الإطار التنسيقي "ينقلب" على ورقة "الاتفاق السياسي".. الخنجر "يُصعّد" لتنفيذها

13:21, 9/11/2024
806

بالتزامن مع مرور عامين على تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والجدل السياسي المتواصل منذ أيام، حول ما جرى تنفيذه من "ورقة الاتفاق السياسي"، الذي على أساسه تشكّلت حكومة السوداني نهاية تشرين الأول عام 2022، صعّد خميس الخنجر، رئيس حزب "السيادة"، من حراكه السياسي في بغداد ومحافظات غرب وشمالي البلاد، للضغط على القوى السياسية الفاعلة لتنفيذ تعهداتها التي جرى التوقيع عليها.

 

وتنص ورقة الاتفاق السياسي التي وقعت عليها القوى السياسية العراقية ووافقت على تضمينها في برنامج عمل ثامن الحكومات العراقية منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، على عدة مطالب للقوى العربية السنية، والقوى الكردية، ووافقت عليها قوى "الإطار التنسيقي"، الحاكمة بالبلاد، لقاء تصويت السنة والأكراد على منح الثقة لحكومة السوداني.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

وأبرز ما تضمنته هذه الورقة كان تعديل قانون العفو العام، ليشمل إعادة النظر بمحاكمات انتُزعت بناء على اعترافات تحت التعذيب، أو أدين أصحابها بوشاية المخبر السري، وإعادة جميع النازحين لمدنهم الأصلية، وأبرزها جرف الصخر والعوجة والعويسات، كذلك، تضمنت الورقة تعويض أصحاب المنازل المدمرة من العمليات العسكرية والإرهابية، والكشف عن مصير المُغيبين، وحل هيئة المساءلة، وتحقيق الموازنة داخل مؤسسات الدولة، بما فيها المناصب العسكرية والأمنية وفقاً للنسب السكانية في العراق.


انهيار الثقة

 

غير أنه ورغم مرور عامين على ذلك لم يتحقق أي من تلك البنود، المتعلقة بمطالب القوى السنية، وسط اتهامات للتحالف الحاكم (الإطار التنسيقي) بالانقلاب على تعهداته، وتحذيرات من انهيار الثقة مستقبلاً بما يساهم في غياب التوافق السياسي بأي أزمة سياسية تشهدها البلاد.

 

وكشفت مصادر سياسية في بغداد، عن أن الحكومة ألقت بمسؤولية عدم تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه على قوى الإطار التنسيقي التي قالت إنها تقف وراء منع تنفيذ بنود ورقة الاتفاق السياسي، بما فيها مطالب قانونية وإنسانية تتعلق بإعادة أهالي المدن المحررة من سيطرة داعش الإرهابي.

 

وقال عضو في البرلمان العراقي في بغداد إن الاجتماع الأخير لائتلاف إدارة الدولة، الذي يضم القوى السياسية الرئيسة في البلاد، وعُقد الأربعاء الماضي، شهد مصارحة ونقاشاً مطولاً حول ورقة الاتفاق السياسي دام عدة ساعات.

 

ونقل النائب الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، حديثاً لرئيس البرلمان محمود المشهداني الذي يشارك لأول مرة بالاجتماع بعد انتخابه الأسبوع الماضي، أن رئيس تحالف السيادة، خميس الخنجر، حذر من عدم إمكانية الاستمرار بالعمل، وفق مبدأ الشراكة، في ظل المماطلة المتواصلة بتنفيذ ما جرى الاتفاق عليه، حيث طرح بالاجتماع أزمة التنصل مما اتّفق عليه، وإمكانية أن يؤسس هذا النوع من إدارة البلاد، إلى غياب الثقة وانعدام العدالة.

 

فيما أشار سياسي آخر إلى حراك جديد للخنجر يهدف للضغط من أجل تمرير كل ما جرى الاتفاق عليه قبل تشكيل الحكومة، متحدثاً عن أن ثلاث شخصيات بارزة داخل تحالف "الإطار التنسيقي" انقلبت على ورقة الاتفاق، وترفض تنفيذ العديد من بنودها.

 

ومنح البرلمان العراقي الثقة لحكومة السوداني في تشرين الأول عام 2022، بعد سلسلة مفاوضات غير سهلة وأزمة امتدت لأكثر من عام كامل، أفضت إلى تشكيل ما عرف بـ"ائتلاف إدارة الدولة"، من القوى السياسية السنية والشيعية والكردية، لتشكيل الحكومة وفقاً لتفاهمات مسبقة.

 

وقاد الخنجر، خلال الأيام الأخيرة، سلسلة اجتماعات مع قيادات وزعامات سياسية وقبلية ودينية سنية في بغداد ومناطق شمال وغرب البلاد، وبحث خلالها توحيد الجهود المتعلقة بانتزاع حقوق سكان المدن المحررة من تنظيم "داعش"، والتي تعاني من أوضاع إنسانية واجتماعية واقتصادية سيئة.

 

"نَصب سياسي"

 

الناشط السياسي والمرشح السابق لانتخابات البرلمان محمد محسن الجبوري، قال، إن البلاد "قد تكون أمام حالة جديدة ومتكررة من النَصب السياسي، المتمثل بنكث وعود وتفاهمات جرى الاتفاق عليها".

 

واعتبر الجبوري أن غياب الضامن للاتفاقات وعدم التزام كتل الإطار التنسيقي بما تعهدوا به ووقعوا عليه يرسخ لحالة دولة الطوائف، وانعدام الثقة بين مختلف أطراف العملية السياسية، محذراً من أن هذا "قد يدفع إلى حالة اللا اتفاق بالمستقبل، كوننا أمام 5 اتفاقات نكثت بها الأطراف الشيعية لشركائها السنة والأكراد منذ انتخابات عام 2018، ومع العلم أن الوعود هي ذاتها".

 

وتحدث الجبوري عن تصعيد يقوده رئيس حزب السيادة خميس الخنجر من أجل ما وصفه "تحصيل مطالب العرب السنة، التي تماطل بها القوى السياسية والأحزاب الحاكمة" متمثلة بالإطار التنسيقي.

 

حكومة "مقيدة"


الباحث بالشأن السياسي العراقي، أحمد النعيمي، قال إن الحكومة العراقية الحالية "مُقيدة مثل كل الحكومات في تنفيذ أي إصلاح أو تغيير، حيث يجب أن يوافق عليها مسبقاً ما يمكن اعتباره مجلس وصاية مؤلف من قادة الكتل السياسية الشيعية". 

 

وأضاف النعيمي أن "إعادة أهالي المدن المحررة ليس بيد الحكومة، وإعادة النازحين والمهجرين ليس بيد الحكومة، وإنهاء حالة التجييش المسلح داخل المدن الأخرى أيضاً ليس بيد حكومة السوداني، التي تتعرض لقيود ضخمة وعديدة من قبل الائتلاف الحاكم نفسه".