فضيحة كبرى في الأنبار.. مئات "الدواعش" الأحياء يتسلمون رواتب "شهداء" وإبنة "البغدادي" تحت رعاية الدولة

اليوم, 13:09
21

في واحدة من أخطر قضايا التزوير التي تمسّ الأمن الوطني وكرامة الشهداء في العراق، كشف النائب السابق أمير المعموري عن فضيحة مدوية داخل مستشفى الفلوجة، حيث تورطت جهات طبية وعدلية في التلاعب بهويات جثث المغدورين ومجهولي الهوية، عبر تزوير شهادات وفاة ومنحها لأسماء إرهابيين لا يزالون على قيد الحياة.

هذه الممارسات، التي جرت دون أوامر قضائية أو إجراءات قانونية، تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون، وتفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول حجم الفساد وتورط بعض المؤسسات في حماية مجرمين وتقديمهم للرأي العام على أنهم شهداء


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

تزوير بالجثث

وقال المعموري في تصريحات تابعها سنترال إن طبيبًا كان يعمل في مستشفى الفلوجة تورط في استخراج جثث من ثلاجة الطب العدلي، تعود لأشخاص قُتلوا في حوادث أو ظروف غامضة، ومن ثم تسجيلها على أنها تعود لإرهابيين، بهدف منحهم صفة “الشهيد”، وتوفير غطاء قانوني لأسمائهم.

وأضاف أن الطبيب المتورط فرّ من العدالة، بينما تمّت إحالة طبيب آخر إلى القضاء، مشيرًا إلى أن هذه العملية تمت دون أوامر قضائية أو قرارات من الجهات المختصة، وهو ما يخالف القانون العراقي بشكل مباشر.

وبين أن بعض الجثث تم التلاعب بها إلى حدّ تجزئة الجسد الواحد إلى عدة شهداء، حيث تُسجل كل قطعة منه كجثة مستقلة تعود لإرهابي مزعوم.

وتابع المعموري أنه “لدينا تقارير رسمية ووثائق، وتوجد حالات موثقة لإرهابيين، مسؤولين عن مقتل أكثر من 500 مواطن عراقي، ويتقاضون اليوم رواتب تقاعدية بصفة شهداء”.

ومن جانب آخر أشار إلى أن ابنة زعيم داعش الإرهابي، المقبور أبو بكر البغدادي، مسجّلة ضمن قاعدة بيانات حكومية وتتلقى إعانات مالية من الدولة.

وأكّد المعموري أن هذا الملف لم يُعرض على القضاء بالشكل المطلوب، ولم تُفتح فيه تحقيقات شفافة، رغم خطورته وانتهاكه لحقوق الضحايا، مطالبًا بكشف المتورطين ومحاسبتهم أمام الرأي العام والقضاء العراقي


رواتب لقتلى داعش

بدوره كشف مسؤول لجنة الشهداء والجرحى في محافظة الأنبار، رهيب الهايس عن وجود نحو 900 شخص من عناصر "داعش" الإرهابي يتسلمون رواتب شهداء. 

وقال الهايس أنه "تم تشكيل لجنة تحقيقية مختصة، بهدف مراجعة وفرز العمليات، ومنع التزوير". 

وأشار إلى أنّ "هناك مئات الأشخاص الذين تسلموا رواتب تقاعدية، وهم ينتمون لعناصر داعش، وقتلوا في معارك التحرير مع القوات الأمنية في عامي 2015، و2016".

وأكد أنّ "اللجنة التحقيقية المختصة في بغداد، أوقفت رواتب نحو 30 ألف قيد، بعد الكشف عن وجود عمليات تزوير وتلاعب في معاملات المتقدمين، وصرف الرواتب مستمر، ولكن بنسب أقل، بهدف التدقيق أكثر، وضبط الأسماء المزورة، والتي تم إنجاز معاملاتها بصورة غير قانونية".

وأشار إلى أنّ "الفساد وتزوير المعاملات خلال الفترة السابقة، ولكن الآن هناك لجان مشددة، ولا نسمح بعبور أي معاملة غير مستوفية للشروط، وأوقفنا رواتب العناصر الإرهابية الذين كانت عوائلهم تتسلم رواتب على أنهم شهداء".

وتأسس صندوق إعادة إعمار المناطق المحررة، وفقاً للمادة 28 من قانون الموازنة لعام 2015، ليكون جهازاً ينسق بين المنظمات الدولية والوزارات العراقية في عمليات إعادة الإعمار.

وبعد إعلان تحرير محافظة الأنبار من سيطرة "داعش"، قررت الحكومة احتساب الأشخاص الذين قتلوا جراء أخطاء العمليات العسكرية، "شهداء" يتسلمون الرواتب التقاعدية، بعد إثبات عدم انتمائهم لداعش، فيما تم احتساب  رواتب كذلك، لجرحى العمليات العسكرية. 

 وأوقفت مؤسسة الشهداء، يوم (25 آذار 2024)، هدراً مالياً بقيمة تتجاوز تريليون دينار ضمن دائرة شهداء ضحايا الإرهاب في محافظة الأنبار، كاشفة عن أنها "تدقق حالياً 22 ألف معاملة بعد إيقافها احترازياً".

 

شبكة فساد خطيرة وحزب متنفذ

ويقول عضو تحالف الأنبار المتحد طارق الدليمي، إن "ملف صرف رواتب عناصر داعش ضمن مؤسسة الشهداء، هو واحد من أخطر ملفات الفساد، ويعد بمثابة فضيحة كبيرة". 

وبيّن أن "الملف ليس بجديد، وهو نتيجة طبيعية لوجود عدد من الموظفين الفاسدين التابعين إلى الحزب الحاكم، والذي هو من يدير عملية الفساد، وهدر المال العام".

وكشف عن "أكثر من ألفي عنصر من عناصر داعش زورا معاملاتهم، وتقاريرهم الطبية، على أنهم شهداء في العمليات العسكرية، أو أنهم من ضحايا داعش، لكي تتسلم عوائلهم رواتب تقاعدية".

وذكر أن "سعر المعاملة الواحدة، وصل إلى 50 ألف دولار، وهناك شبكة فساد خطيرة، كانت تدير الملف، ومعهم مدير مكتب لأحد الأحزاب المتنفذة والمسيطرة في محافظة الأنبار".

ولفت إلى أنه "يوجد المئات من ضحايا الإرهاب من القتلى والجرحى، لم تنجز معاملاتهم حتى الآن، بينما الإرهابي، والذي كان يقاتل مع داعش، يستلم ذويه راتباً تقاعدياً، وقطعة أرض، وامتيازات أخرى".

وشدد على أن "إجراءات مكافحة الفساد ضعيفة جداً، وفيها مجاملة من قبل الحكومة العراقية لأغراض سياسية، وكان الأولى استمرار عملية ملاحقة الفاسدين، والوصول إلى الرؤوس الكبيرة المسؤولة عن هذا الملف".

يشار إلى أن جهاز الأمن الوطني، أعلن في وقت سابق، عن كشفه شبكة فساد تشمل الاحتيال واختلاس أموال مخصصة لضحايا داعش في محافظة الأنبار، بلغت نحو تريليون دينار عراقي (760 مليون دولار)، واعتقل في حينها أكثر من 30 مشتبهاً فيهم، بينهم موظفون كبار في عديد من الهيئات الحكومية من بينها صناديق التقاعد ومؤسسة الشهداء، وتضمنت إصدار هويات وبيانات بطاقات ائتمان مفبركة، إضافة إلى الاتجار في بيانات سرية.

 

فلل خارج العراق

من جانب آخر، يرى الناشط بلال الجميلي أن "ملف الفساد في دائرة الشهداء والتعويضات، يحتاج إلى تشكيل لجنة تحقيقية، تقوم بدورها بدون مجاملة، وتتولى عملية التحقيق، في فضح الفاسدين". 

وأوضح أن "المئات من الموظفين في دوائر الصحة والتعويضات، والتقاعد، اشترووا فلل خارج العراق، ومنهم من استطاع تهريب أموال بالمليارات، من التي حصل عليها من تزوير المعاملات، كما أن الجزء الأكبر من تلك الأموال يذهب لتمويل الحزب الحاكم في الأنبار".

وأردف أن "هناك أشخاص أحياء في الأنبار، ولكنهم يتسلمون رواتبهم على أنهم شهداء، بعد أن قاموا بتزوير شهادات الوفاة، وهذه كارثة كبيرة، تمثل إهانة لمؤسسات الدولة، ويجب محاسبة شبكة الفساد المسؤولة عن هذا الملف، وعدم الاكتفاء بالموظفين الصغار".

وكانت لجنة مكافحة الفساد العليا، وهيئة النزاهة قد انتقلت في العام 2023 إلى محافظة الأنبار وقامت بفتح جميع ملفات مؤسسة الشهداء، ودائرة التعويضات، ومديرية التقاعد، وتم الكشف عن الآلاف من ملفات الفساد المالي وإحالة العشرات من المديرين العامين، ومسؤولي الأقسام والشعب والموظفين في المؤسسات المذكورة لتورطهم بعمليات فساد مالي.