بغداد تحتضن العرب مجددًا.. قمة 2025 على أعتاب التحول التاريخي
العراق يستعيد دوره المحوري .. قمة بغداد 2025 ترسم خارطة الازدهار الاقتصادي العربي
خبير أمني لـ"سنترال".. ذريعة تركا لتبرير تواجدها العسكري في العراق سقطت بعد حلّ حزب العمال
بغداد على عرش العرب.. العراق يعود إلى صدارة القرار الإقليمي
بين تراجع خليجي وارتفاع عراقي.. صادرات النفط العربي تتأثر بتحولات أوبك+
تشهد المنطقة العربية حراكاً اقتصادياً متنامياً مع اقتراب موعد انعقاد القمة العربية في بغداد، في ظل توافق ملحوظ بين المحللين والخبراء الاقتصاديين على أن هذا اللقاء المرتقب قد يمثل منعطفاً تاريخياً نحو مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي العربي. وتتجه الأنظار إلى هذه القمة باعتبارها فرصة لصياغة استراتيجية مشتركة تستثمر الموارد والإمكانات الهائلة التي تزخر بها الدول العربية، وتعيد تشكيل أطر التعاون بما يتناسب مع المتغيرات والتحديات الإقليمية والعالمية الراهنة.
وتعزز هذه التوقعات قناعة متزايدة بأن العراق، وتحديداً بغداد، قد استعادت عافيتها وباتت تمتلك مقومات الاستقرار والبنية التحتية اللازمة لاستضافة وتنفيذ مشروعات استراتيجية كبرى ذات أثر إيجابي على مجمل الاقتصاد العربي.
آفاق تعاون جديدة
الخبير الاقتصادي حيدر كريم الغراوي أكد أن تنظيم القمة في بغداد يفتح آفاق تعاون جديدة بين العراق وأشقائه العرب، بالنظر إلى وجود عناصر مشتركة يمكن أن تُبنى عليها شراكات اقتصادية مثمرة.
وأوضح أن وجود القادة العرب أو من يمثلهم في بغداد والاطلاع المباشر على الواقع العراقي، يمكن أن يخلق رؤى جديدة ويعزز القناعة بأن العراق يمتلك بيئة عمل جاذبة وقادرة على استيعاب مشاريع شراكة ثنائية، تحقق منافع لجميع الأطراف وفي قطاعات متنوعة.
وأضاف الغراوي أن القمة تشكل فرصة نادرة لعرض الخطط التطويرية العراقية بشكل مباشر أمام الوفود من دون الحاجة إلى وسطاء، وهو ما يساعد على تسريع الاتفاقات والوصول إلى صيغ تعاون عملية وفعالة، معتبراً أن مجرد انعقاد القمة في بغداد يبعث برسالة طمأنة للعالم بأن العراق عاد إلى مسار الاستقرار والانفتاح الاقتصادي.
وتحدث أيضاً عن إمكانية خلق مصالح اقتصادية مشتركة مع الشركات العالمية الكبرى التي يمكنها توظيف خبراتها في دعم مشاريع إنتاجية عربية الطابع، ما يجعل من القمة منطلقاً لصيغة تكامل صناعي وإنتاجي عربي قادر على المنافسة في السوق العالمية.
القمة وطريق التنمية
من جانبه، بيّن الخبير في الشأن الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي، أن القمة تمثل فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين العراق والدول العربية، ودول الجوار على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن العراق يمتلك علاقات اقتصادية نشطة مع محيطه الإقليمي، ومنها الربط الكهربائي مع الأردن الذي بات قريباً من الإنجاز، إضافة إلى العلاقات الاقتصادية مع السعودية والكويت، التي يمكن أن تُفعّل من خلال اتفاقيات اقتصادية شاملة.
وأكد أن القمة يمكن أن تسهم في إحياء الاتفاقات المتعلقة بمشروع «طريق التنمية»، وهو أحد أكبر المشاريع الستراتيجية التي تخدم ليس العراق فحسب، بل تمتد فائدته إلى الدول العربية الأخرى، خصوصاً الإمارات وقطر، لما يوفره من ممر محتمل للغاز القطري باتجاه أوروبا، فضلاً عن كونه بوابة لتوثيق العلاقات الاقتصادية وتنويع التبادل التجاري، والسعي لإنجاز مشاريع مشتركة في قطاعات الطاقة والمقاولات والإسكان، وهي مجالات عادة ما تشكل محوراً أساسياً في المؤتمرات الاقتصادية الكبرى، بما يعزز من فرص التنمية المستدامة والتكامل العربي.
العراق في المعادلة الإقليمية
الباحثة في الشأن الاقتصادي سهاد الشمري اعتبرت أن انعقاد القمة العربية في بغداد يمثل حدثاً مفصلياً على مختلف الصعد، مشيرة إلى أن اجتماع الزعماء والملوك والرؤساء العرب في العاصمة العراقية يعكس حجم الاهتمام العربي بدور العراق وموقعه في المعادلة الإقليمية الجديدة.
وأوضحت أن التباحث في القضايا ذات التأثير المباشر في المنطقة عبر قمة بغداد يحمل رسائل واضحة بأن العراق بات مستقراً أمنياً، ويملك اقتصاداً بكراً يستوعب أهم المشاريع الاستثمارية، ما يعني أن الدول باتت تتعامل مع العراق من منطلق اقتصادي جديد يرسم بوصلة التعاون السياسي على أساس المصلحة المشتركة.
وأشارت الشمري إلى أن القمة تحمل مؤشرات على عودة العراق إلى لعب دور جيوسياسي مؤثر في المنطقة، وتفتح أفقاً لتقريب وجهات النظر بين الدول العربية، كما تعكس النقلة النوعية التي شهدها العراق على صعيد الإعمار والتطور، لافتة إلى أن مشروع «طريق التنمية» يمثل بوابة اقتصادية مهمة، وهو في طريقه إلى الاكتمال ضمن التوقيتات المحددة، في وقت استعادت فيه بغداد بريقها كعاصمة حيوية تشهد حراكاً تنموياً كبيراً، ما يعزز من مكانة العراق كفاعل أساسي في المشهدين الاقتصادي والسياسي العربي.
القمة ومقومات النجاح
تعكس هذه الرؤى المتقاطعة قناعة راسخة لدى الخبراء بأن قمة بغداد تملك كل مقومات النجاح الاقتصادي، بما يجعلها محطة ستراتيجية لإطلاق مبادرات عربية شاملة، تقوم على التكامل في مجالات الطاقة والنقل والبنى التحتية، وتُسهم في بناء منظومة اقتصادية عربية قادرة على مجابهة التحديات وتوظيف الفرص المتاحة، ضمن مسار من التعاون المستدام الذي طالما كانت المنطقة بأمس الحاجة إليه.