بعد خمسة أيام من حرائق الغابات التي اجتاحت مناطق من لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا الأميركية، بدت هذه المدينة المشهورة عالميًا بصناعة السينما وكأنها منطقة "حرب" أو مدينة "أشباح".
وامتدت الحرائق لمساحات شاسعة من منطقة لوس أنجلوس الكبرى، لم يتبق سوى الأنقاض منها حيث كانت تقف المنازل والمباني والهياكل الأخرى سابقًا، وقد احترقت صفوف السيارات بالكامل لدرجة أنها تحولت إلى لون الرماد، ونوافذها اختفت تمامًا.
وتُظهر صور جوية لبعض الأحياء - ومنها باسيفيك باليساديس وألتادينا - منازل محترقة بالكامل، وعبر بعض الناجين عن سعادتهم بعد أن نجوا من هذا الدمار، لكن كثيرين آخرين يذرفون الدموع على فقدان منازلهم وسط مخاوف بشأن مستقبل مليء بالشكوك.
وكان معظم السكان يرتدون الأقنعة، في إشارة إلى حقيقة الدخان الكثيف والمخاطر الناجمة عن استنشاقه، بينما استمرت النيران في الاشتعال بمناطق أخرى من المدينة.
وقالت رئيسة إدارة الإطفاء في لوس أنجلوس، كريستين كراولي، السبت، إن إدرة المدينة خذلت إدارة الإطفاء، مع استمرار حرائق الغابات الكبيرة في تدمير المدينة.
واشتكت كراولي في تصريحات لشبكة "سي إن إن" CNN الإخبارية أن الـ17 مليون دولار التي تم اقتطاعها من ميزانية إدارة الإطفاء كان لها تأثير سلبي على قدرة الإدارة على مكافحة الحرائق. وقالت "لم نعد قادرين على الاستمرار على هذا الوضع. ليس لدينا عدد كافٍ من رجال الإطفاء".
وقالت رئيسة إدارة الإطفاء في لوس أنجلوس لجيك تابر على "سي إن إن" إنها حاولت كثيرا أن توضح لمسؤولي المدينة "مدى النقص في عدد الموظفين وفي الموارد وفي التمويل لدى إدارة إطفاء لوس أنجلوس".
وقالت كراولي إن الإدارة شهدت زيادة بنسبة 55% في عدد الاتصالات التي تلقتها منذ عام 2010، إلا أن عدد رجال الإطفاء كان يتراجع.
وأضافت كراولي، أن "الموارد الإضافية الواردة إلينا ستساعدنا في هذه الكارثة الحالية، ولكن في المستقبل، يمكن أن يحدث هذا في أي مكان في كل مدينة لوس أنجلوس ونحتاج إلى أن يكون لدينا التمويل والدعم الكافيين".
11 قتيلا ودمار 10 آلاف مبنى
وقال مكتب الطبيب الشرعي في مقاطعة لوس أنجلوس، السبت، إن ما لا يقل عن 11 شخصا لاقوا حتفهم جراء حرائق الغابات المستمرة منذ أيام.
وعلى الرغم من تراجع قوة الرياح، تواصل انتشار النيران في لوس أنجلوس التي غطى دخان كثيف سماءها، إذ لا تزال الحرائق خارج السيطرة في هذه المدينة الكبيرة في ولاية كاليفورنيا الأميركية.
ولحق دمار هائل بأجزاء كاملة من ثاني مدن الولايات المتحدة مع انهيار أكثر من عشرة آلاف مبنى بحسب جهاز الإطفاء في كاليفورنيا.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع في البيت الأبيض إن المشهد "أشبه بساحة حرب وعمليات قصف".
وحلّق صحافيون من وكالة "فرانس برس" فوق ماليبو وباسيفيك باليسايدس حيث تحولت منازل فارهة مطلة على المحيط، إلى هياكل متفحمة.
لكن قوة الرياح تراجعت، الجمعة، ما من شأنه أن يساعد الاطفائيين في مكافحة النيران في حين ما زالت خمسة حرائق رئيسية نشطة.
عمليات "نهب" وحظر تجوّل
وقال خبير الأرصاد الجوية مايك وافورد في تصريح لـ"فرانس برس": "نشهد حاليا تراجعا طفيفا (لقوة الرياح)، لكن هذا الأمر سنشهده خصوصا بعد الظهر"، وأشار إلى أن الرياح ستنحسر بشكل كبير.
ومع ذلك، فإن الظروف، مع الجفاف الشديد والرياح التي يُتوقع أن تعود لتشتد، لا تزال تثير القلق.
وفي أنحاء المدينة الكبيرة في كاليفورنيا، أخلى مئات الآلاف منازلهم، وإزاء عمليات النهب المتزايدة في المناطق المنكوبة أو التي تم إخلاؤها، فرضت السلطات المحلية الجمعة حظر تجول في باسيفيك باليسايدس وألتادينا يسري، كما نُشرت وحدات عسكرية.
وقبل هذا القرار كان مواطنون قد عمدوا لتسيير دوريات لحماية ما تبقى من أحيائهم، وقال حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، غافين نيوسوم، "لنكن واضحين، لن نسمح بعمليات النهب".
وقد تكون كلفة هذه الحرائق، الأعلى المسجلة حتى الآن، وقدرت "أكيو ويذر" الأضرار والخسائر بما بين 135 و150 مليار دولار.
وعلى الرغم من أنه من السابق لأوانه معرفة مصدر الحرائق، إلا أن هناك انتقادات وُجّهت للسلطات على خلفية مدى استعدادها واستجابتها.
ودعت السلطات سكان كاليفورنيا إلى الاقتصاد في استهلاك المياه، لأن ثلاثة خزانات تغذي محطات مكافحة الحرائق فرغت بسبب مكافحة النيران.