تقترب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من إحالة النتائج النهائية خلال اليومين المقبلين إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة، في وقت تتكثف فيه التحركات السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة واستكمال الاستحقاقات الدستورية. وتأتي هذه التطورات وسط إشادات دولية بنجاح العملية الانتخابية، أبرزها من بعثة الأمم المتحدة "يونامي" في إحاطتها الأخيرة بمجلس الأمن.
يونامي: تشكيل الحكومة لن يتأخر
وخلال إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، توقع رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي"، محمد الحسان، ألا يتأخر تشكيل الحكومة المقبلة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخراً، مؤكداً أن البلاد تشهد "تطوراً إيجابياً" في مسارها السياسي والأمني.
وقال الحسان إن "العراق انتصر على الإرهاب بفضل شعبه والدعم الدولي"، مشيراً إلى نجاح البلاد في تنظيم "انتخابات شفافة وبنسبة مشاركة مرتفعة"، ما يمهد لمرحلة سياسية أكثر استقراراً.
وأضاف أن "العراق تخطى ظروفاً صعبة في طريقه نحو الاستقرار"، مهنئاً بغداد على انتخابها عضواً في مجلس حقوق الإنسان.
وأشار الحسان إلى أن انتهاء مهام بعثة يونامي أواخر عام 2025 "لا يعني نهاية التعاون، بل بداية فصل جديد"، في إشارة إلى استمرار الدور الأممي الداعم لجهود الاستقرار والإصلاح.
خريطة التحالفات بعد الانتخابات
وبحسب النتائج الرسمية غير النهائية، تصدّر ائتلاف الإعمار والتنمية بزعامة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الانتخابات بحصوله على 46 مقعداً من أصل 329.
تلاه:
ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي: 30 مقعداً
الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني: 28 مقعداً
وتشير مصادر سياسية إلى أن القوى الكبرى بدأت فعلياً محادثات أولية لتحديد شكل الكتلة الأكبر داخل البرلمان، وهي الخطوة المفصلية التي ستحدد المرشح لرئاسة الوزراء.
المفوضية: لا مخالفات مؤثرة
وأكدت المفوضية العليا للانتخابات أن جميع الطعون لم تتضمن أدلة أو أشرطة تثبت اختلافاً في النتائج، مشيرة إلى أن "عدم تسجيل أي شكاوى حمراء" دليل على نزاهة العملية الانتخابية.
وأوضح رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، أن مجلس المفوضين سيرفع النتائج إلى المحكمة الاتحادية خلال اليومين المقبلين لإتمام المصادقة عليها.
وتستعد المفوضية لعقد سلسلة ورش لمناقشة الدروس المستخلصة من الانتخابات، بمشاركة جهات دولية ومحلية، بهدف تعزيز الشفافية مستقبلاً.
الاستحقاقات الدستورية بعد المصادقة
وينص الدستور العراقي على سلسلة خطوات تبدأ فور المصادقة على النتائج:
1. دعوة البرلمان للانعقاد خلال 15 يوماً.
2. عقد الجلسة الأولى برئاسة الأكبر سناً لانتخاب رئيس البرلمان ونائبيه.
3. فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية، على أن يُنتخب الرئيس خلال 30 يوماً من الجلسة الأولى.
4. تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة خلال 15 يوماً من انتخاب الرئيس.
5. منح رئيس الوزراء المكلف 30 يوماً لتقديم تشكيلته الوزارية.
وفي حال فشله، يكلف رئيس الجمهورية مرشحاً آخر، وفق الدستور.
وتؤكد مصادر سياسية أن القوى الشيعية تسعى لتوحيد موقفها بشأن مرشح رئاسة الوزراء، فيما تعمل القوى السنية على ترتيب بيتها الداخلي وحسم موقع رئاسة البرلمان. أما القوى الكردية فتركز على ملفات النفط والغاز والموازنة كشروط تفاوضية رئيسية.
توقعات المرحلة المقبلة
ويرجّح خبراء سياسيون أن يؤدي وضوح نتائج الانتخابات وغياب الطعون المؤثرة إلى تسريع عملية تشكيل الحكومة، خصوصاً مع الدعم الأممي المتجدد وثقة المجتمع الدولي بنزاهة الاقتراع.
وتعتمد سرعة الحسم، بحسب المراقبين، على قدرة القوى الفائزة على التفاهم بشأن الكتلة الأكبر وبرنامج الحكومة، وسط دعوات شعبية لتشكيل حكومة بخيارات تنفيذية قوية قادرة على معالجة ملفات الخدمات والاقتصاد.