بعد استخدامها "الفيتو".. نيويورك تايمز: رفض أمريكا لوقف اطلاق النار في غزة قرار مخزي
تحذير عالمي من استهداف منشآت النفط الإيرانية.. مجلة أمريكية: سيكون هجوماً أحمقاً من قبل "إسرائيل"
التخطيط: فرق التعداد ستزور جميع الأسر التي لم تصلها في الساعات الماضية
السوداني يوجه الجهات المختصة بالعمل على تزويد قوات الحدود بالأسلحة الحديثة
ثلاث سنوات ولا يزال صراع تعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية العراقي يتجول داخل المجتمع العراقي دون الوصول الى حلول "جذرية" ترضي الطرفين، سواء كان من قبل الآباء أو الأمهات، وسط سجال واسع وغضب عارم في العراق، فما قصة هذه المادة وكيف تؤثر بالخصوص على الأطفال وحالات الطلاق؟
شكلت المادة 57 من القانون الجديد المقترح نقطة الخلاف في الشارع العراقي كون أنها تمنح الأب حق حضانة الطفل بعد بلوغه سن السابعة، في حين يمنح القانون النافذ الحالي الأم حق حضانة الطفل لحين بلوغه سن العاشرة، في وقت تخصص فيه للأب ساعات لمشاهدة الطفل في المحاكم أو أماكن أخرى.
كما ينص القانون النافذ على أن "للمحكمة أن تأذن بتمديد حضانة الصغير حتى إكماله الـ15 إذا ثبت لها بعد الرجوع إلى اللجان المختصة الطبية منها والشعبية أن مصلحة الصغير تقتضي بذلك، على ألا يبيت إلا عند حاضنته، وكذلك إذا أتمَّ المحضون الـ15 من العمر يكون له حق الاختيار في الإقامة مع مَن يشاء من أبويه أو أحد أقاربه لحين إكماله الـ18 من العمر إذا آنست المحكمة منه الرشد في هذا الاختيار".
في المقابل، ينص التعديل البرلماني المقترح على أنه "إذا أتمَّ المحضون السابعة من عمره وكان أبوه متوفيا أو مفقودا أو فقد أحد شروط الحضانة تنتقل الحضانة للجد الصحيح، ثم إلى أمه ما دامت محتفظة بشروط الحضانة دون أن يكون لأقاربه من النساء أو الرجال حق منازعتها فيه لحين بلوغه سن الرشد".
وفي كل مرة، تثير التعديلات المقترحة غضباً عارماً لدى الأمهات المطلقات، ووقفت منظمات المجتمع المدني إلى جانب الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة، بالضدّ منها، وشرعنَ في حملات إعلامية أكدن فيها أن تعديل سنّ الحضانة سيكون قراراً مجحفاً بحق الأطفال الذين يعانون من عدم الاستقرار النفسي بعد طلاق الوالدين، بالإضافة إلى حاجتهم الماسّة إلى الأم في مرحلة الطفولة.
وردّ الرجال بحملات إعلامية معاكسة ووقفات احتجاجية محاولين التأكيد على مقدرتهم على تحمّل مسؤولية رعاية صغارهم، ومقدرتهم على توفير حياة كريمة لهم أكثر من أمهاتهم، وبعضهم يرى أن القوانين العراقية تغلب مصلحة النساء على الرجال، لاسيما في ما يخص مسألة الحضانة للأطفال، وطالبوا بقراءة ثانية لتعديلات القانون وإقراره في أقرب وقت، لرفع الظلم عن الرجال، وفقاً لما يقولون.
تعديلات تُقلب الكفَّة
وتأتي مساعي تعديل القانون لتغيير هذا البند ومنح الأب مزيداً من الحقوق في إقامة علاقات طبيعية مع أبنائه بعد الطلاق، إلا أن التعديلات المقترحة وصفتها منظمات مدنية تقلب الكفَّة لصالح الأب على حساب الأم.
في المقابل، يقول رئيس منظمة ديالى لحقوق الانسان طالب الخزرجي، أن "المجتمع العراقي في حالة انهيار للبنية المجتمعية وأحد أركانها الاساسية هي ارتفاع غير مسبوق لحالات الطلاق من خلال فرض عقوبات على الزوج لصالح الزوجة وجعل الاطفال والنفقة سلاح لمحاربته".
ظلم وإجحاف
"سلب حضانة الطفل من الأم ظلم كبير بحق النساء العراقيات ويتعارض مع الجوانب النفسية والأسرية"، كما يقول المختص في حقوق الإنسان علي البياتي.
وأشار البياتي، إلى أن "إلزام الأم بعدم الزواج خلال فترة حضانة الطفل -والتي حددها القانون الجديد بـ7 سنوات- مخالفة شرعية ودينية وتدخل بمنعطفات أخرى".
وأضاف أن "تفضيل الجد في الحضانة بشكل عام على الأم تجاوز على حق الطفل والأم معا، وأبعاده على الطفل تكون نفسية مع فرض احتمالية فقدان الطفل الرعاية والحماية اللتين تقدمهما الأم".
بوابة تحّدُ من الطلاق
من جانبه، يرى الخبير في الشؤون القانونية علي التميمي أن "التعديل الجديد لقانون الأحوال الشخصية أمسك العصا من الوسط، وحاول إرضاء الأم والأب من حيث مدة الحضانة، حيث أعطى للأم السبع سنوات الأولى ثم نقلها إلى الأب في السبع الثانية".
وطالب التميمي الجهات المختصة بـ"مراعاة المحضون سواء كان ذكرا أم أنثى، حيث إن أغلب المذاهب الدينية فرقت في مدة حضانة الأنثى لدى الأم بـ9 أعوام والذكر بـ7 أعوام"، مشيرا إلى أن "سنوات العمر الأولى للإنسان ولغاية الـ15 عاما هي الارتكاز، ولابد من استعانة البرلمان بمختصين بعلم النفس لأخذ آرائهم ببعض الجزئيات التي قد تكون مع هذا التعديل بوابة للحد من حالات الطلاق المرتفعة في العراق".
البرلمان يحاول
وفي هذا الصدد، أعرب عضو اللجنة القانونية النيابية محمد الخفاجي، اليوم الاثنين (15 تموز 2024)، عن استيائه من "الممانعة والمعارضة" التي تواجه تعديل قانون الأحوال الشخصية، وبالأخص المادة 57 المتعلقة بحضانة الطفل، داخل مجلس النواب العراقي وخارجه.
وقال الخفاجي، "للأسف، هناك معارضة شديدة ضد تعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية، والتي تهدف إلى تحقيق العدالة لجميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الرجل والمرأة والطفل".
واضاف، أن "هذه المادة تمثل خطوة هامة نحو الحفاظ على الأسرة من التفكك، خاصة في ظل الزيادة الكبيرة في حالات الطلاق التي تجاوزت 5000 حالة شهرياً وفقاً لإحصائيات مجلس القضاء الأعلى".
وأشار الخفاجي إلى أن "تعديل المادة 57 يتضمن إنشاء نظام حضانة مشترك بين الأب والأم، مما يسهم في تربية الطفل في بيئة أكثر توازناً بدلاً من الاعتماد على أحد الوالدين فقط".
وأكد "سنعمل جاهدين على إقرار هذا التعديل في الفصل التشريعي الحالي، لأننا نؤمن بأهمية هذا التغيير لحماية الأسرة العراقية وتعزيز حقوق الأطفال".
وفي إشارة إلى العوائق التي تواجه هذا التعديل، أشار الخفاجي إلى أن هناك "أجندات خارجية ومنظمات دولية تقف بوجه تعديل قانون الأحوال الشخصية، وتسعى إلى منع إقراره داخل مجلس النواب من خلال نشر أفكار مضللة حول قانون التعديل".
وأكد النائب الخفاجي أن "هذه المعارضات تستند إلى آراء غير عراقية ومواقف متحيزة، تهدف إلى إعاقة التقدم التشريعي بما يتماشى مع احتياجات المجتمع العراقي"، مشددا "نحن نرفض هذه الضغوطات ونتمسك بحقنا في إجراء التعديلات اللازمة التي تضمن حقوق جميع أفراد الأسرة."
ورأى الخفاجي أن "الملاحظات على أي قانون يشرع داخل مجلس النواب هي مسألة طبيعية، ولكن ما نراه من ممانعة مكثفة يعكس وجود أجندات خارجية تسعى إلى فرض إرادتها على الشأن العراقي الداخلي."
وأكد على أن اللجنة القانونية النيابية ستواصل جهودها من أجل تحقيق هذا التعديل التشريعي المهم"، موضحا أن أعضاء اللجنة "سيسعون إلى مواجهة أي محاولات تعرقل مساعيهم في هذا الصدد".