على قرابة 151 ألف متر مربع في المدينة القديمة الموصل يمتد الخطر مهددا قلب الموصل بالعبوات الناسفة والمخلفات الحربية، وما تم تطهيره منها يعادل 10 بالمئة فقط، بحسب فريق العمل على إزالة الألغام.
خوف على الأطفال
قبل أسابيع، عاد أحمد سعيد، وهو رجل في عقده الرابع من العمر، إلى منزله الكائن في منطقة السرجخانة في مدينة الموصل القديمة، بعد سنوات من النزوح، رغم فرحته بالعودة، إلا أن تلك الفرحة لم تكتمل؛ فقد اكتشف مخلفاً حربياً قرب منزله أثناء تنظيفه للركام، هذا الاكتشاف أثار في نفسه مخاوف كبيرة على سلامة أفراد عائلته، خصوصاً أطفاله الذين يحبون اللعب في الحي.
ويقول سعيد "أخشى أن يخرج أولادي في الحي للعب بسبب مقذوف حربي اكتشفته مؤخراً بين ركام منزل، وربما تكون هناك مقذوفات أخرى لم نكتشفها بعد".
ويضيف "كما أننا لا نخشى عبث الأطفال بها فقط، بل نخشى أن تنفجر جراء ارتفاع درجات الحرارة التي يشهدها العراق".
قلق جماعي
سعيد ليس وحده من يعيش هذا القلق، فالمخلفات الحربية المنتشرة في الموصل القديمة تشكل تهديداً حقيقياً على حياة الأهالي.
محافظة نينوى، وخاصة مدينة الموصل القديمة، ما زالت تعاني من وجود كميات كبيرة من الألغام والعبوات الناسفة غير المنفجرة التي تُكتشف بين الحين والآخر. هذه المخلفات الحربية، التي تركتها سنوات من النزاعات، ما تزال تشكل خطراً دائماً على الحياة اليومية للسكان.
كما أن الأنقاض التي ما زالت متناثرة في المدينة تشكل هي الأخرى خطراً على الأهالي إذ من غير المستبعد أن تحتوي على ألغام وعبوات ناسفة لم تنفجر بعد، ما يجعل اكتشافها أمراً صعباً. العديد من الأهالي الذين عادوا إلى منازلهم بعد نزوح طويل يتحدثون عن مخاوفهم المستمرة من هذه المخلفات.
من جانبه، يوضح سالم عبد، وهو أحد سكان الموصل القديمة، "عدنا إلى منازلنا بعد فترة طويلة من النزوح، ولكن كل خطوة نخطوها هنا محفوفة بالمخاطر. لا نعرف أين يمكن أن نجد عبوة ناسفة أو لغم".
ويشير إلى أنه "على الرغم من مرور أكثر من سبع سنوات على تحرير الموصل من داعش الارهابي إلا أن الأنقاض ما زالت قائمة في المدينة وهي تخفي تحتها مقذوفات حربية بكل تأكيد".
جهود رفع الألغام
على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها فرق الدفاع المدني والشركات الأمنية لرفع الألغام والمخلفات الحربية، إلا أن هذه الجهود ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا ولم تنتهي من تطهير المدينة. فرق الدفاع المدني تعمل بجدية على اكتشاف ونزع الألغام من المناطق السكنية والطرقات، ولكن المهمة ليست سهلة.
ويؤكد أحد أعضاء فرق نزع الألغام، والذي رفض الكشف عن اسمه، ان "العمل هنا معقد وخطير. علينا أن نكون حذرين جداً في كل خطوة نخطوها. بين فترة وأخرى نكتشف المزيد من الألغام والعبوات الناسفة".
التحذيرات المستمرة
بعض المناطق في الموصل القديمة ما تزال تحتوي على لوحات تحذيرية تشير إلى مخاطر الألغام. هذه اللوحات تذكر الأهالي والزوار بخطورة المناطق التي لم يتم تطهيرها بعد.
ورغم مرور سنوات على انتهاء الحرب ضد داعش، إلا أنه لم يُعلن بعد عن أن محافظة نينوى أو مدينة الموصل خالية من الألغام بشكل كامل.
الأثر النفسي
الأهالي يعيشون في حالة من التوتر والقلق المستمر بسبب المخلفات الحربية. ويقول علي حسين، وهو أب لثلاثة أطفال، "لا نستطيع أن نعيش حياة طبيعية. الأطفال يخافون من اللعب خارج المنزل، ونحن نخشى أن يحدث شيء سيء في أي لحظة".
ويتابع "نأمل أن يتم تطهير منطقتنا بشكل كامل قريباً لكي نعيش حياتنا بشكل طبيعي دون خوف أو قلق على سلامتنا".
الطقس خطر آخر
في ظل ارتفاع درجات الحرارة في العراق، تتزايد المخاطر المرتبطة بالمخلفات الحربية، فالحرارة العالية يمكن أن تؤدي إلى انفجار الألغام أو العبوات الناسفة غير المنفجرة، مما يزيد من خطورة الوضع. هذه الظروف تجعل من الضروري تكثيف الجهود لتطهير المناطق المتأثرة في أسرع وقت ممكن.
الأمل في المستقبل
ورغم كل هذه التحديات، إلا أن الأهالي يعيشون على أمل أن تتحسن الأوضاع تدريجياً. الجهود المبذولة من قبل فرق الدفاع المدني والشركات الأمنية تعطي بعض الأمل في أن يتم تطهير المدينة بشكل كامل قريباً. ولكن حتى ذلك الحين، تبقى المخلفات الحربية تهديداً دائماً على حياة الأهالي في الموصل القديمة.