العقارات في بغداد.. أسعار خيالية بين "تبييض الأموال" و "تلاعب السماسرة" !

11:28, 20/05/2024
639

لا تزال أسعار العقارات في بغداد وضواحيها تسجل أرقاماً وارتفاعات خيالية، بل إن بعض تلك العقارات أصبحت تفوق أسعار مثيلاتها في دول الجوار والعواصم الأوروبية، ويعزو بعض المحللين والمطورين العقاريين، السبب إلى عمليات تبييض أموال من قبل بعض الفاسدين والمتنفذين، فضلا عن المضاربة والتلاعب الذي يمارسه السماسرة.


 

ويطالب بعض المواطنين والناشطين بتشكيل هيئة قضائية ساندة لهيئة النزاهة، لمتابعة شراء العقارات السكنية تحت بند (من أين لك المال لشراء هذا العقار أو ذاك)، وبحسب مختصين بات لزاماً إيجاد حلولٍ للحد من عمليات تبييض الأموال، التي تمارس بهذا القطاع، مما يلقي بظلاله وتأثيراته السلبية على فئات وشرائح عديدة من المجتمع.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل


 

يعقوب هادي صاحب مكتب عقارات، يقول إن "أسعار العقارات في بعض مناطق بغداد، تجاوز سعر المتر المربع أكثر من 10 آلاف دولار، بعدما كان قبل فترة وجيزة لا يتعدى حاجز 3 آلاف دولار". 

 

ويضيف أن، "هذا الأمر ربما يعكس جانباً كبيراً من عمليات تبييض الأموال لبعض المتنفذين، بعد تضييق الخناق على عمليات تحويل تلك الأموال خارجياً، ما اضطرهم لتوجيهها داخلياً بشراء العقارات والمضاربة بأسعارها بهذا الشكل الجنوني". 


 

التهاب الأسعار

 

المواطن رحمن جبار، قال "نتفهم أن أسعار المواد الأساسية الداخلة في الإنشاءات كالحديد زادت بحدة بسبب الحرب في أوكرانيا، وتبع ذلك تزايداً في أجور العمل، لكن ما لا نفهمه هو الارتفاعات الخيالية والصادمة في أسعار العقارات"، ويضيف جبار "كان سعر المتر بحي الجامعة في العام 2019 بحدود (650) ألف، أما الآن فقد وصل إلى 22 - 25 ورقة (مئة دولار)، مما يعني أن الأسعار التهبت والفقير ضاع فيها".


 

مواطن آخر، ذكر أن شارع الربيع التجاري في حي الجامعة كان ما بين 30 إلى 35 ورقة للمتر الواحد، أما الآن فقد ارتفع إلى 90 ورقة وربما أكثر، ويضيف وكأنه يكشف عن سرٍ خفيّ "أسعار العقارات ارتفعت بسبب غسل الأموال للسياسيين والقروض الربوّية للبنوك العائدة لبعض الكيانات، فضلاً عن جشع الدلالين والسماسرة، وهذه الحقائق لا يريد البعض ذكرها أو التصدي لها".

 

تعديل قوانين الأصول الثابتة


ويتساءل المواطن حميد عباس "من المفروض أن سعر العقار ينزل بعد صعود سعر الدولار، لكن ما حصل هو العكس"، مضيفاً، أن "الكثير من المواطنين باتوا يذهبون إلى دول الجوار مثل تركيا لشراء الشقق وحتى الفلل، لأن قيمة فيلا في تركيا قد لا تكلف مئة ألف دولار، بينما شراء (عرصة) صغيرة ببغداد قد تكلف ثلاثمائة ألف دولار". 



خبراء في الاقتصاد، ومنهم الدكتور مضر الظالمي وصفوا هذا الأمر بالمعضلة وأن السيطرة عليه تكمن في تعديل بعض القوانين التي من شأنها السيطرة على أسعار الأصول الثابتة. 

 

وأوضح الظالمي، "على الحكومة أن تقوم بعملية تغيير قانون تداول الأملاك العقارية على مستوى السلع الرأسمالية، وليست السلع التي تباع وتشترى في نفس السنة أو في فترات متقاربة"، مضيفاً أن "عملية تغيير قانون تداول الأملاك وتثبيت المشتري في سجلات التسجيل العقاري لمدة عشر سنوات على الأقل، قد تسهم في سحب هذه الكتلة النقدية إلى قطاعات استثمارية أخرى غير العقارية". 

 

كما طالب الدكتور مضر بضرورة قيام الحكومة بدخول قطاع العقارات لإيقاف الارتفاع الجنوني في أسعارها، والاستمرار ببناء المدن السكنية الجديدة وتوفير الوحدات بأسعار مدروسة وإنعاش صندوق الإسكان بمزيد من الأموال والقروض.

 

أسعار جنونية وخدمات غائبة

 

يثير الإعلامي كريم الحيدري، مفارقة غريبة وهي إن "أسعار العقارات في كردستان العراق أرخص بكثير من أسعارها في بغداد، مع توفر البنى التحتية والخدمات المتكاملة هناك، فيما تغيب وبشكلٍ كامل الخدمات الأساسية في بعض مناطق بغداد، ومع ذلك نرى الأسعار جنونية في مناطق غير مخدومة".


 

ويضيف "غالباً هناك معايير تحدد أسعار العقارات في كل بقاع العالم، فارتفاع أثمان العقارات يعتمد على مدى توفر عناصر الأمان والخدمات والراحة والاستثمار والصحة والسياحة وما شابه". ويلفت الحيدري النظر إلى مسألة مهمة قد تكون السبب الرئيس في الارتفاعات السعرية للعقارات في بغداد، برغم غياب أو ضعف الخدمات، وهي متوالية العرض والطلب، فبسبب قلة المعروض من العقارات والأراضي المخدومة الصالحة لتشييد الوحدات السكنية، يظل الطلب مرتفعاً مع تنامي عدد السكان وانشطار الأسر.

 

مبادرات البنك المركزي

 

لن يتمكن الشاب أو الموظف البسيط الذي لا يتجاوز راتبه أربعمئة أو خمسمئة ألف دينار من شراء عقار بالطبع، لكن ثمة محاولات من قبل البنك المركزي لزيادة القروض الإسكانية بحدود 18 تريليون دينار، لدعم المصرف العقاري وصندوق الإسكان وتقديم التسهيلات الضرورية، التي قد تمنح المواطن العراقي فرصته في امتلاك السكن اللائق وهو الحق الذي كفله الدستور، برغم الفجوة الكبيرة والنقص الهائل في عدد الوحدات السكنية المطلوب توفيرها.