"أحفاد يتفادون زيارة جدتهم".. أزمة المياه في الإقليم تنذر بـ "كارثة كبيرة"

14:32, 12/08/2024
450

تشهد مدينة أربيل والمناطق المجاورة لها، أزمة كبيرة للمياه وشحة لا مثيل لها، حيث ينتظر السكان بفارغ الصبر صهاريج مياه لتعبئة خزاناتهم الفارغة، على وقع أزمة شحّ مياه تتكرر منذ سنوات خلال فصل الصيف.

 

ويقول بابير، وهو رجل تجاوز الـ 80 من عمره في ضاحية دارتو: "لا يوجد ما هو أسوأ من عدم توافر المياه خلال الصيف، ولا حياة من دون مياه".


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

وعلى غرار مناطق مكتظة عدة في أربيل وضواحيها، يعتمد سكان دارتو على المياه الجوفية لتأمين حاجتهم من الماء، ولكنهم منذ سنوات، باتوا يخشون أيام الصيف لمعرفتهم أنها ستأتي بأيام قاسية على وقع الجفاف الذي يضرب العراق منذ سنوات وقلة الآبار والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي الضروري لضخ المياه.

 

ويسعون إلى شراء المياه أو ينتظرون كميات المياه التي تؤمنها المنظمات الإنسانية للغسيل والاستحمام والطبخ وري حدائقهم. ويقول بابير: "ماذا نفعل؟ نحن نستحمّ كل 15 يوما". 

 

ومن على سطح منزله، ينادي بابير على سائق صهريج مياه أرسلتها جمعية خيرية أثناء مروره في الشارع طالبا منه تعبئة خزانه الفراغ، لكنه يضطر مرات عدة لشراء المياه براتبه التقاعدي المتواضع.

 

وتابع: "راتبي 220 ألف دينار (حوالي 168 دولارا)، 170 ألفا منها تذهب للإيجار و50 ألفا للمياه والكهرباء"، ما يجعله مضطرا لتلقي مساعدة من أولاد عمه.

 

وخرج سكان المناطق المتضررة من شح المياه مرات عدة إلى الشارع خلال السنوات الماضية، مطالبين بإيجاد حلول، لكن بابير يقول إن لقاءات عديدة مع مسؤولين محليين لم تسفر عن أي نتيجة.

 

وأردف: "قد اضطر إلى أن أغلق أبواب منزلي وأغادر إلى مكان آخر توجد فيه مياه".

 

آبار تشكو الجفاف

 

ويعاني العراق منذ أكثر من 4 سنوات من جفاف قضى على جزء كبير من الأراضي والمزروعات، حيث يعدّ ذلك البلد، وفق الأمم المتحدة، من بين الدول الخمس الأكثر تأثّرا ببعض أوجه التغيّر المناخي.

 

وبالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار، يعزو العراق الجفاف أيضا إلى بناء الجارتين تركيا وإيران سدودا على نهري دجلة والفرات اللذين يرويان منذ آلاف السنين بلاد ما بين النهرين، مهد الزراعة.

 

ويعد المصدر الأساسي للمياه في أربيل محطة إفراز التي تستمد مياهها من نهر "الزاب الكبير" ومصدره تركيا ويلتقي بدجلة في العراق، فضلا عن 1240 بئرا منتشرة في جميع أنحاء المدينة.

 

وقال محافظ أربيل، أوميد خوشناو، قبل أسابيع إن "أكثر من 25 بالمئة من مياه الآبار جفت العام الحالي" بمدينة أربيل وضواحيها، مشددا على أنه حان الوقت للاعتماد بشكل أقل على مياه الآبار.

 

وعلى وقع الأزمة المتكررة، أعلنت محافظة أربيل تخصيص مليار و500 مليون دينار (أكثر من مليون دولار) لحل مشكلة المياه، عبر حفر المزيد من الآبار وتأمين الكهرباء لها عبر الخط الوطني أو المولّدات.

 

وقال قائمقام أربيل، نبز عبدالحميد، إن انقطاع التيار االكهربائي خصوصا خلال الصيف عطّل تشغيل الآبار، مضيفا: "حاليا، قمنا بمعالجة مشكلة أغلب الآبار وزودناها بخط كهرباء وطني دون انقطاع"، والعمل جار لتشغيل باقي الآبار وإيجاد حلول أخرى للأزمة بينها تطوير محطة إفراز.

 

انتظار الحلول

 

في دارتو، يملأ عامل خزانات منازل عدة واحدا تلو الآخر بواسطة خرطوم مياه عادي، فيما تنتظر طفلة دورها لتعبئة زجاجات بلاستيكية، ويرش آخرون المياه على وجوههم لتخفيف وطأة حرارة الصيف.

 

أما سرور محمد (49 عاما)، فقد ملأ شاحنته بسجّاد وحاجات منزلية أخرى استعدادا لنقلها إلى قرية قريبة لغسلها.

 

ويقول: "صحيح أن المنظمات تأتي بالمياه لكن هذا ليس علاجا"، مشيرا إلى أن بين أسباب نقص المياه الكثافة السكانية وصغر حجم الأنابيب.

 

ويتابع: "على الحكومة إيجاد حلول جذرية؛ لأن الاعتماد على مياه الآبار ليس حلا"، خصوصا أن مستويات المياه فيها تتدنى جراء الجفاف، عدا عن انقطاع التيار الكهربائي المتكرر. 

 

وزاد: "المياه الجوفية أصبحت قليلة ومن الصعب الاعتماد عليها".

 

وتتحسر جارته، ماهيا نجم، على سنوات سابقة كانت المياه خلالها "وفيرة" حتى في فصل الصيف. وتابعت:"لكن منذ 4 سنوات، تندر المياه مع ارتفاع درجات الحرارة، وبات وضعنا صعب جدا". 

 

حتى إن أولادها وأحفادها باتوا يتفادون زيارتها بسبب نقص المياه. "لا نستطيع الغسل أو حتى تحضير الطعام واستقبال الضيف"، حسبما ذكرت.

 

وتضيف بعدما حصلت على حصتها من المياه من صهريج المساعدات: "نحن في أمس الحاجة للمياه، هذه ليست حياة".