تحذيرات من انهيار الدينار.. البنك المركزي يفقد السيطرة على أسعار الدولار والحكومة تنقذ الموقف

11:27, 13/07/2024
194

مع دخول المنصة الالكترونية للعمل بشكل فعلي في الأول من كانون الثاني للعام 2023، شهدت السوق تقلبات عديدة باسعار صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، حيث شكلت ازمة اقتصادية ونقدية، افضت الى اردادات لم يتمكن البنك المركزي من السيطرة عليها، رغم مرور اكثر من عام ونصف العام عليها، فكانت النتيجة خسائر كبيرة تحمل الجزء الاكبر منها، المواطن العراقي. 

وبمتابعة دقيقة لـ"سنترال"، فان البنك المركزي باع خلال هذه الفترة أكثر من 60 مليار دولار عبر منصة بيع العملة الاجنبية. 


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

حيث باع البنك المركزي خلال 12 شهرا من العام الماضي 2023 في الايام التي فتح فيها مزاده لبيع وشراء الدولار الامريكي 40 مليارا و925 مليونا و383 الفا و937 دولارا، وبمعدل بلغ 3 مليارات و410 ملايين و486 ألف دولار شهريا. 

فيما سجلت مبيعات البنك خلال النصف الأول من العام 2024 اكثر من 20 مليار دولار، توزعت ما بين حوالات للخارج لتمويل التجارة الخارجية، وما بين البيع النقدي للمصارف. 

وبلغ سعر بيع مبالغ الاعتمادات المستندية والتسويات الدولية للبطاقات الالكترونية 1305 دنانير لكل دولار، فيما بلغ سعر بيع مبالغ الحوالات الى الخارج وسعر البيع النقدي 1310 دنانير لكل دولار. 

وخلال هذه الفترة، شهد العراق تغيير في سعر الصرف على مراحل مختلفة، نتيجة عدم سيطرة البنك المركزي على السوق الموازية، والتي اضحت هي المتحكمة باسعار الدولار المطروح فيها. فكانت النتيجة كالاتي: 

شهر كانون الأول 2023 ارتفع سعر الصرف الى 1650 لكل دولار 

شهر اذار 2023 انخفض الى 1600 لكل دولار 

شهر نيسان 2023 انخفض الى 1580 لكل دولار 

منذ شهر أيار 2023 الى تموز استقر عند 1550 لكل دولار 

منذ شهر اب 2023 الى كانون الأول 2023 استقر عند 1500 لكل دولار 

منذ شهر كانون الثاني 2024 لغاية شهر حزيران 2024 استقر عند 1470 لكل دولار 

ومع بداية شهر تموز 2024 تصاعدت الاسعار وتفاوتت بين 1480 الى 1520 لكل دولار 

الخطأ الذي وقع به البنك المركزي 

يرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني ان تفعيل المنصة هو اجراء تنظيمي ليس عليه خلاف، لكنه اشار الى ان "الخطأ الذي وقع به البنك المركزي العراقي يتمثل بعدم اتباع السياسة الصحيحة للتفعيل، خاصة وان البنك الفدرالي الأمريكي أمهل البنك المركزي العراقي سنتين، منذ العام 2021 لغاية 2023، وهم ابلغوهم بشكل رسمي انه سيبدأ تطبيق المنصة اعتباراً من بداية 2023". 

واضاف المشهداني ان "تدريب البنك المركزي كان ضعيفا في تلبية متطلبات السيطرة على السوق مع تفعيل المنصة، وكذلك استجابة المصارف ضعيفة، حيث انهم كانوا لا يعتقدون بان ذلك سيطبق، فكانت هذه المرة الأولى التي أدى الى ارتفاع كبير في سعر الصرف والذي وصل فيها الى معدلات كبيرة وصل لـ 1650 للدولار الواحد". 

وربط المشهداني التقلبات السريعة لسعر الصرف حينها، بـ"سرقة القرن"، ويقول ان "هناك ربط وثيق بين سرقة القرن ونافذة بيع العملة، حيث نشاهد في توقيت سحب الصكوك لمبالغ الامانات الضريبية، زيادة في المبيعات للدولار من نافذة بيع العملة"، مبينا ان "هذه إشارة واضحة بأن تلك المبالغ كانت تستخدم في دخول نافذة بيع العملة بالدولار فانعكست سلبا على السوق". 

ويلفت المشهداني الى انه "وبعد دخول المنصة خسرت الكثير من المصارف، بسبب الربح الكبير الذي كانت تتحصل عليه بالطرق السابقة لنافذة بيع العملة، فضلا عن ان الكثير من التجار وبعد تطبيق المنصة لا يستطيع ان ينتظم ويتعامل مع إجراءات المنصة فذهب للسوق السوداء للحصول على الدولار"، مؤكدا ان "المواطن هو المتضرر الوحيد من هذه العملية". 

الحكومة تنقذ الموقف 

ونوه المشهداني الى انه "لولا الحكومة الحالية لكانت هنالك ازمة حقيقية لبعض السلع، لكن الحكومة ساعدت في قضية انتظام السلة الغذائية للمواطن، والتي عوضته عن بعض السلع الأساسية وسيطرت على اسعارها". 

وعن الاضرار في تقلبات سعر الصرف، يبين المشهداني ان "التقلب في أسعار الصرف هو امر معقول عندما يكون بنسبة لا تتجاوز الـ 1% او 2%، لكن نحن اليوم نتحدث عن فجوة تصل الى 10%، وهذا تغيير كبير وعلى البنك المركزي ان يتدخل بقوة". 

وتابع انه "البنك المركزي يذهب عكس ذلك، بقرارات خاطئة، منها القرار الأخير الخاص ببيع الدولار للمسافرين والذي حصره في المطار بمشاركة المصارف الحكومية الرافدين والرشيد رغم ان هذين المصرفين اخفقا في إدارة هذا الملف". 

واشار المشهداني الى ان البنك كذلك "حدد 4 شركات فقط توزع الدولار ضمن القرار الاخير، وفي المطار حصرا"، متسائلا: "كيف يمكن لأربعة شركات ان تقوم بمهمة توزيع الدولار مع عدد قليل من فروع المصارف، بينما كان لدى البنك المركزي اكثر 1200 شركة وحصلت ازمة ارتفاع اسعار الدولار؟!". 

 حلول للازمة.. هل يلتزم البنك المركزي؟ 

كذلك، يتفق الخبير المالي والاقتصادي مصطفى حنتوش، مع المشهداني، على "فشل السياسة النقدية للبنك المركزي، التي تسببت بتقلبات اسعار الدولار وعدم السيطرة عليه في السوق العراقية". 

ويقول حنتوش، ان "هناك فشل واضح في السياسة النقدية"، حيث كان على البنك المركزي العراقي ان يحمي القطاع المصرفي من "بطش أمريكا" مثل ما فعلت دول المنطقة. 

واضاف حنتوش انه "بعد ان فرضت الخزانة الامريكية منصة لتدقيق الحوالات، وهي حالة موجودة في عدد من الدول ليس فقط العراق كان الغرض منها هو الحد من وصول الدولار الى عدد من الدول التي لديها مشاكل مع الولايات المتحدة الامريكية منها إيران وسوريا ولبنان وروسيا، فجاءت تلك المنصة لتدقيق ما يذهب لتلك الدول، ولكن البنك المركزي العراقي كان لديه حلول للخروج من مشكلة تعثر بعض المصارف والشركات العراقية وعدم الوقوع في شباك عقوبات الولايات المتحدة". 

واوضح حنتوش ان الحل يكمن في "الذهاب الى انشاء منصة خاصة مع الدول المحرومة من تحويل الدولار لها، لكن البنك المركزي فشل ولم يشرع بتلك الخطوة مطلقا، على الرغم من ان للحكومة العراقية تجربة تجارية واضحة للإفلات من العقوبات الامريكية وهي الاستثناءات مع قطاع الغاز، فالعراق اليوم يستورد الغاز من ايران بعلم الولايات المتحدة"، مشيرا الى ان البنك المركزي كان بامكانه ان يستنسخ هذه التجربة بأنشاء منصة خاصة مع ايران. 

ولفت حنتوش الى ان البنك المركزي العراقي ذهب الى اكثر من عدم انشاء منصة خاصة، حيث ذكر "انه ليس للعراق تجارة مع ايران وسوريا، وبذلك اتهمت المصارف والشركات التي تتعامل معهما وحتى المواطن، فصارت العقوبات تتولى على العراق من قبل الخزانة الأمريكية والبنك الفدرالي الامريكي". 

واكد حنتوش ان "هناك فشل واضح في السياسة النقدية، وكان المفروض من البنك المركزي العراقي ان يحمي القطاع المصرفي من بطش أمريكا، مثل ما عملت دول المنطقة التي حصلت على موافقة بأنشاء منصة مع إيران وغيرها من الدول المحضورة"، متسائلا بالقول: "البنك المركزي العراقي اليوم يحاول ان يقطع الكاش من السوق من خلال بعض القرارات، فاذا قطعها ماذا سيكون حال التجارة في العراق؟!".