر قلب والده. حتى جاء الخبر: حسين مسجون في سجن ذهبان في جدة، وُضع في الحبس الانفرادي لمدة 45 يومًا، في عزلة تامة عن العالم.
وفيما كان والد حسين يتنقل بين الجهات المعنية، حاولت السفارة العراقية في السعودية التحرك، وعيّنت محاميًا لمتابعة القضية. يقول المحامي اليوم إن "القضية حُسِمت بالإفراج"، لكن لا أحد يعلم متى يُطلق سراحه أو يُرحَّل إلى العراق. الزمن يمضي ببطء، والقلق لا يفارق قلب العائلة، خاصة في ظل تعقيدات المشهد السياسي والعلاقات بين البلدين.
شابٌ لا يعرف السياسة.. فقط كان يُعزّي
حسين ليس ناشطًا سياسيًا، ولم يكن يومًا جزءًا من أي حركة أو تنظيم. هو شاب عادي، مثل آلاف من أبناء جيله، يستخدم وسائل التواصل للتعبير عن مشاعره. منشوره لم يكن أكثر من تعزية، نُشرت في لحظة حزن، وربما نسيها هو بعد ساعات، لكنها لم تُنسَ.
لم يكن حسين يعلم أن تلك الكلمات ستكلفه عامًا كاملًا من عمره خلف القضبان، بعيدًا عن عائلته، وعن وطنه، عن جدته التي احتاجته بجانبها، كما هو احتاج إلى من يمد له يد الإنصاف.
دعوة للأمل.. ولتحرّك عاجل
والد حسين يناشد اليوم، بوجعٍ لا يخفى، الحكومة العراقية، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزارتي الداخلية والخارجية، أن يتحركوا بكل قوة لإنهاء هذا الملف الإنساني. يقول: "ابني لم يفعل شيئًا، ولم يُحاكم، ولم يُتهم، فقط منشور.. واليوم يُكمل سنة كاملة في السجن!"
قضية حسين ورفاقه الأربعة، أصبحت اليوم اختبارًا حيًا لقدرة الدولة العراقية على حماية مواطنيها في الخارج. شباب لم يُدانوا، ولم يُمنحوا فرصة للدفاع عن أنفسهم، يعيشون اليوم على أمل الإفراج، وأهاليهم يعيشون على أمل اللقاء.
وفي ظل الصمت الدبلوماسي، تزداد التساؤلات: هل ستترك بغداد أبناءها للمجهول؟ أم أنها ستطرق أبواب الحلول بكل ما تملك من أدوات سياسية وقانونية؟
الوقت يمضي، والمعاناة تتعمق، لكن الأمل لا يموت. فما زال هناك متسع لأن يُعاد حسين إلى وطنه، إلى والدته التي لم تفقد الأمل، إلى جدته التي تنتظره بشوق ودمع، إلى الحياة.