لم يكن يعلم أن حياته ستنتهي في المهجر بعيداً عن العراق الذي تركه مجبراً بسبب آرائه السياسية، ليرحل بعيداً عن بابل التي تغنى بها كثيراً.. هذا هو مكتشف النجوم ومبدع "الطيور الطايرة"، الملحن العراقي الكبير كوكب حمزة الذي توفي أمس الثلاثاء، في الدنمارك أثر وعكة صحية لم تمهله طويلا.
وبعد ذلك قرر كوكب خلق أغنية عراقية جديدة تواكب الأغنية العربية وحينها قال "بدأت أنظر إلى رتابة الأغنية العراقية التي كانت مخنوقة بالمقام والموال والبستة، على العكس من تطور الأغنية المصرية الهائل، واستنتجت بأنني لا يمكن ان أخلق أغنية حديثة بأدوات قديمة". لذلك اتجه إلى دراسة الفولكلور خلال وجوده في البصرة، حيث لحن أغنية "يا نجمة" التي غناها حسين نعمة والتي تعتبر أولى أغانيه الشهيرة، التي كانت مزيجاً من الغناء العراقي الفولكلوري والموشح الأندلسي، تلتها أغنية "القنطرة بعيدة" و أغنية "يا طيور الطايرة" التي غناها سعدون جابر وأغاني عديدة وكثيرة.
اشتهر كوكب كملحن منذ ستينيات القرن الماضي، وكانت أغانيه انسجاماً مع حركة التطور تحمل ملامح جديدة في أسلوب البناء الموسيقي والآفاق التعبيرية في الالحان وأصوات جديدة خالفت المألوف في شكل الاغنية. وكانت أولى ألحانه مقطوعة موسيقية بعنوان "آمال".
مغادرة العراق
اضطر كوكب لمغادرة العراق يوم 21 تموز 1974، بسبب مواقفه السياسية وتوجه إلى تشيكوسلوفاكيا ومن ثم إلى الاتحاد السوفياتي، بعدها درس الموسيقى في أذربيجان وتنقل ما بين كردستان وسوريا وأمريكا، حتى استقر به المطاف في الدنمارك عام 1989.
وقد أصدر في المهجر مقطوعة موسيقية بعنوان "وداعاً بابل" عام 1992 ثم قدم أغنية أخرى بعنوان "الجراد يغزو بابل". بعد مكوثه في أوروبا قرر الانتقال للمغرب ودراسة الموسيقى، تعرف هناك على فاطمة القرياني التي قدمت بعض أغانيه وكذلك أسماء لمنور.
مكتشف النجوم
وقد أطلق النقاد على الملحن كوكب حمزة الذي يعتبر من الشخصيات البارزة في عالم الفن الموسيقي العراقي والعربي، لقب (مكتشف النجوم) فهو من اكتشف أفضل الأصوات العراقية مثل حسين نعمة ورياض أحمد وستار جبار وسعدون جابر وعلي رشيد، والمطربة المغربية أسماء لمنور.
خسارة كبيرة
لقد ترك كوكب حمزة بصمته في عالم الموسيقى العراقية والعربية، حيث كانت أغانيه وألحانه تحمل روح الفن الأصيل والإبداع، وكان يعتبر من أعمدة الفن العراقي والملحنين المتميزين الذين ساهموا في إثراء التراث الفني العراقي. لقد تميزت أعمل الملحن كوكب حمزة بالجودة والإبداع، ويعتبر رحيله خسارة كبيرة للمشهد الفني العراقي، الذي فقد أحد أبرز رموزه ومواهبه، وسوف يتذكر جمهوره ومحبيه وزملائه إرثه الفني الذي سيظل خالدا وسيبقى محفورا في ذاكرتهم.