"وجوه كالحة وثياب رثة".. أصحاب "القوت الأسود" في مرمى الموت والحكومة تتحرك للاستثمار!

11:09, 22/05/2024
454

باتت تلال النفايات التي تتصاعد منها روائح الغازات الكريهة والسامة في مناطق الطمر المنتشرة في غالبية مناطق العراق، مصدر الرزق الوحيد لآلاف الأشخاص الذين يرى الجميع كيفية نبشهم في النفايات ضمن عمل يومي شاق جداً يجبرون على تأديته بسبب أوضاعهم الاجتماعية السيئة، ويعرضهم لمخاطر صحية كبيرة قد تهدد حياتهم.

 

وفي مواقع الطمر المنتشرة في بغداد يتجمع عشرات من الفقراء الذين يطلق عليهم شعبياً اسم "النبّاشة"، فوق أكوام النفايات بوجوه كالحة وثياب رثة لاهثين خلف شاحنات النفايات للبحث عن أي شيء يستطيعون إيجاده تمهيداً لبيعه من أجل مساعدة عائلاتهم التي تسكن في خيم وغرف متهالكة توجد غالباً قرب مكبات النفايات نفسها.


 

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

استثمار النفايات 


وأعلنت هيئة الاستثمار الوطنية، عزمها إطلاق أول مشروع في العاصمة بغداد لتحويل النفايات إلى طاقة نظيفة، ما جعل المواطنين يتفاءلون باحتمال أن يتخلص بلدهم من النفايات بطريقة آمنة تمهيداً للإفادة منها بدلاً من أن تظل مشكلة تلازم حياتهم.

 

وقال نائب رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار سالار محمد: "فتحنا باب تقديم عروض لتنفيذ مشروع معالجة النفايات من أجل توليد الطاقة في بغداد، بهدف مواكبة التطور الحضاري في قطاع الطاقات المتجددة والمستدامة والنظيفة، وسيعمل المشروع بنظام الحرق التام لثلاثة آلاف طن من النفايات في بغداد يومياً، علماً أن كمياتها تتجاوز 10 آلاف طن يومياً، وسننقل المشروع إلى بقية المحافظات لاحقاً".


ولطالما ناشد خبراء عراقيون في مجال البيئة والصحة تنفيذ هذا المشروع، ويقول خبير المناخ والتنمية المستدامة أحمد حسن إن "العراق يعاني من تكدّس كميات كبيرة من النفايات، وتفيد إحصاءات بأن كمية النفايات السنوية تتجاوز 20 مليوناً، وهي خطرة جداً خصوصاً أنها لا تُعالج بطريقة صحيحة، لذا سيكون من النافع جداً استغلال الكميات بشكل صحيح عبر تحويلها إلى طاقة".

 

أمراض خطيرة

 

ويضيف حسن أن "النفايات تشكل تحدياً بيئياً كبيراً في العراق لأن عوامل عدة تساهم في جعلها مشكلة خطيرة بينها نقص البنى التحتية لإدارتها، وعدم وجود نظام فعّال لجمعها وتدويرها، أيضاً من بين المشكلات التي تجعل النفايات مصدر خطر كبير تفشي الفقر الذي يدفع كثيرين إلى العمل في النفايات من دون تطبيق أي إجراءات سلامة، ما يعرّضهم لأمراض خطيرة، كما أن قلة الوعي البيئي تجعل السكان يساهمون في تكديس النفايات أو التخلص منها بطرق غير صحيحة".


 

غازات سامة

 

ويؤكد خبير البيئة وتغيّر المناخ، محمد عبد الرحمن، أن "تحويل النفايات إلى طاقة نظيفة سيُساهم بفعّالية في تحويل الآثار السلبية التي يعاني منها الإنسان والحيوان والنبات في العراق إلى إيجابية، فخفض كمية النفايات التي تنتج في المدن وتحويلها إلى طاقة يُقللان الحاجة إلى مكبات نفايات والحرق غير المراقب، وبالتالي انبعاثات الغازات الدفيئة والتلوّث البيئي. إلى ذلك، يمكن استخدام النفايات المحوّلة إلى طاقة لمعالجة المياه وتحليتها، ما يساعد في الحفاظ على نظافة المياه وجودتها".

 

ويشير إلى أن "حرق النفايات هي الطريقة التي تُعتمد منذ عقود طويلة للتخلص من النفايات، ما يتسبب في تلوّث خطير يؤثر على الحياة عموماً، أما تحويل النفايات إلى طاقة فيقضي على هذا النوع من التلوّث، ويقلل مخاطر الأمراض المرتبطة بتلوّث الهواء". 


 

ويؤكد أن تحويل النفايات إلى طاقة نظيفة "سيُحسّن الظروف البيئية والصحية والاقتصادية للعراق ويحافظ على التنوع البيولوجي، ما يفيد حياة الإنسان والحيوانات والنباتات".

 

الوضع البيئي في خطر

 

ويتبنى العديد من الجمعيات والمنظمات المدنية مشاريع وحملات ميدانية لمحاولة تخفيف مخاطر التلوّث وحماية البيئة، من خلال زراعة النباتات وتنظيف الشواطئ والشوارع والترويج للحفاظ على البيئة، وهي ترى أن دورها البيئي "يزداد صعوبة بسبب التحديات الكثيرة"، بحسب ما يقوله الناشط تحسين عبد الرحمن الذي يصف مشروع تحويل النفايات إلى طاقة نظيفة بأنه "بداية لتحقيق نجاحات على طريق إنقاذ العراق من الملوّثات".

 

وباعتباره مطلعاً على المخاطر البيئية التي تهدد العراق، يرى عبد الرحمن أن الوضع البيئي للعراق "خطير جداً، وهو ما تؤكده تصنيفات عالمية متخصصة في مجال البيئة، والتي تضع العراق في مراتب متأخرة على صعيد نقاوة الهواء".



وتقول تمارا حارث (28 سنة): "حين نسافر إلى دول أخرى، حتى تلك القريبة من العراق نجد أن الأجواء مختلفة، تكون السماء صافية والهواء نقياً، وهذا ما نفتقده في وطننا، ندعم أي عمل تتبناه الحكومة لتنقية الأجواء وتخليصها من النفايات والملوّثات لأنه يصب في مصلحتنا، خاصة أن كثيرين يعانون من أمراض خطيرة منها السرطان بسبب تلوّث الهواء".

 

ويعاني العراق، البلد الغني بالنفط الذي يعدّ مصدر دخله الرئيسي، من مشاكل بيئية عدة تشمل، إلى التلوّث، ارتفاع درجات الحرارة وزيادة مساحات التصحر وانخفاض مستويات مياه الأنهر.