جيش الاحتلال يستهدف مدنيي لبنان على طريقة غزة.. هل سيحصل "اجتياح بري"؟

اليوم, 12:37
539

يروج جيش الاحتلال الإسرائيلي وقادة سياسيون لاستخدام حزب الله منازل مدنيين ومرافق مدنية خاصة في جنوب لبنان كمخابئ لإطلاق الصواريخ، مطالبًا اللبنانيين بمغادرتها تمهيدًا لقصفها، تزامنًا مع تصعيد غاراته على مناطق واسعة.

 

وسيشهد لبنان ربما في الساعات القريبة، قصفًا أكثر عنفًا، بحسب ما يشي به كلام الناطق  بلسان جيش الاحتلال دانيال هغاري اليوم الاثنين، موظفًا معه فيديو يزعم إخفاء حزب الله صواريخ موجّهة داخل منازل، وذلك في تمهيد لقصفها، ويتشابه ما قدّمه الناطق اليوم، مع ما قام به في بداية حرب الإبادة على قطاع غزة، عندما زعم إلى جانب قادة عسكريين وسياسيين إسرائيليين استخدام حركة حماس المرافق المدنية والطبية للاحتماء فيها.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

وتحت هذه الذريعة اقتحم جيش الاحتلال وقصف مستشفى الشفاء ومشافي غزة الأخرى وأوقع شهداء وجرحى، ومع هذا لم تستطع إسرائيل اثبات افتراءاتها، ورغم التدمير الشامل لمستشفى الشفاء وإجراء أعمال حفر، لم يعثر جيش الاحتلال على ما يشير إلى وجود بنية ومركز قيادة لحماس أسفل المستشفى، كما روج قبل بدء الحملة.

 

ويروّج وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس لنفس الادعاء، زاعمًا عبر حسابه على منصة إكس، أن "نصر الله حوّل سكان لبنان إلى رهائن، ووضع الصواريخ والأسلحة داخل بيوتهم وبلداتهم لتهديد الجبهة الداخلية الإسرائيلية". وقال: "على سكان لبنان إخلاء أي منزل أصبح موقعًا لخدمة منظمة حزب الله حتى لا يتعرّضوا للأذى".

 

يمهد هغاري وكاتس وغيرهما من المسؤولين الإسرائيليين ليس لتوسيع وتصعيد القصف الإسرائيلي وإنما زيادة احتمالات الاجتياح البري لمناطق في لبنان، وهو الأمر الذي لا يخفيه الاحتلال، وقد وضع الخطط بالفعل لتنفيذه، على غرار ما حدث في قطاع غزة. 

 

وقياسًا على ما حدث في القطاع سيكون كل شيء في لبنان مباح، حتى المدنيين، وبلا ضوابط، وهو ما بدا واضحًا في الأيام الماضية، بدءاً بتفجير أجهزة الاتصالات الخاصة بحزب الله وسط المدنيين موقعًا ضحايا بينهم وكذلك قصف مبنى مكتظ في الضاحية الجنوبية لبيروت ما أسفر عن سقوط 52 شهيداً على الأقل، في عملية أدت أيضا إلى اغتيال عدد من كبار قادة حزب الله.

 

ويلتقي هذا ما ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" أمس الأحد، حول عرض جهات في جيش الاحتلال الإسرائيلي على المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) خططاً كبيرة لهجمات على لبنان، بعضها يستهدف مدنيين، كما يتقاطع مع تصاعد لهجة التهديد من قبل مسؤولين إسرائيليين، على رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت ورئيس هيئة الأركان هرتسي هلفي، بشأن توجيه المزيد من الضربات الصعبة لحزب الله ودخول الحرب على لبنان مرحلة جديدة.

 

وتدرك إسرائيل أن نزوح المدنيين اللبنانيين من المناطق التي يهدد باستهدافها، لا علاقة بوجود أسلحة وصواريخ في منازلهم، ولكنها محاولة للنجاة بحياتهم، في ظل الحرب النفسية والعسكرية التي تمارسها، وأمام جيش يرتكب مجازر يومية وإبادة جماعية في غزة منذ نحو عام برعاية أميركية، دون أن يجد من يوقفه.

 

وقال وزير الأمن يوآف غالانت إن "مناعة الجبهة الداخلية (الإسرائيلية) هي المفتاح الذي يسمح للجيش الإسرائيلي بمحاربة العدو والمس به. أمامنا أيام سيتعيّن فيها على الجمهور إظهار رباطة جأش وانضباط وطاعة كاملة لتعليمات قيادة الجبهة الداخلية. هذا ينقذ الأرواح". ويشي كلام غالانت بمواجهة شديدة مقبلة.

 

لكن أيضًا في مقابل محاولة رصد صفوف الإسرائيليين، يحاول الاحتلال زرع المزيد من الفتن في أوساط اللبنانيين، في مسعاه لمواصلة استباحة أجواء لبنان وأراضيه، وحرب أوسع على لبنان ستتجاوز حتمًا حزب الله وقاعدته الشعبية ومؤيديه مثلما تجاوزت في غزة حركات المقاومة خاصة "حماس" لتطاول المدنيين.

 

أما مزاعم جيش الاحتلال وجود صواريخ في منازل لبنانين، فقد يستخدم لاحقًا من قبل مسؤولين وإعلاميين إسرائيليين، لتبرير مجازر قد تقع، بترديد ادعاء "لا أبرياء في لبنان" أو أقلها "لا أبرياء في الضاحية الجنوبية لبيروت"، مثلما قالوا قبلها "لا أبرياء في غزة".

 

شهية الاحتلال زادت

 

ويبدو أن نجاح العمليات الأخيرة، بالمفهوم الاسرائيلي في لبنان، زاد من شهية الاحتلال للمزيد منها، بغض النظر عن رد فعل حزب الله، إذ أن إسرائيل هي من كسرت أولًا معادلة الضربات المتبادلة منذ بدء التصعيد قبل نحو عام، ولا تزال توسع دائرتها.

 

وقال نتنياهو، أمس الأحد، إن جيش الاحتلال "أنزل في الأيام الأخيرة سلسلة ضربات بحزب الله لم يتخيّلها" لافتاً إلى أنه "إذا كان حزب الله لم يفهم الرسالة، فأنا أعدكم أنه سيفهمها"، وكل ذلك تحت ذريعة "إعادة السكان في الشمال بأمان إلى منازلهم".

 

في غضون ذلك، نقل المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية عاموس هارئيل، اليوم الاثنين، عن مصادر عسكرية لم يسمّها، أن "الحساسية في الشمال لا تزال مرتفعة للغاية، وسيكون من الضروري مواصلة الضغط الشديد على حزب الله وربما زيادته، إذا كانت إسرائيل تسعى لإجبار المنظمة (حزب الله) على تقديم تنازلات ستؤدي إلى وقف إطلاق النار بالشروط التي تريدها".

 

ولفت المحلل إلى تقديرات داخل الجيش بأيام قتال شديد مقبلة، على الأقل في الفترة القريبة، وحديث مصادر عسكرية عن "محاولة لتغيير قواعد لعبة الضربات على لبنان". مع هذا ادّعى أن المسؤولين العسكريين يفضّلون حلًا سياسيًا يفضي إلى إبعاد حزب الله قواته شمالي الليطاني. ويتعلق جزء من الحسابات برأيه إلى حد كبير بعدد المدنيين الذي ستطاولهم الحرب وعواقبها من كلا الجانبين.