صيف العراق.. حرٌ لاهب و"ذباب" وكهرباء متقطعة ومطالبات بتقليص ساعات العمل

15:02, 5/06/2024
376

"ليته لم يأت"، بهذه العبارة يشكو حيدر حسين من قدوم فصل الصيف الذي يصفه بفصل "العذاب" جراء ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يقارب الـ50 وانقطاع الكهرباء، تزامناً مع خروج الحشرات والذباب ومداهمته لمنازل العراقيين.

ويشكو مواطنون في العاصمة بغداد وبقية المحافظات من كثرة الانقطاعات للتيار الكهربائي مع قدوم فصل الصيف، في الوقت الذي أعلنت فيه هيئة الأنواء الجوية، أن درجات الحرارة تتخطى الـ45 مئوية.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

ورغم الشكاوى والمطالبات المستمرة بضرورة معالجة مواضع الخلل، إلا أن الانقطاعات المتكررة باتت ظاهرة سنوية وضعت الأهالي أمام خيار الصبر والتضرع بعودتها على عجالة.

وظهر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بكلمة متلفزة في 29 آيار مايو الماضي، هدد خلالها وزارة الكهرباء باخضاعها للتقييم خلال ذروة الصيف، حيث كانت الكلمة بمناسبة افتتاح حوالي 200 محطة تحويلية وثانوية للنقل والتوزيع في عموم العراق.

تقليص ساعات العمل 

ومع حلول فصل الصيف الساخن في العراق، تجددت مطالب الموظفين والعاملين في القطاع الخاص والعمال والكسبة الذين يعملون في الشوارع ويتعرضون لأشعة الشمس مباشرة، بتخفيض فترات العمل من 8 إلى 6 ساعات يومياً خلال الأشهر الثلاثة الأشد سخونة حزيران/ يونيو، وتموز/ يوليو، وآب/ أغسطس، لتجنب الآثار الصحية لارتفاع درجات الحرارة التي تتخطى نصف درجة الغليان.

يذكر أن العديد من المحافظات العراقية تقرر تعطيل الدوام الرسمي أو تقليص ساعات العمل عند تخطي درجة الحرارة عتبة الـ50 درجة مئوية، فيما تطلق شركات نفطية عاملة في الجنوب تحذيرات لموظفيها من التعرّض المباشر لأشعة الشمس كما حصل عام 2023.

حيث رفعت شركات نفطية في محافظة البصرة العام الماضي "الراية البنفسجية" فوق منشآت شركة مصافي الجنوب وحقول الرميلة بعد تسجيل ارتفاع لدرجات الحرارة تجاوزت الـ52 درجة مئوية، وتشير الراية إلى الأشعة فوق البنفسجية القصيرة وهي الأشد خطراً على الإنسان إذ تؤدي إلى الإصابة بضربة الشمس وتعمل على قتل الخلايا الحية في الجسم.

ويتذمر العامل مصطفى علي (23 عاماً) من محافظة بابل، من ساعات العمل الطويلة تحت أشعة الشمس في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي قد تعرضه لضربة الشمس والجفاف، فضلاً عن التعب والإرهاق نتيجة الطقس اللاهب، مشيراً إلى أن "العامل العراقي منسي ولا يوجد اهتمام حكومي به".

ويشدد، على أهمية "تفعيل القوانين وإصدار توصيات للاهتمام بالعامل العراقي ووضع ضوابط على القطاع الخاص، منها تقليص ساعات الدوام كما في دول العالم وبأجور كاملة".

وهذا ما يؤكد عليه أيضاً نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، رحيم الغانمي، حول عدم وجود اهتمام بالعامل العراقي، مطالباً بـ"تخفيض ساعات العمل اليومية من 8 إلى 6 ساعات خلال أشهر حزيران، وتموز، وآب".

ويقارن الغانمي، أن "العامل الآسيوي في السعودية على سبيل المثال يحال إلى التقاعد بعمر 57 عاماً وله مكافأة نهاية الخدمة، أما في العراق فإن المتقاعد يجب بلوغه سن 63 عاماً ليحال إلى التقاعد ومنحه الضمان الاجتماعي بعد إصابته بالأمراض المزمنة".

ويضيف "كما أن العديد من دول العالم تبعث كل عام مجموعة من شريحة الكسبة والعمال وأصحاب الدخل المحدود إلى السعودية لأداء مناسك الحج، لكن العامل العراقي بعيد عن كل هذه الامتيازات".

ويشير إلى أن "العامل الأجنبي في الإمارات على سبيل المثال يعمل لحد الساعة 12:30 ظهراً، رغم أن العراق أشد حراً من الإمارات، ففي العراق تصل الحرارة إلى 52 درجة مئوية، أما في الإمارات فهي لا تتجاوز 45 درجة مئوية".

وعن قانون العطل، يوضح الخبير القانوني، علي التميمي، أنه "لا يوجد نص في قانون العطلات الرسمية 110 لسنة 1972 الذي عدل قبل أيام ما يتيح تعطيل الدوام بسبب برودة أو حرارة الجو، لكن درجت الحكومات المتعاقبة على مثل هذا الإجراء الوقائي عند وصول الحرارة إلى 50 درجة مئوية".

ويبيّن التميمي، أن "البرلمان العراقي لم يتطرق إلى هذه المسألة عندما عدل هذا القانون، كما لم يحدد متى تمنح عطلة حرارة الجو وبأي درجة حرارة، وكذلك نسبة الدوام في شهر رمضان، لكن في كثير من الدول يتم تعطيل الدوام بدرجة 35، في حين تصل الحرارة في العراق إلى 52 درجة وأكثر".

جدير بالذكر أن لتقليص ساعات العمل فوائد ذكرها مركز البحوث البريطاني Autonomy، الذي أعد تقريراً مفصلاً عن نتائج تجربتين كبيرتين لتقليص ساعات العمل أجريتا في ريكيافيك عاصمة آيسلندا، بدأتا عامي 2015 و2017 اشترك فيهما 2500 من العاملين (عمال وموظفون) في آيسلندا. تضمنت إحداهما تقليص ساعات العمل إلى 35 ساعة في الأسبوع أو 36 ساعة مع الاحتفاظ بنفس المرتب.

وخلال هذه التجربة التي استمرت خمس سنوات تم تقييم جميع الإيجابيات والسلبيات الحاصلة من تقليص ساعات العمل.

حشرات وذباب غريب

وإضافة إلى معاناة الكهرباء، تطل على العراقيين مشكلة أخرى ومعاناة تتكرر مع ارتفاع درجات حرارة الصيف، حيث تخرج الحشرات والديدان الزاحفة لتداهم منازل المواطنين في ظاهرة اعتاد عليها العراقيون.

ويقول عبد الستار خالد من أهالي كركوك، إن "الذباب داهم عدداً كبيراً من المنازل حيث تغيرت نوعية الذباب المنتشر في كركوك وعلى الدوائر الصحة والبيئة مكافحة هذه الحشرة".

وأكد أن "احجام الذباب المنتشر يختلف عن الذباب المتعارف عليه بين المواطنين ويظهر بشكل مجاميع كبيرة ويدخل الى البيوت بصورة جماعية".

وقال المواطن عبدالله خليل، إن "اهالي كركوك باتوا يعتمدون على المبيدات لمكافحة الذباب الذي يعتبر ناقل للكثير من الأمراض وتجمعها يكون على النفايات".

ودعا الى "المساهمة في مكافحة هذه الحشرة من خلال الاهتمام بالنظافة ورمي الاوساخ في مواقعها المخصصة بعد وضعها في اكياس النفايات، من اجل المساهمة في تقليل انتشار هذه الحشرات".

وأشار أن "إجراءات إضافية قام بها المواطن بكركوك من خلال مصدات وقطع شبكية نضعها على النوافذ والأبواب لمنع دخول هذه الحشرات".

وقال قائممقام قضاء كركوك فلاح خليل يايجي ، إن "الإجراءات التي تتبعها الدوائر المعنية مثل الصحة والبيئة وشركة نفط الشمال تساهم في القضاء على انتشار الحشرات".

وقالت شركة نفط الشمال في بيان ورد، "حفاظا على الصحة العامة سيباشر قسم الخدمات البلدية في شركتنا بحملة لرش المبيدات لمكافحة الحشرات التي تنتشر في هذا الوقت من كل عام وتسبب الأمراض، وسيشمل العمل مناطق الشركة الآتية: (منطقة بابا السكنية، دور كيوان، منطقة عرفة)".

وأضاف البيان، أن "أعمال الرش مستمرة يوميًّا ابتداءً من الأحد 9/ 6/ 2024 بعد الساعة السادسة مساءً (الرش الضبابي). وفي حال وجود شكوى عن انتشار الحشرات في أي منطقة يرجى الإبلاغ عنها؛ لمتابعتها والقيام بالإجراءات اللازمة لمكافحتها".

10 نصائح للتعامل مع الحشرات صيفا

ويقول الطبيب البيطري تاج الدين حاج محمود،: "مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة يكثر انتشار الحشرات مثل الذباب والبعوض خصوصا في الأماكن القريبة من المياه الراكدة والمسطحات المائية".

وأضاف حاج: "هذا الأمر يؤرق كثير من الناس سواء في المتنزهات أو حتى داخل المنازل، ويتسبب أيضا في كثير من الأحيان بالأمراض التي تقوم بنقلها هذه الحشرات".

وأردف: "من أهم هذه الأمراض اللشمانيا التي تنقله ذبابة الرمل، والملاريا وحمى الضنك، والحمى الصفراء، وغيرها كثير من الأمراض".

وقدّم حاج 10 نصائح للوقاية والحد من انتشار هذه الحشرات والأمراض في الصيف وهي:

1- إغلاق مداخل المنازل جيدا منعا لدخول الحشرات، لا سيما للطوابق المنخفضة.

2- إبعاد الحشرات خلال النوم بدهن الجسم بالمستحضرات الطبية خصوصا للأطفال.

3- استخدام الناموسية خلال فترة النوم لتوفير الحماية في السرير.

4- إبعاد الحشرات من المنازل بالنظافة المستمرة والإغلاق المحكم للأغذية وأوعية القمامة.

5- التقليل من الرطوبة وتهوية المنزل بشكل مستمر.

6- إبلاغ الجهات المختصة عند انتشار الحشرات بكثافة لرش المبيدات والاهتمام بالنظافة العامة.

7- القضاء على الحشرات بالوسائل الآمنة مثل المصائد والشرائط اللاصقة والأجهزة الكهربائية الصاعقة.

8- طرد الحشرات بالنباتات المنزلية ذات الرائحة العطرية النفاذة مثل الريحان.

9- إبعاد الحشرات لا سيما الذباب والبعوض عن الأسطح والنوافذ بالمستحضرات الطبيعية مثل زيت النعناع، وإكليل الجبل واللافندر والأوكالبتوس.

10- صد الحشرات بالطرق التقليدية الآمنة، كطرد الذباب بالأكياس البلاستيكية الشفافة المملوءة بالماء، وتعليقها في الهواء، لعكس الضوء الذي يربك أعين الذباب المركبة ويدفعه للابتعاد.