بعد تسبب الجفاف سابقاً بتدمير آلاف الدونمات من المحاصيل الزراعية في البلاد، دون وجود حلول حكومية، وصلت الأزمة إلى الأسماك التي ارتفعت أسعارها ارتفاعاً كبيراً خلال الأيام الماضية، بسبب تراجع الإنتاج الناجم عن نفوق أعداد كبيرة بسبب شح المياه الناجم عن الجفاف، وقيام وزارة الموارد المائية بردم الأحواض والبحيرات الصناعية الخاصة بتربية الأسماك في ظل هذه الأوضاع.
وارتفع متوسط سعر كيلوغرام السمك إلى نحو 13 ألف دينار، الأمر الذي سبّب الضغط على ميزانيات الكثير من الأسر، ولا سيما في ظل ارتفاع أسعار البدائل على رأسها اللحوم الحمراء.
رئيس الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك إياد الطالبي، قال إن "ارتفاع الأسعار يعود إلى عوامل عدة، في مقدمتها ردم وزارة الموارد المائية الأحواض والبحيرات الصناعية الخاصة بتربية الأسماك وشح المياه"، مشيراً إلى "تراجع الإنتاج السنوي إلى 150 ألف طن بعد أن كان يصل إلى مليون طن في أعوام ماضية".
وأضاف الطالبي، أن "وزارة الموارد المائية سمحت بإنشاء أقفاص جديدة وفق تعليمات جائرة لا يمكن تنفيذها لمن يرغب في إنشاء مشروع جديد لتربية الأسماك، متوقعاً استمرار الإنتاج في الانخفاض وهبوط المعروض، ما يجعل سعر السمك يصل إلى 15 ألف دينار للكيلوغرام الواحد في المتوسط".
وأشار إلى أن "البحيرات التي تم ردمها في السنوات الأخيرة تشكل نسبتها أكثر من 75% من إنتاج الأسماك في العراق، وأن ردم هذه البحيرات لم يسبب أي زيادة في مناسيب المياه لنهري دجلة والفرات، وأن عمليات الردم كانت عن طريق تصريف مياه البحيرات في المبازل لتصب في مياه الخليج".
وأكد الطالبي، "أهمية إعادة النظر في سياسة ردم البحيرات والأحواض السمكية من الحكومة ودعم مربي الثروة الحيوانية للحد من ارتفاع الأسعار ومراعاة القدرة الشرائية للمواطن العراقي".
من جهتها، تبنّت وزارة الزراعة العراقية إجراءات عدة للحد من ارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق المحلية، وفق خطط استراتيجية تتضمن العمل على تكاثر الأسماك ومنع الصيد الجائر من البحيرات والمسطحات المائية، بحسب تصريحات صحافية أخيراً لمعاون مدير عام دائرة الثروة الحيوانية لشؤون الأسماك في وزارة الزراعة حاتم الجبوري، الذي أكد أن العمل متواصل من أجل عودة الأسعار إلى طبيعتها، والحد من الاستغلال الحاصل من خلال إجراءات رقابية وأمنية متواصلة، داعياً الأجهزة الأمنية في بغداد والمحافظات، إلى منع الصيد الجائر، بهدف إيصال أحجام الأسماك الموجودة حالياً، إلى الأوزان المناسبة خلال خمسة إلى ستة أشهر.
وأوضح الجبوري، أن "أسعار الأسماك في الأسواق المحلية ارتفعت بعد قرار منع صيدها، في الوقت الحالي، الذي يعتبر موسماً للتكاثر والحفاظ على المخزون السمكي في الأنهار والمسطحات المائية"، لافتاً إلى أن "السبب الثاني لارتفاع الأسعار يعود إلى قرار وزارة الموارد المائية القاضي بردم آلاف البحيرات غير المرخصة والمتجاوزة على الأنهر بسبب شحّ المياه".
إلى ذلك، قال الباحث الاقتصادي علي العامري، إن المستهلكين في العراق يفضلون الأسماك النهرية على الأسماك البحرية على خلاف البلدان الساحلية المطلة على الخليج العربي أو تلك المطلة على البحار والمحيطات.
وأضاف العامري، أن "الأسماك النهرية في العراق تعد واحدة من أهم عناصر الثروة الحيوانية، لما لها من جدوى اقتصادية وإقبال كبير على استهلاكها، خاصة بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته أسواق اللحوم الحمراء".
وأشار إلى أن "الأسماك المستوردة أرخص ثمناً وأقل تكلفة من تربية الأسماك المحلية، ما يجعلها خياراً مهماً للحد من ارتفاع أسعار الأسماك المحلية، فضلاً عن فاعليتها في تقليل استهلاك مياه الأنهار والبحيرات. وأضاف: "على الجهات المعنية في الدولة تثقيف المستهلكين لاستهلاك الأسماك المستوردة (المجمدة أو الطازجة)، والترويج للأسماك البحرية ودعم الصيادين، خاصة للصيد في الخليج كما تفعل الكويت والإمارات والدول الخليجية المعتمدة على الأسماك البحرية لعدم وجود الأنهر لديها".