أكبر عملية لـ"خرق" سيادة العراق.. أردوغان يهرب من فشل الداخل التركي الى حرب في كردستان

19:11, 2/07/2024
898

منذ ايام عديدة تنفذ القوات التركية توغلاً عميقاً في الحدود العراقية، سيطرت بذلك على نحو 50% من محافظة دهوك ضمن اقليم كردستان العراق، ونصبت لها قواعداً جديدة، واغلقت طرقاً رئيسة وثبتت السيطرات والمرابطات هناك، بالتزامن مع تزايد الهجمات الجوية على مناطق شمال المحافظة، من دون اي رد فعل من قبل حكومة اقليم كردستان ولا اي تحرك لقوات البيشمركة، التي ترجح المصادر انها فتحت الباب على مصراعيها لجيش اردوغان.

وتؤشّر معطيات ميدانية في مناطق شمال العراق على دخول المواجهة التي يخوضها الجيش التركي منذ عقود ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في تلك المناطق، مرحلة غير مسبوقة من التصعيد مع مضاعفة تركيا لمجهودها الحربي سعيا لحسم الصراع ضدّ الحزب في أمد منظور تنفيذا لتعهّدات أطلقتها القيادة السياسية للبلاد، في محاولة لتغيير بوصلة الرأي العام التركي الغاضب من الانهيار الاقتصادي وارتفاع الاسعار المتزايد هناك.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

وبذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان - قبل أيام من انطلاق العملية - إنّ قوّات بلاده ستنفذ "عمليات مكافحة إرهاب أكثر عزما وفعالية" على مدار شهور الصيف. وكان قد تعهّد في وقت سابق بأن تستكمل تركيا تأمين حدودها مع العراق بحلول الصيف وتنهي ما بقي لها من عمل عسكري وأمني في سوريا.

ساعة الصفر.. آلاف الجنود ومئات الدبابات تقتحم

العمليات العسكرية التركية المكثفة هذه، اعطي الضوء الاخضر فيها ليلة 22 حزيران الماضي، لتتحرك قوات الجيش التركي باعداد كبيرة نحو دهوك استمر هذا التدفق لثلاثة ايام، ليبدو انها بداية لحرب طويلة في شمال العراق.

وهي ذات الحملة التي تحدث عنها الرئيس التركي اردوغان منذ نهايات عام 2023 والنصف الأول من عام 2024. والتي كانت من نتائج الاتفاقات التي عقدها وزراء الخارجية والدفاع والمسؤولين الامنين العراقيين والاتراك في انقرة في كانون الاول 2023، والتي كانت اشارة الى موافقة رسمية عراقية ضمنية للسماح لتركيا بالانتشار في العراق لمحاربة حزب العمال الكردستاني.

العملية المستمرة حتى الان، تضمنت ارسال مئات الدبابات والمدرعات اكثر من 300 دبابة ومدرعة حتى الان، واكثر من الف مقاتل تركي التحقوا بأكثر من عشرة الاف مقاتل تركي يتواجدون في شمال العراق منذ انطلاق العمليات التركية الموسعة بكردستان ايار 2019.

يستخدم الجيش التركي اسلحة ثقيلة في عملياته، بما فيها المدافع، والطائرات الحربية والاباتشي والشينوك الامريكية لقصف مناطق تواجد العمال الكردستاني، بما فيها قصف الكهوف والانفاق التابعة له، لكن يبدو ان عناصر حزب العمال كانوا مستعدين لتلك العمليات، وتمكنوا من الاختفاء على نطاق واسع في المناطق الجبلية.

 

هل وافق السوداني على طلب اردوغان؟

خلال زيارته الى العاصمة بغداد، لم يحقق اردوغان هدفه باقناع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بمشاركة الجيش العراقي في العمليات ضد حزب العمال الكردستاني، وهو ما دفعه لاحقا الى التصريح مرارا بان "تركيا ستقوم بنفسها بتنفيذ عمليات الصيف ضد حزب العمال الكردستاني".

وتأتي العملية القائمة حاليا، مع استمرار عمليات (المخلب – القفل) التي اطلقها وزير الدفاع التركي السابق خلوصي اكار في ۱۷ نيسان 2022 ، والتي اعقبت سلسلة عمليات باسم "المخلب" سبق ان اطلقها الجيش التركي في شمال العراق بدأت بـ(المخلب – النسر) الجوية في أيار 2019 ، أعقبتها عملية (المخلب – النمر) في حزيران 2020، التي جرت بمشاركة القوات الخاصة بالجيش التركي.

 

مصير الاهالي ورد العمال الكردستاني العاجل

وفي المقابل، نفذت قوات "الكريلا"، وهي القوات الخاصة لحزب العمال، سلسة من العمليات ضد الجيش التركي، عقب توغله الاخير، وخلال الايام 24 و 25 و 26 حزيران في منطقة الزاب وجبال متين تجاوزت 16 عملية تضمنت عمليات قنص مباشرة وقصف بالهاونات اسفرت عن مقتل 8 جنود اتراك.

اما سكان القرى في منطقة بروراي بالا، وصولا الى منطقة بامرني القريبة من مركز قضاء العمادية، فهم حذرون في التنقل، اذ تم تم ابلاغ سكان قرى عديدة في المنطقة وعلى نطاق واسع من قبل الجنود الاتراك الذين نفذوا دوريات سيارة واحيانا راجلة، تم ابلاغهم بأن الجيش التركي لا يستهدفهم، وان السكان المحليين ليسوا اعداء الا اذا تعاونوا مع حزب العمال الكردستاني.

المتغير البارز في هذه العملية التركية، ان الانتشار والحركة للجيش التركي كانت واسعة وتعاملت مع المنطقة على انها منطقة تركية، فقد نصبوا نقاط تفتيش بين القرى وطلبوا الهويات الشخصية من السكان المتنقلين، وهم يستعينون في التعامل مع الاهالي او طلب الهويات الشخصية والتحقيق مع السكان بمتعاونين من اكراد شمال تركيا من عشيرة جيركي وجوي الكردية التركية.

تجوال تركي وانسحاب البيشمركة

كشفت فيديوهات حصلت عليها "العهد نيوز" في وقت سابق، توغل الجيش التركي داخل مدن محافظة دهوك شمال العراق، بطريقة تتطلب رداً واضحا من حكومة اقليم كردستان، الذي ترجح التقارير الصحفية ان تكون متورطة بفتح الحدود للقوات التركية، وترك الشوارع خالية لنصب سيطراتها وتجولها، بعد سحب قوات البيشمركة التي مهمتها "حراسة حدود اقليم كردستان العراق".

واوضحت تقارير صحفية، تابعتها "العهد نيوز"، ان الجيش التركي دخل مدن اقليم كردستان بـ300 دبابة ومدرعة، واقام حاجزا امنيا ضمن حدود منطقة بادينان في دهوك، منذ 10 ايام.

‏واضافت ان "الدبابات والمدرعات التركية توغلت في قرى (أورا ، وسارو، وارادنا، وكيستا، و چلك، وبابير)".

‏واشارت الى تنقّل حوالي 1000 جندي تركي بين قاعدة (گري باروخ) العسكرية التركية، وجبل (متينا) خلف ناحية (بامرني) في غضون 3 أيام، و أقاموا حاجزا أمنيا بين قريتي "بابير" و"كاني بالافي"، ولا يُسمح لأي مدني بالمرور إلا بعد التحقيق معه وإبراز هوية الاحوال المدنية العراقية أو البطاقة الوطنية.

 

اهداف اردوغان.. الهروب نحو الخارج

لكل عملية اهداف أمنية بالدرجة الاساس، لكن مختصون بالشأن التركي يقولون بان هدف هذه العملية سياسي قبل ان يكون أمنياً، حيث يسعى الرئيس التركي إلى أن تكون هذه العملية خدمةً لرصيده السياسي في الاستحقاقات السياسية الداخلية المقبلة، خصوصاً بعد هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية الأخيرة، والرأي العام التركي الناقم على الانهيار الاقتصادي وزيادة التضخم وارتفاع الاسعار المتزايد من دون حلول اقتصادية من قبل حكومة اردوغان.

كما يراهن على تحقيق انتصار في العراق ضد حزب العمال الكردستاني، للتأثير على حظوظ الأحزاب السياسية الكردية في الجنوب التركي، كونها بيئة تنافسية انتخابية أضرت حزب العدالة والتنمية خلال الفترة الماضية. وكذلك سحب ورقة مهمة من يد المعارضة التركية، وتحديداً حزب الشعب الجمهوري المعارض، الذي يعتبر أن سياسات حزب العدالة والتنمية هي المسبب الرئيس وراء حالة الاحتقان الأمني الذي تعيشه مناطق جنوب تركيا.

والهدف السياسي الاخير، يتمثل بالتأثير على الخيارات السياسية للأكراد السوريين، والذين يطمحون بتكرار تجربة إقليم كردستان في سوريا ما بعد الصراع.

 

اما بالنسبة للجيش التركي، فيرى المختصون ان اهدفه تتمثل باحكام السيطرة العسكرية والأمنية على منطقة (بروراي بالا) بكل قراها، والسيطرة الكاملة على جبل (متينا) من شرقه الى غربه، وصولا الى منطقة جبال (حفتانين) على الحدود العراقية التركية، ومن ثم العبور والسيطرة على جبل (كارة)، وهو الهدف الثالث بعد احتلاله جبال حفتانين، ثم جبال متين، وصولا الى تحقيق هدف السيطرة جبل كارة الذي يتمتع بموقع مهم لكونه يربط ما بين دهوك واربيل.

وفي حال سيطرة او احكام النفوذ التركي على جبل كارة، ستكون تركيا منتشرة باكثر من نصف مساحة دهوك.

 

العمليات التركية تهديد للأمن القومي

بدورها، أعربت الرئاسة العراقية عن بالغ القلق إزاء العمليات العسكرية التركية الجارية داخل الحدود العراقية في إقليم كردستان، ووصفتها بأنها "خرق للسيادة العراقية وتهديد للأمن القومي العراقي".

وقال ناطق باسم الرئاسة، في بيان ورد لـ"العهد نيوز"، إن "تكرار العمليات العسكرية التركية داخل الحدود العراقية في إقليم كردستان، ومن دون تنسيق مع الحكومة الاتحادية العراقية، رغم دعوات سابقة إلى وقفها وإجراء محادثات وتنسيق حولها، هو غير مقبول".

وأضاف انه "في الوقت الذي نؤكد فيه على تعزيز العلاقات الإيجابية مع تركيا على أساس المصالح المشتركة، وحل الملفات الأمنية عبر التعاون والتنسيق المشترك المسبق، فإن الممارسات الأمنية الأحادية الجانب في معالجة القضايا الأمنية العالقة أمر مرفوض، ويجب احترام السيادة العراقية".

وشدد على "رفض العراق المستمر بأن تكون أرضه ميدانا للصراعات وساحة لتصفية حسابات الآخرين".

وكذلك وزارة الخارجية العراقية أصدرت بيانا وصفت فيه العمليات التركية بأنها تمثل خرقا للسيادة ومخالفة لمبدأ حسن الجوار.