مع اقتراب الانتخابات.. خطوات كبرى لملاحقة أزلام النظام السابق واسترداد الأموال المنهوبة

اليوم, 10:23
882

إن مساعي العراق في محاكمة إرث النظام السابق واسترداد الأموال والممتلكات المنهوبة تعد من أبرز التحديات التي تواجه الدولة الحديثة بعد عام 2003. فالقضايا المتعلقة بالمساءلة، ومحاربة الفساد، ومنع عودة رموز البعث إلى مواقع النفوذ تشكّل حجر الزاوية في عملية بناء مؤسسات الدولة، وإرساء أسس العدالة والمواطنة. وفي هذا الإطار، يبرز دور «الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة» التي تعمل، بحسب التصريحات، على استثمار قاعدة بيانات رصينة، والتنسيق مع جهات قضائية وأمنية، لملاحقة المبالغ والأملاك التي استحوذ عليها رموز النظام السابق، مع وضع آليات لتلقي التظلمات وضمان مراجعة قانونية مهنية.

كشفت الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة عن جملة من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها في إطار ملاحقة رموز النظام السابق، ومنع عودتهم إلى مواقع السلطة، واسترداد الممتلكات والأموال المنهوبة داخل العراق وخارجه، وذلك استنادًا إلى القانون رقم (72) الصادر عن مجلس النواب.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل


وأكد رئيس الهيئة، باسم الشويلي، في تصريحات رسمية، أن قاعدة البيانات المتوفرة لدى الهيئة مكّنتها من "إبعاد أزلام النظام السابق عن السلطات التشريعية والتنفيذية والأمنية، ومنع عودتهم إلى مواقع القرار"، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء يأتي ضمن إطار الحفاظ على النظام الديمقراطي ومنع إعادة إنتاج منظومة الاستبداد السابقة.

وأضاف أن دائرة الملاحقات الاقتصادية والمالية التابعة للهيئة "تتابع بدقة ممتلكات المسؤولين السابقين داخل العراق وخارجه"، وذلك استناداً إلى القانون الذي ينص على مصادرة وحجز ممتلكات المشمولين حصراً من قيادات النظام البائد، ابتداءً من صدام حسين وعائلته، وصولاً إلى أعضاء الفروع والمديرين العاملين في الأجهزة القمعية.

وفي السياق ذاته، كشفت الهيئة عن تعاون مستمر مع هيئة النزاهة واللجنة العليا لاسترداد الأموال المنهوبة، مشددة على أن جميع الإجراءات تُتخذ "وفق مخاطبات رسمية ووثائق معتمدة تكفل تحقيق العدالة".

 

الترويج للبعث... تحت الرقابة

وفي خطوة تهدف إلى محاصرة أي محاولة لإعادة ترويج الفكر البعثي، أشار الشويلي إلى أن الهيئة أنشأت قسماً متخصصاً يتولى "رصد أي محاولة للترويج للنظام السابق أو تمجيد رموزه"، موضحًا أن هذا القسم يتابع الأنشطة الإعلامية والثقافية والمحتوى الرقمي، بالتنسيق مع هيئة الإعلام والاتصالات.

ووفقًا لتقارير، فقد تم تفكيك خلايا في محافظتي صلاح الدين والأنبار، كانت تعمل على ترويج أفكار حزب البعث المحظور، من خلال منصات التواصل الاجتماعي أو الأنشطة الثقافية والإعلامية. وأكدت الجهات الأمنية أن هذه المحاولات تخالف القانون وتندرج ضمن الجرائم التي تهدد الأمن المجتمعي.

 

إصلاح ثقافي وتربوي شامل

وفي جانب متصل، كشفت الهيئة عن مواصلة جهودها في مراجعة المناهج التعليمية والرموز الثقافية التي كانت تُستخدم لأغراض دعائية من قبل النظام السابق. 

وأكد الشويلي أنه "تم إلغاء جميع المناهج الدراسية التي تضمنت إشارات إلى حزب البعث"، فضلًا عن "إزالة التماثيل والشعارات والرموز التي حاول النظام السابق فرضها في المؤسسات والمواقع الأثرية، بما فيها ما أُقحم في مدينة بابل الأثرية".

وتأتي هذه الإجراءات ضمن إطار أوسع لـ"تنقية المؤسسات التربوية والثقافية من الإرث الدعائي للبعث"، بحسب ما أكدته الهيئة.

 

تظلمات ومراجعات قانونية

في الوقت ذاته، شدّد الشويلي على أن الهيئة تتيح للمشمولين بقراراتها تقديم طلبات تظلّم، عبر دائرة المفتش العام أو من خلال المواقع الرسمية، مشيرًا إلى أن هذه الطلبات "يتم تدقيقها بصورة مهنية وقانونية"، لضمان حقوق الأفراد وتحقيق العدالة ضمن الأطر الدستورية.

 

تحديات قائمة ومطالبات بالشفافية

ورغم الجهود المبذولة، تواجه الهيئة تحديات عدة، أبرزها صعوبة استرداد الممتلكات الموجودة خارج البلاد، والضغوط السياسية التي تحيط بعملها، فضلًا عن دعوات أوساط برلمانية لمراجعة بعض مواد القانون رقم (72)، ما يثير جدلًا حول مستقبل هذه الإجراءات.

وفي هذا السياق، دعت منظمات حقوقية ومراكز أبحاث إلى تعزيز الشفافية في عمل الهيئة، من خلال نشر تفاصيل أوفى عن القرارات المتخذة والمشمولين بها، والتأكيد على ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق التظلم.