بين الخوف والرحمة.. كيف تُحل مشكلة الكلاب السائبة؟

اليوم, 10:44
7

لم تعد شوارع بعض أحياء بغداد تشبه ما كانت عليه قبل سنوات، فالمشهد اليومي الذي يواجهه المواطنون، خصوصًا في الصباح الباكر أو بعد غروب الشمس، بات مثقلًا بالقلق. مجموعات من الكلاب السائبة تنتشر قرب مكبات النفايات، تتحرك بشكل مفاجئ، وتحوّل الطريق إلى المدرسة أو العمل إلى تجربة خوف حقيقية، خاصة للأطفال وكبار السن. وبين مطالبات المواطنين بالأمان، وتحذيرات المختصين، تتشابك الآراء حول أنسب الطرق لمعالجة هذه الظاهرة المتفاقمة.

 

حوادث متكررة وشعور متزايد بعدم الأمان

تشير شهادات عدد من المواطنين إلى تكرار حوادث هجوم الكلاب السائبة، لا سيما في المناطق الشعبية. بعض هذه الحوادث استهدفت أطفالًا في طريقهم إلى المدارس، ما خلّف آثارًا نفسية عميقة، أبرزها الخوف من الخروج بمفردهم. هذا الواقع خلق حالة من القلق الجماعي، وطرح تساؤلات جدية حول دور الجهات المعنية في حماية المواطنين، مع التأكيد على أن المطالب لا تنطلق من العداء للحيوان، بل من أولوية سلامة الإنسان.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

داء الكلب.. خطر صحي قاتل

يُعد داء الكلب (السعار) من أخطر الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، إذ إنه مرض فيروسي قاتل في حال ظهور أعراضه، ولا يوجد له علاج فعّال بعد ذلك. المختصون يؤكدون أن الوقاية هي الوسيلة الوحيدة للحماية، وتتمثل بشكل أساسي في تلقيح الكلاب. وتشير الدراسات البيطرية إلى أن تلقيح 70–80% من الكلاب كفيل بالسيطرة على المرض ومنع انتشاره، ما يجعل اللقاح الحل الأكثر فاعلية وأقل كلفة على المدى الطويل.

 

بين القتل والسيطرة العلمية

يرى خبراء بيطريون وباحثون أن قتل الكلاب السائبة لا يمثل حلًا جذريًا، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية. فإزالة الكلاب السليمة تخلّ بالتوازن البيئي، وتفتح المجال أمام انتشار القوارض، أو هجرة كلاب أكثر عدوانية من أطراف المدن. البديل العلمي المعتمد عالميًا يقوم على الإمساك الرحيم بالكلاب، تعقيمها للحد من التكاثر، تلقيحها ضد الأمراض، ثم إعادتها إلى بيئتها تحت إشراف صحي، مع عزل الحالات العدوانية أو المريضة في ملاجئ خاصة.

 

النفايات.. الحلقة المنسية في الأزمة

تجمع الكلاب السائبة قرب مكبات النفايات ليس أمرًا عشوائيًا، بل نتيجة مباشرة لسوء إدارة المخلفات. بقايا الطعام، خاصة من المطاعم والأسواق، تشكّل مصدر الغذاء الرئيس لهذه الحيوانات. ويرى مختصون أن أي حل لا يتضمن إصلاحًا حقيقيًا لملف النفايات سيبقى ناقصًا، إذ إن وجود الغذاء سيجذب المزيد من الكلاب مهما كانت الإجراءات الأخرى.

 

دور المؤسسات الصحية والإجراءات الوقائية

تؤكد الجهات الصحية أن أي عضّة كلب تُعد حالة طارئة، وتتطلب مراجعة فورية للمؤسسات الصحية لتنظيف الجرح وإعطاء اللقاحات اللازمة ضمن جدول زمني محدد. كما تشدد على أن الوقاية ممكنة فقط خلال الساعات الأولى بعد الإصابة، محذّرة من التهاون حتى في الحالات البسيطة، لما يحمله ذلك من مخاطر قاتلة.