تشهد الساحة السياسية في بغداد تصاعداً لافتاً في وتيرة الحراك التفاوضي بين القوى الوطنية، مع اقتراب الاستحقاقات الدستورية الحاسمة لتشكيل الحكومة الجديدة.
وفي هذا السياق، باشر وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني جولة مباحثات موسعة، بالتوازي مع مبادرات سياسية طرحتها قوى فاعلة، في محاولة لتقريب وجهات النظر وإنهاء حالة الجمود التي ألقت بظلالها على المشهد السياسي.
مطالب كردية على طاولة بغداد
استهل وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني، برئاسة سكرتير الحزب فاضل ميراني، جولة لقاءات سياسية مع عدد من أبرز القيادات الوطنية في بغداد، حاملاً ورقة تفاوضية تضمنت خمسة مطالب رئيسية، مع تأكيد الالتزام الصريح بالتوقيتات الدستورية وعدم تعطيل مسار تشكيل الحكومة.
وشملت المطالب تشريع قانون النفط والغاز، وتطبيق المادة (140) من الدستور، وضمان حصة إقليم كردستان في الموازنة العامة، إلى جانب تعديل قانون الانتخابات ومعالجة ملف توزيع المقاعد والاستحقاقات الانتخابية.
وتضمنت الجولة لقاء رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس ائتلاف الإعمار والتنمية محمد شياع السوداني، ورئيس ائتلاف العزم مثنى السامرائي، فضلاً عن رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية السيد عمار الحكيم، على أن تتواصل الاجتماعات ضمن إطار تفاوضي أوسع خلال الأيام المقبلة.
تأكيدات سياسية على احترام الدستور والتوقيتات
وخلال اللقاءات، شدد محمد شياع السوداني على أهمية التوصل إلى رؤية وطنية موحدة تدعم مشاريع التنمية والبناء، فيما أكد نوري المالكي ضرورة تعزيز التنسيق بين الكتل السياسية لتسريع عملية تشكيل الحكومة وفق السياقات الدستورية، محذراً من أن أي تأخير قد ينعكس سلباً على الاستقرار السياسي والاقتصادي.
من جانبه، دعا السيد عمار الحكيم إلى الالتزام الصارم بالتوقيتات الدستورية، معتبراً ذلك ضمانة لاستمرارية العملية السياسية، ومؤكداً أن البرامج الإصلاحية يجب أن تكون الأساس في العمل الحكومي، إلى جانب الحفاظ على التفاهمات بين المكونات السياسية لإدارة المرحلة المقبلة بسلاسة.
وفي السياق ذاته، أكد رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد أهمية تكثيف المشاورات السياسية للإسراع في استكمال متطلبات تشكيل الحكومة، بما ينسجم مع الاستحقاقات الدستورية ويسهم في ترسيخ الاستقرار وتلبية تطلعات المواطنين.
مبادرات وحسابات المرحلة المقبلة
بالتوازي مع الحراك الكردي، برزت مبادرة ائتلاف الإعمار والتنمية بوصفها محاولة لمعالجة حالة الانسداد السياسي المرتبطة بملف رئاسة الوزراء، حيث أكدت قيادات الائتلاف أن المبادرة تهدف إلى تهيئة المناخ السياسي للتوافق على مرشح قادر على إدارة المرحلة المقبلة، ضمن إطار دستوري يحفظ استقرار النظام السياسي.
ويرى مراقبون أن تسارع الاجتماعات والحوارات يعكس إدراك القوى السياسية لحساسية المرحلة، خصوصاً مع استمرار الخلافات داخل بعض المكونات، ولاسيما في ما يتعلق بالموقف الكردي واختيار رئيس الجمهورية. ويجمع محللون على أن نجاح تشكيل الحكومة سيبقى مرهوناً بتغليب التفاهمات الوطنية، وتقديم البرامج الإصلاحية، والالتزام بالسقوف الدستورية بعيداً عن الحسابات الضيقة.