أكدت مصادر إيرانية، أن طهران رفضت تحذيرات وعروضاً حول مفاوضات غزة واستئناف المفاوضات النووية لثنيها عن مهاجمة إسرائيل، مشيرة إلى أن أطرافاً أوروبية ووسطاء طالبوا إيران بتجنب مهاجمة إسرائيل، لمنح المزيد من الوقت لإنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة،
وبحسب ذات المصادر، فإن القرار الأميركي باستئناف المفاوضات، الخميس، لم يكن ضمن تفاهم مع طهران، والهدف من الخطوة "غير الصادقة" هو ممارسة الضغط لتجنب الردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
ولفتت إلى أن إيران أكدت للأطراف التي تواصلت معها أن ردها "حتمي ولن يلغى"، مشيرة إلى أن الأطراف الأوروبية والغربية باتت على قناعة بحتمية الرد، وأصبحت تطالب بالحد من نطاقه وشدته. وإذ تحدثت عن أن الأطراف الأوروبية والأميركية استخدمت سياسة العصا والجزر في اتصالاتها مع طهران لثنيها عن مهاجمة إسرائيل، أشارت إلى أن هذه الأطراف قدّمت عروضاً تشمل تنمية العلاقات الإيرانية الأوروبية، واستئناف المفاوضات الرامية إلى رفع العقوبات "بشكل أكثر جدية" من قبل.
وأكدت المصادر أن الجانب الإيراني رفض التحذيرات والعروض "غير الجادة" معاً حول مفاوضات وقف إطلاق النار، واستئناف المفاوضات النووية، وغيرها.
وفي ظل المخاوف من توسّع رقعة الصراع في المنطقة وتحوّله إلى حرب شاملة، قالت المصادر إن طهران أكدت للأطراف التي تواصلت معها أنها تريد فقط تأديب الكيان الصهيوني على تجاوزه الخطوط الحمراء، ولا تسعى إلى حرب، لكنها أبلغت أميركا وأوروبا أن أي رد إسرائيلي على الهجوم سيجلب رداً إيرانياً أقوى.
وبحسب المصادر، فقد أبلغت إيران الأطراف الأخرى بأن أي تدخل أميركي أو غربي في أي هجوم إسرائيلي سيؤدي إلى إشعال حرب شاملة في المنطقة.
وفي سياق الاتصالات الأوروبية المكثفة مع إيران لإقناعها بعدم الرد على اغتيال هنية، أجرى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، فيما أكدت الخارجية الإيرانية في بيان اليوم الثلاثاء، رفض الضغوط الأوروبية بتجنب الردّ، مصوبة على ضرورة العمل على وقف الحرب على غزة.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، اليوم الثلاثاء، رفض طهران البيان الثلاثي للترويكا الأوروبية، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الصادر أمس الإثنين، الذي حذر إيران من مهاجمة إسرائيل.
وقال كنعاني في بيان، إن الدول الأوروبية الثلاث تصدر بيانها في وقت يرتكب الاحتلال الإسرائيلي أنواع الجرائم الدولية بدعم الدول الغربية، منها حرب الإبادة والجرائم الحربية ضد الشعب الفلسطيني العزل، مؤكداً أن عدم معاقبة الاحتلال زاده جرأة ووقاحة في ارتكاب أبشع الجرائم.
وأضاف أن الدول الغربية، بما فيها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، "لم تتخذ أي خطوة عملية ومؤثرة" لوقف الجرائم الإسرائيلية في غزة، مشيراً إلى أن بيان الدول الأوروبية الثلاث "يطالب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بكل وقاحة، بعدم اتخاذ إجراء تأديبي ورادع ضد الكيان الصهيوني المعتدي على سيادتها وسلامة أراضيها، وذلك من دون تسجيل أي اعتراض على الجرائم الدولية للكيان الصهيوني".
وشدد المتحدث الإيراني على أن مطالبة أوروبا إيران بعدم الرد "لا يعتمد منطقاً سياسياً ويتعارض مع قواعد القانون الدولي"، قائلاً إنه يمثل "دعماً علنياً وعملياً لمصدر الجرائم الدولية والإرهاب في المنطقة، ومكافأة الآمرين والمتورطين في حرب الإبادة وجرائم الحرب، وجريمة ضد الإنسانية والإرهاب، وحثهم على مواصلة ذلك".
إلى ذلك، ذكّر بزشكيان في مباحثاته مع ستارمر، بالصمت الأوروبي والغربي والدولي تجاه الجرائم غير المسبوقة التي يرتكبها الاحتلال في غزة بدعم دول غربية، مشيراً إلى أن هذا الصمت والدعم "غير مسؤول، ويتعارض مع القواعد الدولية، ويحفز الكيان الصهيوني على استمرار جرائمه، وتهديد السلام والأمن الإقليميين والعالميين".
وأكد بزشكيان أن "الحرب في أي نقطة في العالم ليست في مصلحة أي دولة"، مشدداً على أن "الرد التأديبي على المعتدي من حق الدول القانوني، وهو حل لوقف الجريمة والعدوان"، مرحباً بالعمل على تطوير العلاقات الثنائية مع بريطانيا، وبدء المفاوضات النووية، مشيراً إلى أن "قيام الطرفين بتنفيذ جميع تعهداتهما شرط لنجاح هذه المفاوضات".
من جهته، أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مباحثاته مع بزشكيان، ضرورة إنهاء الحرب على غزة، والبدء سريعاً بإرسال المساعدات إلى سكانها، داعياً طهران إلى المساعدة في تحقيق ذلك. وأعلن ستارمر استعداد بلاده لتوسيع العلاقات مع إيران في عهد بزشكيان، معرباً عن أمله في بدء سفيري البلدين مهمتهما سريعاً.
من جانب آخر، اعتبر مسؤولون إسرائيليون أن رداً "غير متناسب" من قبل حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر، قد يشكّل فرصة لشن حرب على لبنان تساهم في تغيير الوضع على الحدود الشمالية وإعادة المستوطنين إلى المستوطنات المحاذية للحدود اللبنانية.
كما يرى المسؤولون أن أي هجوم إيراني من داخل إيران، باتجاه أهداف إسرائيلية رداً على اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران، سيُقابل بهجوم إسرائيلي على مواقع إيرانية، حتى لو لم يتسبب الرد الإيراني بأضرار.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية اليوم الثلاثاء عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين لم تسمّهم، أن حزب الله اتخذ قراره بالرد على اغتيال شكر، وأن قواته قد تتسبب بضرر كبير لإسرائيل، "لكن هذا لا يعني أن الأمين العام للحزب حسن نصر الله سيسارع لجر لبنان إلى حرب".
واعتبرت مصادر الصحيفة أن مواطني لبنان يواصلون ممارسة الضغط على حزب الله "وعلى ما تبقّى من الحكومة اللبنانية فالسكان هناك لا يريدون حربا".
وقال ضابط كبير في جيش الاحتلال لم تسمّه الصحيفة: "يتحدثون عن ضغط في تل أبيب؟ الضغط في لبنان أكبر بأربع مرات. إذا ارتكب نصر الله خطأه ورد على نحو غير متناسب فسيشكّل ذلك فرصة لشن حرب إسرائيلية تؤدي إلى واقع جديد على الحدود الشمالية. إعادة بلورة الوضع من جديد من خلال هجوم إسرائيلي سيعيد السكان (المستوطنين في الشمال) إلى منازلهم على الحدود الشمالية بشروط وظروف أفضل بعد ضربات قوية توجهها إسرائيل إلى لبنان".
وترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن عدداً كبيراً من الإسرائيليين سيلزمون الملاجئ لفترة لم يعهدوها من قبل، مقارنة بالمعارك أمام حركة حماس، "وهذا هو الثمن الذي يمكن دفعه من أجل تغيير الواقع على الحدود الشمالية".
وفيما يتعلق بالرد الإيراني، نقلت الصحيفة عن ضابط كبير في جيش الاحتلال قوله إن "القلق ليس باتجاه واحد، إذ تدرك إيران هذه المرة أنه بخلاف هجومها السابق فإننا سنرد على نحو مختلف في حال الهجوم علينا. ولذلك فإنهم في طهران يحسبون كل شيء بشأن الرد على اغتيال إسماعيل هنية المنسوب إلى إسرائيل. لقد رأوا ما فعلناه في اليمن ويدركون أي ضرر يمكننا أن نلحقه بالاقتصاد هناك".
من جانبها، أشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى تقديرات في تل أبيب بأن إيران قد تشن هجوماً على إسرائيل من داخل أراضيها، وأن الأخيرة بدأت تدرس الرد على الهجوم الإيراني إن حدث.
وذكرت الإذاعة أن إسرائيل تمرر رسائل في الأيام الأخيرة إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية، بأن أي هجوم مباشر من الأراضي الإيرانية، سيلاقي رداً إسرائيلياً مباشراً أيضاً في الأراضي الإيرانية.
وأوضحت إسرائيل أنه بغض النظر عن نتائج الهجوم الإيراني فإنها ستكون عازمة على ضرب أهداف داخل ايران، حتى لو لم يتمكن الإيرانيون من التسبب بضرر كبير أو إيقاع مصابين في الجانب الإسرائيلي.