بغداد بين الأرصفة والمرائب العشوائية.. فوضى الجبايات تهدد صورة العاصمة
زهرة النيل تغزو الفرات.. العراق يواجه أسوأ أزمة مائية وتلوث يهدد الحياة
من العشوائيات إلى المدن الجديدة.. هل تنجح خطط الحكومة في إنهاء أزمة السكن؟
بين الواقع والوهم.. صناعة الشائعات تهدد انتخابات 2025
الفياض يؤكد لقائد الشرطة الإيرانية أهمية الارتقاء بمستوى التعاون الاستخباري
لم تعد الأرصفة في بغداد مكاناً مخصصاً للمشاة كما يفترض، بل تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى مرائب عشوائية للسيارات، تُدار غالباً خارج القانون وتفرض رسوماً مرتفعة على المواطنين، في مشهد يعكس الفوضى وغياب الرقابة، ويطرح تساؤلات جدّية حول قدرة الجهات المعنية على حماية الفضاء العام وصون حقوق الناس.
فوضى يومية وتحديات للمشاة
المواطن سامي علوان يقول: "الاستحواذ على الأرصفة يزداد يوماً بعد يوم حتى تحول إلى ظاهرة، وأصبح المشاة مجبرين على السير في الشوارع، ما يعرّضهم لحوادث السير. في المقابل، لا توجد أي خطة واضحة من أمانة بغداد لإدارة ملف المواقف أو تنظيمه".
في مناطق تجارية مثل المنصور، يشتكي السكان من أن أصحاب بعض المطاعم حوّلوا الأرصفة إلى مواقف خاصة لزبائنهم، ما أجبر المارة على ترك الأرصفة والنزول إلى الشوارع، وهو ما وصفه المواطن علي مجيد بـ "الاستهتار بأبسط حقوق الناس، مقابل أرباح تجارية لا رقيب عليها".
غياب الغرامات.. أسئلة عن جدية الرقابة
وعلى الرغم من بيانات أمانة بغداد المتكررة التي تؤكد أنها لم تمنح أي موافقات لاستغلال الأرصفة كمواقف، وتعلن بين الحين والآخر عن "إجراءات حازمة" لإغلاق المرائب المخالفة، إلا أن المواطنين يشيرون إلى غياب العقوبات الرادعة.
يقول أحد سكان الكرخ: "الأمانة تتحدث عن منع التجاوزات، لكنها لم تفرض حتى الآن أي غرامات مالية على المحال والمطاعم المخالفة. كيف يمكن للمواطن أن يصدق وجود جدية في إنهاء هذه الفوضى؟"
الأمر لم يقف عند المناطق التجارية، بل وصل إلى مرافق سياحية يفترض أن تكون متنفساً للعائلات، مثل متنزه الزوراء. إذ يجبر الزائر على دفع ثلاثة آلاف دينار لركن سيارته داخل المتنزه، وخمسة آلاف دينار في المواقف المحيطة به، وهو ما اعتبره مواطنون "استغلالاً مرفوضاً للمساحات العامة، يحول الفضاء العام إلى مشاريع جباية شخصية بعيدة عن أي رقابة رسمية".
ملف معقّد واتهامات بالفساد
خبراء في الشأن البلدي يرون أن الظاهرة لا تعكس فقط غياب التنظيم، بل تشير إلى وجود فساد إداري ومالي يتغاضى عن التجاوزات مقابل منافع. كما أن نقص مشاريع "المرائب العمودية" الرسمية في بغداد دفع الناس إلى البحث عن بدائل، استغلها البعض بتحويل الأرصفة إلى مشاريع ربحية.
وتبقى "مرائب الأرصفة" علامة فارقة على فوضى التنظيم في العاصمة العراقية، تهدد صورة بغداد الحضارية وتكشف ضعف القانون أمام التجاوزات اليومية، وفي ظل غياب الحلول الجذرية، يخشى المواطنون من أن تتحول هذه الظاهرة إلى أمر واقع دائم، يضعف ثقتهم بالمؤسسات، ويجعل من الأرصفة – التي صُمّمت للمشاة – مشاريع جباية تدر الأرباح على حساب الأمن والنظام وحقوق الناس.