لطالما اشتهرت بلاد الرافدين بثروتها السمكية، التي تعد من أهم القطاعات الإنتاجية، ويعتمد عليها عراقيون كثيرون كمصدر رزق عبر الصيد والبيع، لكن هذا القطاع الحيوي بات مهددا في الآونة الأخيرة، جراء تفاقم تداعيات ظاهرة تغير المناخ وشح المياه، في بلاد تصنفها منظمة الأمم المتحدة خامس أكثر بلدان العالم تأثرا بهذه الظاهرة، حيث تعرضت أعداد ضخمة وبالأطنان من الأسماك للنفوق على مدى الأشهر القليلة الماضية.
وما يزيد من خطورة ما يحدث، وفق الخبراء، هو أن الثروة السمكية مصدر مهم من مصادر التنوع الاقتصادي في العراق، في بلد يسوده الاعتماد المفرط على النفط، كمصدر دخل رئيسي.
ويواجه قطاع الثروة السمكية وفق الخبراء جملة تحديات، فبالإضافة لانخفاض مناسيب المياه وتلوثها، فإن مشكلة الصيد الجائر والعشوائي وصلت لتهديد أنواع شهيرة على موائد العراقيين بالانقراض من نهري دجلة والفرات والروافد والبحيرات، وتراجعت نقاوة البيئة المائية وجودتها، بفعل تلوث المسطحات المائية بالسموم والمخلفات والنفايات وأخطرها مياه الصرف الصحي.
وحذرت دائرتا بيئة الديوانية وميسان، اليوم الأربعاء (31تموز 2024)، من مخاطر اتساع ظاهرة نفوق الأسماك في هور الدلمج ونهر العز بناحية الخير ضمن الأهوار الوسطى.
وقال مدير الإعلام في بيئة الديوانية، صفاء جواد الشكري، في تصريحات رسمية تابعها "سنترال"، إن "فرقا بيئية رصدت خلال زيارتها إلى عمود المصب العام في هور الدلمج قبل يومين، نفوق كمية كبيرة من الأسماك نتيجة ظروف طبيعية وبشرية".
وحذر الشكري، من "مخاطر اتساع رقعة النفوق على الثروة السمكية، خصوصا أنها شملت أنواعا كثيرة من الأسماك، مثل البني والشلق والسلفر والخشني وغيرها"، داعيا إلى "اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الظاهرة التي تتأثر بارتفاع درجات الحرارة وملوحة المياه والصيد الجائر".
وفي ميسان، أوضح مدير بيئة المحافظة باسم محمد، أن "تفرعات نهر العز بناحية الخير ضمن الأهوار الوسطى شهدت خلال الآونة الأخيرة نفوق ملايين الأسماك، نظرا لانخفاض الأوكسجين المذاب في الماء وارتفاع تراكيز الأملاح الذائبة والعناصر الأخرى، وزيادة درجات الحرارة وعمليات التفسخ المستمرة لأنواع أحيائية نافقة".
وأشار محمد، إلى "تشكيل فريق فني مشترك بالتعاون بين وزارات البيئة والموارد المائية والزراعة، لمتابعة ظاهرة نفوق الأسماك والأحياء المائية المختلفة التي حدثت مؤخرا"، مؤكدا "أهمية رفد هذه الأنهار بالمياه نتيجة شحتها وتدني نوعيتها، مما يؤدي إلى فقدان خصائصها الكيميائية والفيزيائية".
ومع قلّة هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة تصنّف الأمم المتّحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغيّر المناخي، في حين تندّد بغداد بالسدود التي تبنيها تركيا وإيران المجاورتان والتي تسبّبت بنقص ملحوظ في مناسيب المياه في أنهار العراق.
ومنذ سنوات، يحاول العراق الحصول على إطلاقات مائية أكبر من الأنهار التي تنبع من إيران وتركيا، لكن مشاريع السدود التي يقيمها البلدان على تلك الأنهار تسبب بانخفاض واردات العراق المائية بشكل كبير.