تثير الحرائق في العراق، التي زادت بشكل كبير خلال الأسبوعين الأخيرين، الشكوك بشأن أسبابها، واحتمال أن تكون مفتعلة، في حين يسود الغموض نتائج التحقيقات التي تجرى عقب كل حريق، ولا تعلن رسمياً.
وتتالت الحرائق في المحافظات العراقية خلال الأسبوعين الأخيرين، وتركزت في محافظة البصرة التي شهدت 10 حرائق شملت مركزاً ضخماً للتسوق ومحال تجارية وسوقاً شعبية ومنازل سكنية ومصنعاً، كما سُجلت حرائق في محافظات ديالى والمثنى والنجف وبابل وذي قار وميسان وصلاح الدين، ومحافظات إقليم كردستان، وأيضاً العاصمة بغداد.
وتسببت الحرائق في العراق في وفيات وإصابات وحالات اختناق، وخلّفت أضراراً مادية جسيمة، وكان آخرها أول أمس السبت في مستشفى قيد الإنجاز بمنطقة الشعب شمال شرقي بغداد، وأمرت وزارة الداخلية بالتحقيق في الحريق الذي أكدت أنه لن يؤخر موعد افتتاح المستشفى.
وكانت وزارة الداخلية طالبت فرق الدفاع المدني في عموم البلاد بالتأهب لمدة ثلاثة أشهر للتعامل بفعّالية مع احتمال اندلاع حرائق تحصل بالتوازي مع تصاعد درجات الحرارة إلى نصف درجات الغليان، لكنها لم تكشف نتائج أي تحقيق أجرته في شأن الحرائق التي توحي مؤشراتها بأنها لا ترتبط بارتفاع درجات الحرارة فقط، بل أيضاً بالإهمال.
البرلمان يتدخل
وقد تدخلت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية لمتابعة ملف الحرائق، وأمهلت وزارة الداخلية 15 يوماً لإرسال نتائج التحقيق، وشددت على "أهمية الاهتمام والارتقاء بواقع مديرية الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية من خلال تجهيزها بمعدات حديثة لمكافحة الحرائق، وضرورة إشراك منتسبيها في دورات متخصصة بمكافحة الحرائق وعمليات الإنقاذ".
وأكدت أيضاً ضرورة "حصول تنسيق عالٍ بين المؤسسات لإيجاد حلول ناجعة تمنع حوادث الحرائق"، ووعدت بمتابعة الموضوع ومجريات التحقيق عن كثب بحسب الصلاحيات الممنوحة لها دستورياً على صعيد الرقابة.
من جهته، أكد المقدم في الشرطة مهند المعموري، أن "معظم الحرائق في العراق تخضع لتحقيقات، في حين من الواضح وجود إهمال لإجراءات السلامة في معظم المؤسسات الحكومية والأهلية والأسواق الشعبية والمجمعات التجارية، ويتزامن ذلك مع تصاعد درجات الحرارة الذي تسبب في عدد من الحوادث".
وأوضح المعموري، أن "التحقيقيات الأولية تشير الى أن معظم الحرائق في العراق لم تكن متعمدة، لكننا ننتظر النتائج النهائية، ووزارة الداخلية تبذل قصارى جهدها لمتابعة الملف، وستعرض النتائج على الرأي العام من دون تردد، وفي حال كان بعض تلك الحرائق مفتعلاً، فستكشف الجهات التي وقفت وراءها مهما كانت ارتباطاتها".
جهات متورطة!
لكن مراقبين بدوا غير مطمئنين إلى أسباب هذه الحرائق، وشككوا في أن تورط جهات معينة بافتعالها، وكتب الباحث في الشأن السياسي مجاهد الطائي على منصة "إكس": "هل الحريق في مستشفى الشعب ببغداد، والذي لا يزال قيد الإنشاء ويتألف من سبع طوابق مع مبانٍ ملحقة، مُفتعل للتغطية على فساد معين، أو نفذه منافسو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أو حصل كما باقي الحوادث اليومية؟".
ويُعّد الإهمال أحد أبرز أسباب الحرائق في العراق في الدوائر الحكومية والأهلية، وتسبب في حرائق كثيرة في العامين الماضيين، وأسفر عن سقوط مئات من الضحايا وسط مطالبات بتشديد إجراءات العقاب في حق المقصرين وتكثيف المتابعات الميدانية لإجراءات السلامة والوقاية داخل المؤسسات والأماكن العامة. وسبق أن أعلنت مديرية الدفاع المدني تسجيل 21 ألفاً و24 حريقاً العام الماضي.