"عقد بلا حلول".. أزمة تشكيل حكومة كردستان "تتفاقم" و "بيضة القبّان" تتفرج!

11:53, 9/12/2024
563

أخفق برلمان إقليم كردستان، الاثنين الماضي، في جمع النصاب القانوني للأعضاء الجدد، وهي الجلسة التي كان يتوقع منها فتح باب النقاش حول تشكيل الحكومة الجديدة، إذ تواجَه الكتل الفائزة في البرلمان بشرط الغالبية (النصف زائد واحد) لتشكيل الحكومة، وهو ما لم تحصل عليه أي من قوى الإقليم وأحزابه، بالإضافة إلى الشروط المسبقة لبعض الأحزاب التي تصر على نيل مناصب قيادية دون غيرها، مثل حزب الاتحاد الوطني الذي يطالب بمنصب رئيس الإقليم.

 

وفرضت نتائج الانتخابات في كردستان واقعاً صعباً، في أن يحقق أحد الحزبين الكبيرين الفائزين، الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة وحده، وهي معادلة النصف زائداً واحداً، أي 50 مقعداً زائد مقعد واحد، في حين أن الأحزاب التي صارت تشكل بيضة القبان، تبدو مترددة في الانحياز إلى أحد الفائزين، بسبب ضعف إمكانية الالتزام بتحقيق أهداف الأطراف الملتحقة بالفائزين الكبار، وهو ما يندرج ضمن قلة الثقة بين الأحزاب السياسية، ما قد يؤخر ولادة الحكومة العاشرة في الإقليم، وسط صراع على المناصب.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

وفاز الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في الإقليم، ويقوده مسعود بارزاني، بـ39 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 100 مقعد، تضاف إليها ثلاثة من مقاعد الأقليات التي فازت بها قوى مقربة منه، بينما يمتلك منافسه حزب الاتحاد الوطني، الحاكم في مدينة السليمانية، بقيادة بافل طالباني، 23 مقعداً، إضافة إلى مقعدين من مقاعد الأقليات.

 

أما حراك "الجيل الجديد" الذي يرفع شعار المعارضة، فقد حصل على 15 مقعداً، يليه حزب الاتحاد الإسلامي الذي حصل على 7 مقاعد، ثم حزب الموقف الوطني الذي فاز بأربعة مقاعد، وجماعة العدل بثلاثة مقاعد، ومقعدان لحزب جبهة الشعب، ومقعد لكل من حركة التغيير والحزب الاشتراكي. وهذه الأرقام تجعل إمكانية لجوء الحزبين الكبيرين الفائزين إلى الأحزاب ذات المقاعد القليلة، واردة، إلا أنه من الصعب التوصل إلى حلول واتفاقات، جرّاء الخلافات الحادة بين جميع هذه الأطراف.

 

وعدّت رئيسة كتلة الجيل الجديد في البرلمان العراقي سروة عبد الواحد، الأمور ضبابية في تشكيل حكومة إقليم كردستان، وتحديداً في ما يتعلق بـ"توزيع المناصب". وقالت عبد الواحد في تصريحٍ صحافي، إن "الجانب الذي يأخذ منصب رئاسة حكومة إقليم كردستان الجديد عليه التنازل عن بقية المناصب كاملة، والحزب الديمقراطي الكردستاني لن يستطيع التحكم بالإقليم كالسابق".

 

وعللت ذلك بعدم امتلاك الحزب 50 مقعداً زائداً واحداً في برلمان كردستان، وأن حزب الاتحاد الوطني ليست لديه مشكلة بأن تكون رئاسة الحكومة للحزب الديمقراطي، على أن تكون رئاسة الإقليم للاتحاد، مشيرة إلى أن "الحزبين بحاجة لمشاركة حزب الجيل الجديد، ومشاركتنا مرهونة بمدى استجابة القوى الكردية لشروطنا".

 

وفي الوقت الذي يشترط فيه الحزب الديمقراطي، تشكيل الحكومة الجديدة وفق معيار "الاستحقاق الانتخابي"، يرفع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني شعار "تصحيح مسار الحكم"، في إشارة إلى تغيير آليات الحكم في الإقليم، ومنع احتكار القرار من قبل الديمقراطي. وقد اجتمع الحزبان على مستوى قادة الصف الثاني، قبل موعد عقد البرلمان أول اجتماع بعد جولة لقاءات منفصلة خاضاها مع بقية القوى الفائزة في الانتخابات، للبحث في وضع الخطوة الأولى لتشكيل الحكومة، لكن الاجتماع خلص إلى نتائج فارغة.

 

من جهته، أكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي، أن "الاتحاد الوطني زادت مقاعده، وحصل على المرتبة الثانية في الانتخابات، وهو لن يقبل دون منصب رئاسة الإقليم، أو رئاسة الحكومة"، وأن الحزب الديمقراطي لن يستطيع تشكيل الحكومة وحده، وهو في حاجة إلى الاتحاد الوطني أكثر من أي وقت، خاصة بعد إعلان جميع أحزاب المعارضة مقاطعتها وعدم اشتراكها في الحكومة المقبلة.

 

من جهتها، بيّنت السياسية الكردية والنائبة السابقة في البرلمان العراقي، ريزان شيخ دلير، أن "الاتحاد الوطني الكردستاني يرى أنه ليس شريكاً حقيقياً في قيادة الإقليم ومسك زمام الأمور فيه، خصوصاً أن السيطرة في حكومة الإقليم تعود إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبالتالي فإن عدم التفاهم وغياب التوصل إلى اتفاق واضح، قد يؤخر عملية تشكيل الحكومة، وقد لا ينتج حكومة قوية".

 

وأوضحت أن "الشراكة الحقيقية بين جميع الأطراف هي التي تصنع حكومة جيدة تخدم الشعب الكردي، وأن التأخير في التشكيل إذا حصل، فإنه يستدعي تدخلاً من بغداد، لأجل عدم تعطيل مصالح الكرد بسبب الخلافات السياسية".

 

بدوره، رأى المحلل السياسي الكردي ميران سعيد، أن "نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة غيرت موازين القوى، وبعد أن كان الديمقراطي الكردستاني مسيطراً في كل الانتخابات السابقة، بات اليوم غير مسيطر ويبحث عن حلفاء من أجل استعادة قوته، وأن نتائج الانتخابات وبرغم فوز الديمقراطي، إلا أن الاتحاد الوطني يُعتبر الرابح منها، لأنه تمكن أخيراً من إضعاف الديمقراطي"، مشيراً إلى أن "قيادة حزب الاتحاد الوطني تريد أن تحقق التوازن في الحكم، وألا تبقى السلطة مطلقة بيد الحزب الديمقراطي".

 

وأكمل سعيد، أن "هناك مشكلة تكمن في تعنت الطرفين، وعدم توصلهما إلى أي نتيجة رغم الاجتماعات والحوارات غير المباشرة بين الأطراف، لأجل تشكيل الحكومة، وأن الديمقراطي لا يريد أن يتنازل عن أي مكتسبات سابقة، في حين أن الاتحاد الوطني يجد نفسه قد صار قوياً، ويشعر أنه يستحق أن يدخل على خط الحكم، وليس المشاركة في الحكومة فقط".