سبع سنوات عجاف في إقليم كردستان.. برلمان مهدد بالحل وحكومة منتهية الصلاحية

13:20, 5/05/2025
761

يمر إقليم كردستان اليوم بأخطر أزماته السياسية والدستورية منذ عقود، وسط فراغ تشريعي وتنفيذي، وانسداد حكومي. 

فعلى الرغم من مضي أشهر على انتخابات برلمان الإقليم، ما زال تشكيل الحكومة وانتخاب هيئة الرئاسة متعثراً، في وقت تعاني فيه فئات واسعة من الشعب من انقطاع الرواتب وتردي الأوضاع المعيشية.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

الحكومة الحالية التي مضى على تشكيلها نحو سبع سنوات باتت منتهية الصلاحية دستورياً، فيما دخل البرلمان مرحلة "الغياب القسري" بعد فشل انتخاب رئاسته، ما دفع الجلسة الأولى إلى إعلان حل البرلمان. 

ورغم انتهاء المدة القانونية، لم يُحدد حتى الآن موعد رسمي لانتخابات جديدة، وسط مقترحات لإجرائها بالتزامن مع الانتخابات الاتحادية العراقية في تشرين الأول/أكتوبر 2025.


أزمة دستورية

بدأت الأزمة الدستورية عندما فشل أعضاء الدورة السادسة لبرلمان إقليم كردستان، في أولى جلساتهم المنعقدة بتاريخ 22 كانون الأول/ديسمبر 2024، في انتخاب هيئة رئاسة البرلمان، مخالفين بذلك نص المادة 10 من قانون رئاسة الإقليم، والمادة 47 من قانون الانتخابات، والمادة 12 من النظام الداخلي للبرلمان، التي تشترط جميعها انتخاب هيئة رئاسة خلال 45 يوماً من عقد الجلسة الأولى.

وعلى ضوء هذا الخرق الصريح، وجّه رئيس الجلسة الأولى، محمد سليمان، كتاباً رسمياً  إلى رئاسة الإقليم يطالب فيه بحل البرلمان بشكل قانوني، وأعلن أن البرلمان يعتبر "منحلاً قانونياً"، وأنه غير مسؤول عن أي إجراء يتخذ خلافاً لهذا المسار.

 فيما رد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، شيرزاد صمد، على تلك التصريحات بان "دعوة حراك الجيل الجديد لحل برلمان الإقليم لا تستند إلى أي أساس قانوني، لأن الجلسة الأولى للبرلمان لا تزال مفتوحة، والجلسة المفتوحة لا تمنح صلاحيات اتخاذ قرارات مصيرية من هذا النوع".

 واضاف صمد ان "آخر اجتماع بين رئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، شهد تقدماً ملحوظاً في المفاوضات الجارية بين الطرفين".


انهيار الشرعية

يمتد الفراغ إلى الحكومة أيضاً، حيث تعتبر حكومة مسرور بارزاني الحالية، التي شُكِّلت في 10 تموز/يوليو 2019، بحكم المنتهية ولايتها دستورياً وأخلاقياً، بعد انتهاء الدورة البرلمانية التي جاءت على أساسها في  انتخابات 2018، وتوقف أعمال البرلمان الذي يمنحها الشرعية.

ورغم مرور أكثر من ست سنوات على تشكيل الحكومة، لم تُجرَ أي انتخابات جديدة، مما يعزز الشعور الشعبي بانعدام المساءلة، وتكريس حالة من "الحكم بلا برلمان"، وهو ما يصفه مراقبون بأنه انقلاب ناعم على المؤسسات الدستورية.

في وقت تعثرت جهود تشكيل حكومة جديدة بسبب الصراع المحتدم بين الحزبين الحاكمين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني.


مأزق البرلمان

غياب البرلمان وعدم انتخاب رئاسته حوّل المؤسسة التشريعية إلى "جسم ميت"، وسط دعوات متزايدة من قبل قوى المعارضة لحله رسمياً.

رئيس حراك الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد، هدّد صراحة بحل البرلمان إذا لم تُعقد جلساته خلال أسبوعين، مؤكداً أن استمرار الوضع الحالي يعمّق الشلل المؤسسي الذي يعاني منه الإقليم منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2022.

كما دعا عبد الواحد إلى تزامن انتخابات برلمان الإقليم مع الانتخابات الاتحادية المقبلة، كحل عملي للخروج من المأزق.


خلافات داخلية

الأزمة لم تقتصر على الخلاف بين الأحزاب الحاكمة، بل تسربت إلى المعارضة أيضًا، حيث تتفاوت مواقفها بين من يشترط تصحيح مسار الحكم للمشاركة، وبين من يرفض أي مشاركة في حكومة يشكلها الحزبان التقليديان.

يتصدر المشهد حراك الجيل الجديد بـ15 مقعداً، يليه الاتحاد الإسلامي بـ7، ثم حزب الموقف الوطني بـ4، وجماعة العدل بـ3 مقاعد، بينما تمتلك أحزاب أخرى كجبهة الشعب، وحركة التغيير، والحزب الاشتراكي، مقعداً واحداً لكل منها.


المحكمة الاتحادية

زادت تعقيدات الأزمة بقرارات المحكمة الاتحادية العراقية، التي انهت شرعية حكومة بارزاني والزمت الاقليم على اجراء الانتخابات.

الغريب أن بعض هذه الدعاوى قُدمت من أطراف سياسية كردية ضد حكومتهم وبرلمانهم، مما كشف حجم الانقسام الداخلي وغياب المشروع الوطني الموحد، بحسب ما صرح به قياديون في الحزب الشيوعي الكردستاني.

في ظل هذا الواقع، يعيش المواطن الكردي حالة من الإحباط الشديد، وسط أزمة مالية خانقة تتمثل بعدم دفع الرواتب بشكل منتظم، وانهيار الخدمات، وتراجع ثقة الشارع بمؤسساته السياسية.