"تهنئة" ترامب تفجّر خلافات داخل العراق.. "تجاوز" على القضاء و "استهانة" بدماء الشهداء!

14:55, 8/11/2024
617

شهد العراق انقساماً في المواقف المُعلنة تجاه فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، والذي يُواجه قضائياً في العراق سلسلة من الدعاوى المرتبطة بمسؤوليته عن عملية اغتيال قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس مطلع كانون الثاني 2020، وسط توقعات بعدم وجود تغيير في ولايته الجديدة تجاه العراق.


على مدى الفترة التي أعقبت الانتخابات الأميركية تبنت القوى السياسية العراقية الحليفة لإيران مواقف محذرة من عودة ترامب إلى سدة الحكم، وأنه سيستخدم سياسة أكثر تشدداً؛ بما فيها ورقة العقوبات الاقتصادية على العراق للضغط عليه.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل




سياسياً وأمنياً يُمكن اعتبار فترة الرئاسة الأولى للرئيس دونالد ترامب، بأنها مرحلة تحول كبيرة في العلاقة بين واشنطن وبغداد، التي اتسمت بعد الغزو الأميركي عام 2003 وإطاحة النظام العراقي السابق، بالدعم المفتوح للعملية السياسية وبسط نفوذ السلطة العراقية، حيث شهد العراق أولى عمليات عسكرية أميركية ضد الجماعات المسلحة الحليفة لإيران نهاية عام 2019، بعدما كانت تقتصر العمليات الأميركية في العراق على الجماعات المسلحة كتنظيم القاعدة، و"داعش".


ووجهت واشنطن سلسلة من الغارات التي خلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوف الفصائل العراقية، كان أبرزها هجوم القائم نهاية سنة 2019، واغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس يناير 2020، ثم تنفيذ سلسلة عمليات جوية ضد قيادات بالفصائل ذاتها، تقول إنها مسؤولة عن مهاجمة قواعد أميركية في العراق وسورية.


واختلف الموقف العراقي الرسمي عن السياسي والفصائلي المدعوم إيرانياً، بين تقديم تهانٍ وإعلان عن استعداد لتعاون مشترك، وبين تنديد بتقديم مثل هذه التهاني من المسؤولين العراقيين، وتحذير من تبني مواقف أكثر تأييداً للاحتلال الإسرائيلي من إدارة الرئيس جو بايدن.


وقدّم كل من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ورئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني، برقيات تهنئة رسمية مؤكدين في عبارات بدت متشابهة من جهة المضمون على أهمية التعاون وتعزيز العلاقات، دون إغفال أوضاع المنطقة ومطالبة واشنطن بلعب دور إيجابي فيها.


لكن عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، مختار الموسوي، قال إن "ترامب بحسب القوانين العراقية مجرم ومطلوب للقضاء، غير أن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، وإن وصول ترامب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن".


وشدد الموسوي في تصريحات للصحافيين على أن "ترامب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق"، لافتاً إلى أن "زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اقتصرت فقط على زيارة جنوده في قاعدة عين الأسد بمحافظة الأنبار".


ومن جهته، قدّم إبراهيم السكيني عضو ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، استنكاراً بشأن ذلك، وقال إن "ترامب مطلوب بجريمة في العراق، وإنه من غير المنطقي التعامل معه بشكل طبيعي"، معتبراً "موقف الحكومة بتهنئة ترامب استخفافاً بدماء قادة النصر (قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس) ومخالفاً لرغبات الشعب العراقي الناقم على الإدارة الأميركية"، وفقاً لقوله.


وشدد السكيني في إيضاح صحافي على أن "ترامب شخصية غير مرغوب بها"، داعياً الكتل السياسية والائتلاف الحاكم للبلاد بـ"تحديد موقفه وخطواته المقبلة تجاه هذه الشخصية".


وتعليقاً على عودة ترامب إلى البيت الأبيض، اعتبر عباس الزيدي القيادي بـ "كتائب سيد الشهداء"، أبرز الفصائل العراقية، أنه لا فرق بين ترامب وبين سلفه فيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة من الاحتلال الإسرائيلي ودعمه. وبين في تصريحات صحافية أن "مسألة التصعيد الأميركي ضد العراق خلال الفترة القادمة، مرهونة برضا وتوجهات إسرائيل".


لكن عضو جماعة "أنصار الله الأوفياء"، علي الوندي قال إنهم لا يتوقعون وضعاً أفضل في السنوات الأربع المقبلة. 


وأضاف أن "سياسة ترامب في ولايته السابقة، لن تتغير في الولاية الجديدة له، ونعتقد أنه سيضغط على العراق بالعقوبات، ومن غير المستبعد أن يعاود سلسلة استهداف قادة المقاومة الإسلامية في العراق أيضا". 


ووصف التهاني الرسمية التي قدمت له من قبل المسؤولين العراقيين بأنها "تجاوز على القضاء الذي أصدر مذكرة قبض بحقه".


وكانت قوى سياسية عراقية، فضلاً عن الفصائل المسلحة، قد انتقدت زيارة ترامب قاعدة عين الأسد الأميركية غربي العراق، عام 2018، التي أكد خلالها إمكانية شن هجمات أميركية على سورية من الأراضي العراقية.


وكان القضاء العراقي قد أصدر في مطلع العام 2021 مذكرة إلقاء القبض بحق ترامب، بتهمة اغتيال سليماني والمهندس.


وينتظر العراق وواشنطن عملٌ مشترك كبير، خاصة مع انتظار الفصائل إنهاء مهمة التحالف الدولي في البلاد، إذ توصلت بغداد وواشنطن أخيراً إلى تحديد موعد رسمي لإنهاء المهمة لا تتجاوز 12 شهراً، بعد جولات حوار امتدت لأشهر بين الجانبين على إثر تصاعد المطالب بإنهاء وجوده من قبل الفصائل المسلحة والقوى العراقية الحليفة لإيران، على أثر ضربات أميركية لمقار فصائل بالعراق رداً على هجماتها ضد قواعده في البلاد وخارجها.