من قلب تل أبيب إلى شاشات طهران.. إيران تُسقط جدار الغموض النووي وتكشف الأسرار المحرّمة
تقرير: العراق يحتل المرتبة التاسعة عالمياً في استيراد الشاي
شركة سينوبك تفوز بعقد بقيمة 359 مليون دولار أمريكي في البصرة
تشويه صور المرشحين.. المفوضية تحذر من يستهدف دعايات منافسيه: السجن بانتظاره!
بسبب تعليق "بوسترات".. حرب شوارع في البصرة بين أنصار مرشحين للانتخابات
في تصعيد غير مسبوق في "حرب الظل" بين طهران وتل أبيب، أعلن وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب أن بلاده تمكنت من تنفيذ عملية استخباراتية معقّدة، وصفها بـ"الأوسع في تاريخ المواجهة مع إسرائيل"، انتهت بالحصول على ملايين الصفحات من الوثائق النووية والعسكرية الإسرائيلية.
اختراق غير مسبوق
قال خطيب إن "سياسة الغموض النووي التي طالما تباهى بها الكيان الصهيوني انتهت اليوم"، مؤكداً أن ما تمت مصادرته من معلومات يشمل مشاريع تطوير وتجديد أسلحة نووية، وخطط تعاون سري بين إسرائيل ودول أوروبية والولايات المتحدة.
وأوضح أن جزءاً من هذه المعلومات جرى استثماره عملياً، حيث زُوّدت الوحدات الصاروخية الإيرانية بإحداثيات دقيقة لمواقع عسكرية حساسة، استُهدف بعضها خلال الحرب الأخيرة التي استمرت اثني عشر يوماً.
ولم يكتف الوزير الإيراني بالكشف عن حجم المعلومات، بل وجّه خطاباً مباشراً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائلاً: "ركّز على حل مشكلة خبزك؛ موظفوك تعاونوا معنا مقابل المال – وما زالوا يفعلون ذلك"، في إشارة واضحة إلى تجنيد عملاء من داخل إسرائيل نفسها، بينهم موظفون وعاملون في منشآت حساسة.
فيديو مثير
بالتزامن مع تصريحات الوزير، بثّت وسائل الإعلام الإيرانية مقطع فيديو قصيراً مدته ثلاثون ثانية، قالت إنه يوثّق "أدلة حية" على التغلغل في المنشآت الإسرائيلية. الفيديو أظهر صوراً لوثائق داخلية، جوازات سفر إسرائيلية، بطاقات هوية، طرود بريدية تحمل عناوين شخصية، إضافة إلى لقطات من داخل منشآت نووية نُسبت إلى ديمونا وسوريك. وعلى نحو صادم، ظهرت في المقطع صور شخصية للأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، في رسالة واضحة تهدف إلى التشكيك في حيادية الوكالة وعلاقاتها مع إسرائيل.
أزمات أمنية داخل إسرائيل
الإعلان الإيراني جاء في وقت تشهد فيه إسرائيل سلسلة من الفضائح الأمنية المرتبطة بالتجسس لصالح طهران، ففي تموز الماضي، كشفت المؤسسة الأمنية أن حجم الاتصالات بين مواطنين إسرائيليين وعملاء إيرانيين كان ضعف ما أُعلن سابقاً، حيث جرى رصد 25 حالة تواصل جديدة خلال أسابيع قليلة.
كما جرى تقديم جندي من جيش الدفاع الإسرائيلي للمحاكمة بعد أن نقل معلومات حساسة مقابل أموال دُفعت له بالعملات الرقمية، إضافة إلى اعتقال معلم بتهمة التجسس لصالح إيران. وهذه ليست المرة الأولى، إذ سبق أن كُشف عن قضايا مشابهة تؤكد، بحسب مراقبين، أن طهران نجحت في إيجاد ثغرات بشرية داخل المجتمع الإسرائيلي.
"كنز استراتيجي"
وصف وزير الاستخبارات الإيراني ما حصلت عليه بلاده بأنه "كنز استراتيجي" يعزز القدرات الهجومية لإيران ويُعيد رسم قواعد اللعبة في المنطقة. وقال إن الوثائق لا تقتصر على الأسماء والمشاريع النووية الإسرائيلية، بل تتضمن أيضاً تفاصيل عن 160 مشروعاً مشتركاً بين إسرائيل ودول أخرى، من بينها فرنسا، مثل مشروع "الراتنج" لإنتاج مسرّعات الجسيمات، إضافة إلى تفاصيل عن علماء أمريكيين وأوروبيين متورطين في التعاون مع إسرائيل.
وأكد أن هذه المعلومات تتيح لإيران ليس فقط تحسين قدراتها الدفاعية والهجومية، بل أيضاً كشف "شبكة الدعم الدولي" التي تستند إليها تل أبيب في مشاريعها النووية.
أبعاد سياسية وأمنية
يرى محللون أن الإعلان الإيراني يحمل عدة رسائل متشابكة. فمن الناحية الأمنية، أرادت طهران أن تثبت لإسرائيل أنها قادرة على تجاوز الحواجز والوصول إلى عمق المؤسسات الأكثر سرية، وهو ما يُعتبر بحد ذاته رسالة ردع.
ومن الناحية السياسية، يسعى النظام الإيراني إلى توظيف هذه العملية داخلياً لتعزيز صورة أجهزته الأمنية بعد أشهر من التوترات والاحتجاجات، وخارجياً لإحراج المجتمع الدولي عبر إظهار أن إسرائيل، رغم إنكارها المتكرر، تمتلك برنامجاً نووياً متقدماً يتجاوز الإطار المدني.
كما أن ظهور صور شخصية لغروسي الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يخلو من دلالات، إذ يُشير إلى محاولة إيران الطعن في حيادية الوكالة واتهامها بالتعاون مع إسرائيل، خصوصاً أن الأخيرة ترفض الخضوع للرقابة الدولية على منشآتها النووية.
صمت إسرائيلي وانتظار رد
حتى اللحظة، التزمت تل أبيب الصمت الرسمي إزاء هذه المزاعم، وهو ما يفتح الباب أمام تكهنات متباينة. فالبعض يرى أن إسرائيل تتعمد تجاهل الادعاءات كي لا تُعطيها وزناً إعلامياً، فيما يرى آخرون أن الصمت يعكس قلقاً حقيقياً من حجم الاختراق الذي أعلنته طهران. وفي كلا الحالين، فإن الإعلان الإيراني، سواء كان صحيحاً بالكامل أو يحمل قدراً من المبالغة، يمثل تصعيداً خطيراً في حرب المعلومات بين الطرفين.
إيران من خلال إعلانها هذا لا تسعى فقط إلى تسجيل اختراق استخباراتي، بل إلى إعادة صياغة معادلة الصراع مع إسرائيل عبر توسيع المواجهة لتشمل ساحات جديدة تتجاوز الحروب التقليدية، الأمر قد يشكل واحدة من أكبر الهزات الأمنية في تاريخ إسرائيل، وفي ظل غياب رد إسرائيلي واضح، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان هذا الكشف سيُترجم في الميدان إلى جولة جديدة من المواجهة، أم أنه سيظل ورقة ضغط إيرانية في معركة طويلة الأمد عنوانها الأبرز: "المعلومة أقوى من الصاروخ".