في أعقاب الإبادة الجماعية التي نفذها تنظيم داعش بحق الأيزيديين في العراق عام 2014، ما زال آلاف الأيزيديين مفقودين، حيث تشير التقديرات إلى أن العديد منهم لا يزالون في الأسر أو في عداد المجهولين.
التقرير الذي نشرته وكالة رويترز يسلط الضوء على معاناة الناجين الذين يواصلون استعادة ذكريات مؤلمة ويعانون من صعوبات هائلة في الوصول إلى أي معلومات عن مصير أقاربهم. في حين أن جهود المنظمات الإنسانية والحكومة العراقية مستمرة، فإن بطء الإجراءات وتعقيد الأوضاع في المناطق المتأثرة بالحرب، مثل سنجار، يعوق تحقيق أي تقدم ملموس.
التقرير يكشف عن قصص إنسانية مؤثرة تسلط الضوء على الآثار النفسية والاجتماعية العميقة لهذه الإبادة، مع التركيز على الجهود المبذولة لتحديد مواقع الأسرى المفقودين وتقديم المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة.
ويقول مسؤولون عراقيون إن أكثر من خمسة آلاف إيزيدي، معظمهم من الرجال والنساء كبيرات السن قتلوا في بداية الهجوم في أغسطس آب 2014 وألقيت جثثهم في مقابر جماعية.
كما تم أسر نحو 6400 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال. وبينما كان يتم بيعهم لأغراض تنوعت ما بين الاسترقاق والاستعباد الجنسي أو تدريبهم ليكونوا مقاتلين ومفجرين انتحاريين، كانوا ينتقلون من مالك إلى آخر في إطار "دولة الخلافة" التي امتدت لتشمل ثلث العراق وسوريا تقريبا.
وفي أكتوبر تشرين الأول، أعلن مسؤولون أمريكيون وعراقيون أن إيزيدية تبلغ من العمر 21 عاما اختطفها التنظيم قبل نحو عشر سنوات تم إجلاؤها من قطاع غزة في عملية سرية شاركت فيها إسرائيل.
ويعتقد نشطاء إيزيديون أن آخرين ما زالوا محتجزين لدى مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية وأفراد أسرهم، أو بدأوا حياة جديدة في سوريا وتركيا أو أماكن أخرى. وتتراوح التقديرات من بضع مئات إلى أكثر من ألف.
وقال أفراد إنقاذ وأسرى سابقون إن كثيرين أخذهم التنظيم وهم أطفال صغار وليس لديهم سوى القليل من الذكريات عن المكان الذي أتوا منه. وبعضهم نشأ في ظل أيديولوجية التنظيم المتشددة، ولا يريدون العودة إلى مجتمعهم الأصلي. وتخشى أسيرات من تعرضهن للنبذ أو فصلهن عن الأطفال الذين أنجبنهم من مقاتلي التنظيم الذين استعبدوهن.
كانت العادة هي نبذ الإيزيديين الذين يعتنقون الإسلام أو يتزوجون من خارج الطائفة، حتى وإن كان ذلك تحت الإكراه. كان ذلك نتيجة لقرون من الاضطهاد الذي يقول شيوخ الطائفة إنه جعل الطائفة تخشى على بقائها. كما أن الاغتصاب وصمة عار تلطخ شرف الأسرة.
وبعد هجوم التنظيم، سمح الزعماء الدينيون للطائفة بإعادة تعميد النساء والفتيات اللاتي أجبرن على العبودية الجنسية في معبد لالش بشمال غرب العراق، وهو أقدس موقع للإيزيديين. لكن الأطفال الذين أنجبنهم من مسلحي التنظيم غير مرحب بهم.
وقال لقمان سليمان المتحدث باسم لالش "دمهم هو دم داعش.. عندما يكبرون.. سيكونون قتلة" مستخدما الاسم المختصر للتنظيم.
واضاف سليمان إن هناك عقبة أخرى بسبب قانون عراقي ينص على أن الأطفال على دين آبائهم، والإيزيديون لا يقبلون هذا.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في يوليو تموز "نحن عازمون على العثور عليهم ومعرفة مصائرهم وإنقاذ من لا يزال على قيد الحياة"، مضيفا أن واشنطن استثمرت نحو 500 مليون دولار في دعم تعافي المجتمعات المحلية الأكثر تضررا من التنظيم.
واتفق خلف سنجاري مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الإيزيديين مع أن الحكومات السابقة لم تبذل ما يكفي من الجهد، قائلا إن الموارد كانت محدودة، والأولوية كانت هزيمة التنظيم.
لكنه قال إن الحكومة شكلت الآن لجنة للعمل على قضايا الإيزيديين المفقودين وتنسق مع الشركاء.
وقال ديندار زيباري منسق التوصيات الدولية في حكومة إقليم كردستان إن الحكومة لا تزال ملتزمة بتحديد أماكن الإيزيديين وإعادتهم، وإنها "تعمل بشكل وثيق مع الوكالات الدولية لمعالجة هذه الحالات المعقدة".
وأقر بأن بغداد اتخذت خطوات لدعم الإيزيديين، لكنه قال إن تحسين التعاون مع كردستان من شأنه أن يساعد في تسريع عمليات الإنقاذ. وأضاف أنه لم يكن هناك تنسيق بين حكومة كوردستان العراق والكورد في سوريا.