عمد البنك المركزي العراقي قبل أيام الى اتخاذ قرار هو الأول منذ نحو سنة ونصف بتخفيض سعر الفائدة من 7.5% إلى 5.5%، مع قرارات مالية أخرى قال عنها خبراء في المال بانها لا تعدو كونها "عشوائية وغير مفهومة"، ولا يمكن ان تساعد الاقتصاد العراقي.
فضلاً عن إعادة تفعيل الأوراق المالية (شهادة الإيداع الإسلامية والحوالات النقدية) وفق خطة سنوية وبأجلين: بعائد 4% لأجل 14 يوماً وعائد 5.5% لأجل 182 يوماً، فيما حدد السقف الأعلى للاستثمار بما لا تتجاوز نسبته 50% من إجمالي الودائع القطاع الخاص لدى المصرف وألا يتجاوز سقف الاستثمار للمصرف في المزاد الواحد (500) مليار دينار عراقي.
ويقول المختص في الجانب المالي والمصرفي مصطفى حنتوش، إن "البنك المركزي العراقي لا يحدد المصارف بسعر فائدة على الودائع او القروض ثابت انما يترك الامر لسياسة المصرف لأجل تحقيق المنافسة"، مستدركا "لكن البنك المركزي العراقي يعطي فائدة لأموال المصارف المودعة لديه على شكل (ودائع -راس مال - شهادات ايداع مصرفية اسلامية - غيرها من الادوات المصرفية) وكذلك يحدد فائدة السندات التي تقدمها الدولة للجمهور وبذلك تعد تلك الفائدة (كمؤشر لمتوسط سعر الفائدة) بالنسبة للمصارف العراقية".
ويضيف حنتوش، ان "سعر الفائدة يتم تحديده من خلال معادلة: (سعر الفائدة = علاوة التضخم + علاوة مخاطرة) وبذلك عند ارتفاع التضخم يرتفع سعر الفائدة والعكس، اما قرار البنك المركزي الاخير خفض سعر الفائدة المعتمد من قبله على اموال المصارف لديه وكذلك السندات المستقبلية من (7.5 % الى 5.5%) ابتداء من فترة (٦) أشهر مسبب ذلك الى انخفاض التضخم في العراق مما يعني اوجب انخفاض اسعار الفائدة، واصفة هذه الخطوة بأنها حددت امكانية استثمار النظام المصرفي لأمواله لدى البنك المركزي بفائدة (5.5%) بنسبة (50%) من اجمال ودائعه المستلمة فقط".
ووفق حنتوش حددت فائدة، اجل 14 يوم بعائد %4 الاستثمار الليلي، وأجل 182 يوم بعائد %5.5 ، في 6 أشهر ".
ويردف، "مع تحديد سقف لا يتجاوز الاستثمار للمصرف في المزاد الواحد (500) مليار دينار مما يعني اعطى قدرة عالية للمصرف الواحد في شراء ادوات الاستثمار التي يطرحها البنك المركزي بسقف عالي جدا وهو 500 مليار".
من جانبه، يذكر الخبير المالي زياد الهاشمي إن "البنك المركزي العراقي يتبع خطوات الفيدرالي والبنوك المركزية الغربية، ويخفض أسعار الفائدة من 7.5% الى 5.5% رغم إخفاقه في تحقيق أهدافه النقدية".
وأشار الى، أن "البنوك المركزية الرئيسية حول العالم قامت بتخفيض أسعار الفائدة بعد انخفاض معدلات التضخم من 10% الى ما دون 2%، في تأكيد على نجاح الفائدة العالية التي اتبعتها البنوك المركزية الرئيسية خلال السنتين الماضيتين في كبح جماح التضخم، أما (في العراق) فإن معدلات الفائدة السابقة والبالغة 7.5% لم تنجح في (سحب السيولة النقدية المكتنزة) خارج النظام المصرفي والتي تتجاوز 80% من كتلة الدينار المُصدرة، ولم تساعد أيضاً في تخفيف (التضخم المرتفع) والذي يستشعره المواطن مع استمرار غلاء أسعار السلع ، والذي تحاول وزارة التخطيط التستر عليه بإصدار بيانات غير منطقية تشير الى معدلات تضخم منخفضة".
ويتابع الهاشمي أنه "وبالرغم من عدم تحقيق الاهداف المطلوبة من الفائدة المرتفعة، وعدم وجود حاجة اقتصادية ملحة وضرورية لتخفيض الفائدة وعدم وجود مخاوف من وقوع الاقتصاد العراقي في الركود، ولا وجود حاجة لتشجيع الإنفاق (المرتفع أساساً) إلا ان المركزي العراقي قرر فجأة وبدون أسباب واضحة تخفيض أسعار الفائدة".
وعدّ الهاشمي، "تلك القرارات بأنها غير مفهومة تعيد التذكير والتأكيد على ان هناك عشوائية واضحة في عملية اتخاذ القرارات لدى إدارة البنك المركزي، حيث تعتمد قراراته في كثير منها على أسلوب التجربة والخطأ او ردود الأفعال او تقليد ومحاكاة قرارات الآخرين دون دراسة، وهذا ضعف واضح ومشخص في طريقة عمل هذه المؤسسة، لذلك يمكن القول ان قرار تخفيض أسعار الفائدة الذي قام به المركزي العراقي هو مجرد (إجراء شكلي) لا سبب له، جاء لخلق (انطباع وهمي) لدى الجمهور بنجاح إجراءات المركزي كما نجحت إجراءات الفيدرالي وبنك إنكلترا في تخفيض التضخم، وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة.