تحصد الحوادث المرورية في العراق عشرات الضحايا ومئات الجرحى شهريا، في مؤشر على استمرار تراجع تطبيق نظام المرور وعدم تهيئة الظروف المناسبة في الشوارع، وسط مناشدات بوضع حلول عاجلة لوقف نزيف الطرقات.
وأكد العزاوي، أن "سبب الحوادث هو السرعة الفائقة مع وجود الحفر والمطبات في الطرق وغياب علامات الإرشاد المروري"، مضيفا أن "الدراجات النارية وما يعرف بالـ(تك تك) هي سبب رئيس في ارتفاع معدلات الحوادث نتيجة قيادتها من قبل أطفال وغياب الرقابة"، داعيا الجهات المعنية إلى "ضرورة وضع حلول جذرية تسهم بالحد من الحوادث المرورية في العراق وضحاياها".
الأسباب والحلول
من جهته، أكد الرائد في مرور محافظة ديالى علي المجمعي أن "أسبابا كثيرة تقف وراء ارتفاع نسبة الحوادث في المحافظة، لعل من أبرزها عدم تطبيق نظام المرور بشكل صحيح، وعدم المحاسبة القانونية للمخالفين"، مبينا أن "رجل المرور ما زال يواجه صعوبة بفرض القانون والغرامات المالية على المخالفين، بسبب عدم وجود حماية أمنية وقانونية له من المعتدين عليه، خاصة من قبل المرتبطين بالأحزاب المتنفذة والجماعات المسلحة وغيرها، الذين يعتدون على رجال المرور إذا ما أرادوا إجبارهم على الالتزام بالأنظمة والقوانين".
وأكد أن "هؤلاء يتمردون على القانون وعلى سلطة رجل المرور بشكل معلن ومن دون أدنى خوف"، مضيفا أنه "فضلا عن ذلك، فإن هناك تقصيرا في إدامة الشوارع وترميم المطبات والحفر التي تنتشر بأغلب شوارع المحافظة، وهذا يقع ضمن مسؤولية مديريات الطرق والجسور".
وأشار إلى أن "البنية التحتية للشوارع والجسور لا تكفي لاستيعاب أعداد السيارات في المحافظة، يضاف إلى ذلك عدم تطبيق نظام المرور، وهذا في صلب مسؤوليات الحكومة"، مشددا على أن "الملف يتطلب تكاتفا وتعاونا من قبل أجهزة الدولة وأن يتحمل كل جهاز المسؤولية الملقاة على عاتقه، لا أن يلقى كل ذلك على عاتق رجل المرور وحده".
البيئة الملائمة
بدوره، حمّل الباحث في مجال حقوق الإنسان نهاد الكرخي الحكومة مسؤولية تلك الحوادث، مؤكدا أن "هناك تراكمات كثيرة، إذ إن الكثير من الشوارع في المحافظات غير مؤهلة لأن تكون طرقا رئيسة للسيارات، وهذا التراجع في مستوى الخدمات تسبب بوقوع الكثير من الحوادث".
وأوضح أن "الحصيلة التي أعلنتها الجهات الصحية مرتفعة جدا، وأن أرقام الضحايا تفرض على الحكومة والجهات المسؤولة مسؤولية كبيرة بمتابعة الأسباب ومعالجتها"، معتبرا أن "المسؤولية كبيرة في هذا الجانب، إذ إن تلك الحوادث لا تقل خطرا عن التهديدات الأمنية".
تراجع ثقافة الالتزام
الأكاديمي العراقي ماجد المعيني انتقد تراجع ثقافة الالتزام بالأنظمة والقوانين بشكل عام، وقال إن "سائقي السيارات يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية لسبب عدم التزامهم بنظام المرور، وهو ما يتطلب عقوبات مالية وقضائية يجب أن تطبق على المخالفين ممن يعرضون أرواح الناس للخطر".
وأكد أن "الحكومة مسؤولة عن نشر ثقافة القانون والالتزام به، إلى جانب اهتمامها بتطبيقه وفرضه على الجميع حتى لو كان بالقوة"، مشيرا إلى أن "الجانب الآخر لأعداد الضحايا يشير إلى ضعف الوعي بقوانين المرور ومحاولة الالتزام بها، وأن هذا يعد تخلّفا عاما يعانيه المجتمع، وهو ما يقع ضمن مسؤولية الحكومة والجهات المرتبطة بها، التي يجب عليها أن تتابع الملف إعلاميا وتوعويا لتحجيم نسب الحوادث المرورية في العراق".
وتُسجّل المحافظات العراقية بشكل يومي حوادث مرورية بسبب المخالفات المستمرة وعدم تطبيق النظام، وصار ذلك مشهدا مألوفا في شوارع البلاد، من خلال قيادة السيارات من دون رخص السياقة، ومن قبل أعمار صغيرة، وعدم الالتزام بقواعد السير والمرور، فضلا عن عدم الإلمام بأصول القيادة وإرشادات المرور، وغير ذلك.
يُشار إلى أن البرلمان العراقي صوّت على قانون المرور الجديد في أيار 2019، والذي نصّ على مضاعفة الغرامات على السائقين ممن يرتكبون المخالفات المرورية، إلا أنه لم يطبق بشكل صحيح، ولم يُسهم بتحجيم ارتكاب المخالفات.