العراق أمام أزمة طاقة وشيكة.. تحديات الغاز تهدد استقرار الكهرباء في الصيف
العراق يلغي تأشيرة الدخول لمواطني 37 دولة
تفاصيل أولية عن حجم الموازنة وموعد تمريرها بالبرلمان.. ماذا بشأن النقاط الخلافية؟
المنتجات النفطية تكشف عن إنتاجية ناقلاتها في كانون الثاني الماضي
جرائم عصابات الجولاني مستمرة.. العلويون يغادرون سوريا متجهين إلى لبنان هرباً من القتل الطائفي
بعد القرار الأخير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قطع الغاز الإيراني عن العراق يبدو أن ملف الكهرباء سيعود إلى الواجهة بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.
لا خيارات بديلة
وقال الخبير الاقتصادي، احمد صدام، إن "تأثير قرار ترامب بعدم السماح للعراق باستيراد الغاز من إيران نهائياً سوف يتمثل بفقدان 8000 ميغا واط وهذا يعني سوف يحصل نقص في الطاقة الكهربائية التي تصل إلى المستهلك بحدود 50%، كما ان مستوى القطع المبرمج سيزداد بالنسبة المذكورة نفسها كنتيجة لذلك".
ولفت إلى أنه "من المؤسف القول إن الحكومة لا تملك خيارات بديلة في المدى القصير سوى السعي نحو الإسراع برفع مستوى استغلال الغاز المصاحب العراقي وهذا لا يمكن تحقيقه بالكامل فضلا عن اتباع سياسات من شأنها ترشيد استهلاك الكهرباء أملاً في التخفيف من حدة الأزمة وليس حلها".
غاز تركمانستان
وأضاف ان "حتى خطة استيراد الغاز من تركمانستان بمقدار 20 مليون متر مكعب يوميا سوف لا تتحقق على أرض الواقع كون ان هذا الغاز لا يصل مباشرة إلى العراق وإنما من خلال إيران ومنها الى العراق ومن المتوقع ان تعترض واشنطن لان المشروع يقضي باستلام الغاز التركمانستاني من قبل إيران واستهلاكه في مناطقها الشمالية ومن ثم تقوم إيران بتصدير غاز إيراني بالحصة نفسها الى العراق".
الطاقة المتجددة
وبين، أن "الطاقة المتجددة لا يمكن التعويل عليها في الوضع العراقي بسبب النقص الكبير ومستوى الاستهلاك المتصاعد، فضلا عن التكاليف الكبيرة والبنى التحتية التي يتطلبها إنشاء محطات طاقة متجددة".
وتابع انه "على سبيل المثال يحتاج توليد 1 ميغاواط من الكهرباء عن طريق ألواح الطاقة الشمسية إلى مساحة 10 آلاف متر مربع، فكم من مساحات الأراضي نحتاج؟ وأرى أن الطاقات المتجددة مجدية في حالة وجود طاقة كهربائية متكاملة ولا يوجد نقص في إنتاج الكهرباء بحيث تكون الطاقة المتجددة مصدر إضافي داعم للطاقة الكهربائية المنتجة من محطات الغاز".
تأثير نقص الكهرباء
واكد صدام، "أما عن تأثير نقص الكهرباء بسبب عقوبات واشنطن فبكل تأكيد أن هذا النقص يمتد تأثيره السلبي إلى مفاصل الاقتصاد الاخرى بسبب تأخير الأنشطة الاقتصادية المستخدمة للكهرباء فضلا عن ذلك أن نقص الكهرباء سيؤثر حتى على قرارات المستثمرين وبالتالي عدم جذب الاستثمارات لا سيما الاجنبية منها وهذا يعني تقويض جهود الحكومة في التنويع الاقتصادي وتحفيز دور القطاع الخاص".
تراكمات الحرب
من جهته يرى الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، إن "الأزمة في قطاع الكهرباء العراقي نتيجة لتراكمات رافقت الحرب العراقية الإيرانية والعدوان الأمريكي على العراق إبّان حرب الخليج الثانية، لتتزايد مع فرض الحصار الذي تعرض له العراق في تسعينيات القرن الماضي، و لا تعود فقط إلى العقوبات الأمريكية على إيران".
وأوضح أن "الفساد المستشري وسوء الإدارة الذي يعاني منه هذا القطاع بعد غزو العراق سنة 2003 لعبا دوراً في تردي هذا القطاع، على الرغم من الإنفاق الهائل على مشاريع الطاقة، وما يزال يعاني من انقطاعات متكررة بسبب العقود الوهمية، والصفقات المشبوهة، وعدم تطوير البنية التحتية بشكل كافٍ".
الأجندات السياسية
وتابع عيد، أن "المشكلة أكبر من مجرد استيراد الغاز والكهرباء من إيران، فهي تتعلق أيضًا بـ(الأجندات السياسية) التي تؤثر على اتخاذ القرارات الحكومية، وهناك صراع مصالح بين مختلف القوى السياسية التي تحاول الحفاظ على نفوذها، مما أدى إلى تأجيل مشاريع الإصلاح وإعادة تطوير قطاع الطاقة بشكل مستقل".
وأضاف انه "لا يمكن للعراق الاستمرار في الاعتماد على واردات الطاقة من دول أخرى بينما يستمر الفساد في استنزاف الموارد، فالحلول الحقيقية تبدأ من مكافحة الفساد، وتحقيق استقلالية القرار في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى استثمار الغاز المصاحب وتطوير مشاريع الطاقة المتجددة".
زيادة الإنتاج المحلي
وأكد أنه "يمكن للعراق زيادة إنتاجه المحلي من الغاز والاعتماد على مصادر بديلة أخرى بدلاً من الغاز الإيراني، لأن العراق يمتلك احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي، خصوصًا الغاز المصاحب للنفط الذي يتم حرق نحو 17 مليار متر مكعب منه سنوياً، في حين يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء وتصديره".
وبين عيد، أنه "يمكن كذلك للعراق زيادة إنتاجه المحلي من الغاز، ولكن ذلك يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية وتطوير مشاريع معالجة الغاز المصاحب، ومؤخراً وقّعت الحكومة العراقية بعض العقود مع شركات دولية في هذا المجال، مثل شركة توتال الفرنسية، ولكن التنفيذ ما زال بطيئًا بسبب المشاكل الأمنية، والفساد، والعوائق البيروقراطية، و لو تم توفير بيئة ملائمة للاستثمار، يمكن للعراق زيادة إنتاجه المحلي بشكل كبير خلال السنوات القادمة".
السخط الشعبي
ولفت إلى أن "هناك احتمال كبير أن يؤدي العجز في إمدادات الكهرباء بسبب نقص الغاز إلى تصاعد الاضطرابات الاجتماعية والسياسية خلال فصل الصيف المقبل، خاصة وأن العراق يعاني من ارتفاع درجات الحرارة التي تصل في أغلب أوقات الصيف إلى أكثر من 50 درجة مئوية، ما يزيد الضغط على شبكة الكهرباء التي لا تستطيع تلبية احتياجات المواطنين، مما سيؤدي الى تفاقم السخط الشعبي، وتصعيد الاحتجاجات الشعبية".
وختم عيد، بالقول: "إذا استمر عجز الكهرباء والتحديات الاقتصادية في ظل العقوبات على إيران، فإن الوضع قد يؤدي إلى ضغط كبير على الحكومة العراقية للتعامل مع الاحتجاجات والمطالب الشعبية، خاصة في ظل الاحتياجات الأساسية التي تتزايد لدى المجتمع العراقي والتي تعجز الحكومة عن تلبيتها".