عقود وهمية تتحول إلى تطوّع قسري.. شبكات تجنيد في أربيل تزج بشباب العراق بمحرقة حرب أوكرانيا وروسيا

اليوم, 12:24
445

يتصاعد الجدل في في الأسابيع الأخيرة بشأن تفاقم ظاهرة تجنيد شبان عراقيين للقتال ضمن صفوف الجيشين الروسي والأوكراني، وسط انتشار معلومات عن عقود وهمية وشبكات تهريب تمتد من أربيل إلى روسيا وأوكرانيا، مستغلة الظروف المعيشية القاسية والرغبة في الهجرة.

ورغم صدور بيان من السفارة العراقية في موسكو ينفي صحة ما يتردد حول تسهيلات رسمية للسفر أو التعاقد، فإن التحقيقات الأولية تشير إلى شبكات غير قانونية تستهدف عراقيين عبر الإغراء المالي ووعود بالرواتب والإقامة، في وقت تؤكد الحكومة العراقية حرصها على منع الانخراط في أي نزاع خارجي.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

وأكدت السفارة العراقية في موسكو،  في بيان أن "سفارة العراق لا تصدر أي نوع من سمات الدخول أو وثائق تتعلق بالتجنيد في روسيا، مشددة على أن الجهة الوحيدة المخوّلة بإصدار التأشيرات هي السفارة الروسية في بغداد والقنصليات في أربيل والبصرة." 

وقالت السفارة إن "شخصاً يدّعي تمثيل الجالية العراقية في روسيا يروّج "معلومات مضللة" عن امتيازات مالية وتعويضات للقتلى، داعية العراقيين إلى عدم التعامل مع أي جهة غير رسمية، ومجددة التزام بغداد بـ"الحياد" في الأزمة الروسية – الأوكرانية".


مكاتب وهمية تستهدف الشباب

ويؤكد الخبير الأمني صفاء الأعسم أن أعدادًا من الشباب العراقي "وقعوا ضحية الإغراء المالي"، لافتاً إلى وجود شركات سياحية ومكاتب هجرة "وهمية" تعد الشباب بتأمين فرص عمل أو إقامة في روسيا، قبل أن يجدوا أنفسهم في دائرة التجنيد.

وأضاف الأعسم "هذه العمليات تمثل شكلاً خطيراً من الاستغلال، وتورّط الشباب في ملفات تجنيد معقدة قد تجر عليهم تبعات قانونية وأمنية"،فيما دعا "الأعسم إلى تحرك حكومي واسع لمنع العراقيين من الوقوع في فخ "التجنيد مقابل المال".


شبكات ابتزاز من أربيل

من جهته، حذّر ممثل الجالية العراقية في روسيا حيدر الشمري من تنامي نشاط جهات غير رسمية تمارس الابتزاز في ملفات تجنيد العراقيين.

وقال الشمري ان "هناك شركات ابتزاز في أربيل تدير عقوداً وهمية لتجنيد عراقيين للقتال سواء مع الجيش الروسي أو الأوكراني".

وأشار الشمري إلى أن "هجرة العراقيين عبر الغابات الأوروبية جعلتهم أهدافاً سهلة لتلك الجهات، إذ يتم "تخيير البعض بين الموت في الطرق الخطرة أو توقيع عقود للتجنيد"، ما يخلق بيئة خصبة للاستغلال".


لجنة عليا

كشف مصدر حكومي أن رئيس الوزراء وجّه بتشكيل لجنة عليا برئاسة مستشار الأمن القومي لإعداد آليات للحد من التحاق العراقيين بجيوش دول أخرى.

وأكد المصدر أن "جهاز المخابرات العراقي خاطب وزارة الخارجية للتواصل مع السفارة العراقية في موسكو لمتابعة أوضاع العراقيين الذين التحقوا بالجيش الروسي، وكذلك السفارة في كييف لمعرفة مصير الموجودين في الجانب الأوكراني".

وتؤكد المصادر أن هذه الوعود "غير رسمية وغير قانونية" وتندرج ضمن أساليب الخداع التي تعتمدها شبكات تهريب وتجنيد غير معترف بها.

 

شبكات كردية للهجرة

مصادر ميدانية في أربيل تحدثت عن شبكات كردية للهجرة تنشط في أحياء عينكاوة ومنطقة شورش، تتولى تهريب عراقيين وكرد وسوريين نحو أوروبا عبر تركيا وبيلاروسيا، مقابل مبالغ تتراوح بين 7 إلى 12 ألف دولار.

ووفق المعلومات، فإن "بعض هذه الشبكات عقدت شراكات مع مكاتب مشبوهة في موسكو وسان بطرسبورغ لتسهيل وصول العراقيين إلى روسيا، قبل دفعهم نحو التجنيد القسري أو التطوع مقابل المال".

وتوضح المصادر أن "بعض المهاجرين يجد نفسه بلا مال ولا إقامة ولا طريق للخلاص، فيصبح عرضة للاستغلال والانخراط في أعمال قتالية أو لوجستية".


فيلق دولي

وتشير تقارير غربية  بينها تقارير لوكالة رويترز إلى أن روسيا فتحت قنوات لتجنيد أجانب ضمن "فيلق دولي" منذ عام 2022، فيما سُجلت حالات لعراقيين سافروا عبر تركيا أو بيلاروسيا. 

كما حاول آخرون الانضمام إلى الجيش الأوكراني عبر برامج تطوع أطلقتها كييف خلال السنة الأولى من الحرب.

وتؤكد المعطيات المتوافرة  أن ملف تجنيد العراقيين في الحرب الروسية – الأوكرانية يتجاوز مجرد عقود تطوع ليصل إلى شبكات ابتزاز منظمة تمتد من أربيل إلى موسكو، وتتطلب تحركاً رسمياً عاجلاً، وتوعية مكثفة لحماية الشباب العراقي من الوقوع في محرقة صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل.