التصعيد يشمل العراق.. من سيقرر الدخول بحرب مع إسرائيل الحكومة أم الفصائل؟

11:37, 19/10/2024
763

بين الحين والاخر، تؤكد الحكومة وعلى لسان مسؤولين فيها، على إبعاد البلاد عن أي حرب في المنطقة، وتغليب لغة الحوار على جميع النزاعات، لكن هذا القرار الحكومي يصطدم بقرار الفصائل المسلحة، التي ما تزال تعلن جهوزيتها لأي حرب إقليمية، إذا ما تعرضت إيران للقصف، وهو أمر قد يضع البلاد أمام خيارات صعبة.

 

ويقول الباحث في الشأن العسكري العميد الركن المتقاعد أعياد الطوفان، إن "العراق من الناحية العسكرية، لا يملك الإمكانيات للرد العسكري على إسرائيل في حال شنت أي هجوم عليه سواء كان واسعا أم محدودا، أو استهدف مقرات وقادة الفصائل".


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

ويضيف الطوفان، أن "قرار الحرب في العراق، بيد الفصائل المسلحة، فهي من تسيطر على المشهد الأمني والسياسي وحتى الحكومي، وتصريحات الفصائل واضحة جدا بهذا الشأن، فهي مع الدخول في حرب مباشرة ضد تل أبيب، إذا ما أقدمت على استهداف إيران".

 

ويوضح أن "العراق كحكومة لن يكون له أي رد على إسرائيل إذا ما قامت بقصف أهداف داخل العراق، وسوف تكتفي الحكومة العراقية بإصدار بيانات الشجب والاستنكار ولا شيء أكثر من ذلك، غير أن الفصائل المسلحة ربما سترد على إسرائيل، ولذا نقول إن قرار الحرب بيد تلك الفصائل، والحكومة لا تملك أي سيطرة على تحركات تلك الفصائل إطلاقا".

 

وكان المستشار السياسي لرئيس الحكومة، فادي الشمّري، قد أعلن الثلاثاء الماضي، أن تهديد دول الجوار أمرّ مرفوض ويحرج الحكومة، والأجهزة الأمنية لن تسمح لأي طرف باستهداف دول الجوار، ولا يوجد غطاء سياسي وحكومي وشرعي لاستهداف دول الجوار، وقد نجحنا بشكل كبير من خلال الحوار المباشر وغير المباشر بتجنب فتح جبهة عسكرية غير متكافئة، ولا فائدة منها.

 

وأكد الشمري أيضا، أنه في إطار الصراع مع الكيان المحتل هناك أطراف فاعلة ومؤثرة تقوم بدورها المتميز في أراضيها، والعراق لديه علاقات مميزة مع مختلف الدول ولديه اتصالات مع المقاومة أيضا، وهو يجري أحيانا حوارات بينيّة معها مباشرة وغير مباشرة لضبط المسارات.

 

وتأتي هذه التصريحات، بعد تصريحات علنية أطلقها مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، حيث أكد أن قرار الحرب بيد رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حصرا، ولا يمكن لأي جهة أن تتخذ هذا القرار.

 

إلى ذلك، يبين المحلل السياسي حسين الكناني، أن "الفصائل بكل تأكيد تحترم توجهات الدولة العراقية وتحترم سياستها الخارجية، لكن الفصائل تعمل بتكليف شرعي ووطني، وهو ملزم لها ضمن مبدأ وحدة الساحات في مواجهة الكيان الصهيوني".

 

ويلفت الكناني، إلى أن "فصائل المقاومة لا تريد من الحكومة العراقية أي شيء تقدمه لها في حربها ضد الكيان الصهيوني، كما أن الحكومة بكل تأكيد لا يمكن لها منع تلك الفصائل من ضرب الأهداف الإسرائيلية، وهذا موقف الفصائل واضح ومعلن وموقف العراق الرسمي أيضا واضح ومعلن مما يجري في المنطقة، وهو ليس بالشيء الجديد".

 

ويؤكد أن "فصائل المقاومة العراقية جاهزة ومستعدة لكل السيناريوهات، مهما كانت، وهي لا تخشى أي تهديد إسرائيلي بشأن استهدافها، وستبقى مستمرة في عملياتها التي بدأت تتصاعد من حيث النوعية والكمية ولا تراجع عن مبدأ وحدة الساحات في مواجهة الكيان الصهيوني".

 

ومنذ أشهر، تشن فصائل عراقية هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل إسنادا للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لكن التصعيد بدأ يشتد منذ دخول حزب الله اللبناني في القصف المتبادل مع إسرائيل حتى بلغ التصعيد ذروته باغتيال أمين عام الحزب اللبناني حسن نصر الله، إثر غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت.

 

وعقب هجوم إيراني بمئات الصواريخ على إسرائيل ردا على اغتيال حسن نصر الله، هددت الفصائل العراقية، باستهداف القواعد الأمريكية في حال تدخلت أمريكا ضد إيران أو استخدم "العدو الصهيوني" أجواء العراق لقصفها.

 

وتهدد إسرائيل بتوجيه ضربة لإيران، وما زالت تبحث طبيعة الأهداف التي ستشملها الضربة، وهذا كان محور اتصال هاتفي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن، قبل أيام.

 

من جانبه، يبين أستاذ العلوم السياسية عصام الفيلي، أن "موقف الحكومة العراقية واضح ومعلن وبأكثر من مناسبة، وأكثر من شخصية مسؤولة أعلنت أنها ليست جزءا من الحرب ولا مع التصعيد، بل مع التهدئة وإبعاد العراق عن أي صراع تحت أي عنوان كان، وهذا الموقف جاء بسبب الخوف من دخول العراق ضمن الصراع الحالي، لما له من تداعيات خطيرة".

 

ويستطرد "في العراق هناك آراء، الأول ليس مع الحرب وهي الحكومة العراقية والرأي الثاني مع الحرب والتصعيد، وهذا الأمر تقوده الفصائل المسلحة القريبة من إيران، لكن هذا الأمر سوف يدفع العراق بأن يكون جزءا من الصراع، بالرغم من كل محاولات الحكومة بإبعاد العراق عن الحرب، خاصة وأن هناك تهديدات إسرائيلية رسمية باستهداف العراق خلال المرحلة المقبلة".

 

ويؤكد قائلا، إن "الحكومة العراقية غير قادرة على السيطرة بشكل كامل على الفصائل المسلحة، بحيث لا تتمكن من منعها من مزاولة أي أنشطة عسكرية ضد الأهداف الإسرائيلية، خاصة وأن الحكومة لا تريد أي خلافات مع تلك الفصائل، وهذا ما قد ينعكس سلبا على الاستقرار الحكومي والسياسي، ففقدان السيطرة على الفصائل ربما يكلف العراق كثيرا، من خلال جعله طرفا مباشرا أو غير مباشر في الحرب الدائرة في المنطقة".