"إسرائيل" في مرمى الغضب العالمي.. طرد سياح وعقوبات مرتقبة وعزلة تتسع

أمس, 11:42
252

تواجه "إسرائيل" عزلة غير مسبوقة على الساحة الدولية، في ظل اتساع دائرة السخط الشعبي والرسمي تجاه حربها المستمرة على قطاع غزة، والتي أدت إلى مقتل وتجويع آلاف المدنيين، بينهم أطفال، في مشاهد أثارت صدمة عالمية واسعة النطاق. ومع تزايد الانتقادات الموجهة لتل أبيب، بات الإسرائيليون يواجهون رفضاً متنامياً في العديد من الدول، وحتى اعتداءات مباشرة في بعض الحالات، مما يعكس تحوّلاً ملموساً في المزاج الدولي العام.


وفيما تحاول حكومة الاحتلال تصوير هذه الموجة من الرفض على أنها "معاداة للسامية"، تشير تقارير إعلامية عبرية إلى أن هذه المزاعم باتت تفقد تأثيرها، خاصة بعد أن بدأت وسائل إعلام إسرائيلية بالتحدث – لأول مرة منذ نحو عامين – عن "الإبادة الجماعية" في غزة، بعد أن التزمت الصمت أو شاركت في التحريض ضد الفلسطينيين سابقاً.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل



مواقف متفرقة تكشف حجم الغضب الشعبي


صحيفة "يديعوت أحرونوت" استعرضت خلال الأيام الأخيرة عدداً من الحوادث التي عكست حجم التوتر المتصاعد تجاه الإسرائيليين حول العالم. ففي إيطاليا، تعرّض أب وابنه – يهوديان من فرنسا – للطرد من محطة وقود بعدما عرف الحاضرون أنهما إسرائيليان. الحادثة ترافقت مع هتافات مثل "حرّروا فلسطين" و"قتلة"، وهو ما تكرر أيضاً في النمسا، حيث طُرد ثلاثة موسيقيين إسرائيليين من مطعم في فيينا لمجرد تحدثهم بالعبرية.


وفي اليونان، تعرّض سائح إسرائيلي لعضٍّ من مهاجر سوري، مما أدى إلى فقدانه جزءاً من أذنه. كما أُجبر سياح إسرائيليون على مغادرة جزيرة رودوس بعد احتجاجات مؤيدة لفلسطين، وواجهت سفينة سياحية إسرائيلية احتجاجاً مماثلاً عند رسوّها في جزيرة سيروس. حتى في مهرجان "تومورولاند" ببلجيكا، لاحق ناشطون جنديين إسرائيليين ووجّهوا لهما اتهامات بارتكاب جرائم حرب.


من المقاطعة الشعبية إلى العقوبات الرسمية


تجاوزت حالة العزلة الإسرائيلية المستوى الشعبي، لتصل إلى أروقة الاتحاد الأوروبي، حيث ناقشت المفوضية الأوروبية تعليق مشاركة إسرائيل في برنامج "هورايزون 2020" للأبحاث العلمية، بعد أن أبدت عدة دول أوروبية امتعاضها من عدم التزام إسرائيل بالمعايير الإنسانية، خصوصاً في غزة. وبرزت ألمانيا – رغم علاقاتها الوثيقة مع تل أبيب – كداعم لهذه المبادرة.


الضغوط الأوروبية لا تقتصر على المجال العلمي، بل تمتد أيضاً إلى مجالات الرياضة والثقافة، مع تزايد الأصوات المطالبة بإقصاء إسرائيل من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ومن مسابقات مثل "يوروفيجن". ويخشى مسؤولون إسرائيليون أن تواجه بلادهم المصير ذاته الذي واجهته روسيا عقب غزوها لأوكرانيا، حين تم استبعادها من معظم المحافل الدولية.


تراجع الدعم السياسي التقليدي


سياسياً، بدأت تحالفات إسرائيل القديمة تتزعزع. فقد أبدت الولايات المتحدة، ولأول مرة، امتعاضاً من "إرهاب المستوطنين" في الضفة الغربية، فيما شهدت الأوساط اليهودية الأميركية انقساماً حاداً بسبب استمرار سياسة التجويع في غزة. أما في أوروبا، فقد شهدت الأيام الأخيرة تطورات لافتة: الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يقود جهوداً للاعتراف بدولة فلسطينية، ويمارس ضغوطاً على بريطانيا وكندا للحاق به. كما أشار تقرير بريطاني إلى أن رئيس الوزراء البريطاني يخطط لتقديم خطة لإنهاء الحرب في غزة تتضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية.


في المقابل، أثار رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف جدلاً بعد أن غرّد مؤيداً للعقوبات ضد إسرائيل، رغم وعود سابقة بعدم اتخاذ هذا المسار، مما دفع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ إلى مهاجمته علناً، في تصعيد نادر بين الجانبين. وأعلنت الحكومة الهولندية، يوم الثلاثاء، أن وزيري الأمن القومي والمالية الإسرائيليين – إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش – غير مرحّب بهما داخل الأراضي الهولندية.



الإعلام الإسرائيلي يكسر الصمت


داخل إسرائيل، بدأ بعض الإعلاميين بكسر جدار الصمت وتوجيه انتقادات حادة للحكومة. فقد كتبت الصحافية أورلي أزولاي مقالاً لاذعاً انتقدت فيه تحويل غزة إلى ساحة تجارب للأسلحة، وتسبب إسرائيل في معاناة المدنيين. واعتبرت أن موجة الغضب الدولي الحالية "ليست معاداة للسامية، بل نتيجة منطقية للعار الذي تُغرق فيه إسرائيل نفسها"، محذرة من أن سياسات نتنياهو وترامب تخلق جيلاً جديداً من المعادين للصهيونية حول العالم، بل وحتى من داخل المجتمع اليهودي نفسه.