الكرد "يُهينون" العلم العراقي في كركوك.. خرق علني للضوابط الدستورية وتحدٍ مباشر للدولة
مستشار السوداني: الديون الداخلية والخارجية للعراق ضمن النطاق العالمي الآمن
لحظة ضغط دستوري.. الرئاسات الثلاث والقضاء يرسمون خريطة الطريق لتشكيل الحكومة
مجدداً.. أسعار الذهب تحلّق في الأسواق المحلية
العراق وإيران يتوصلان إلى اتفاق لافتتاح معبر حدودي جديد
شهدت محافظة كركوك انزال العلم العراقي، ورفع العلم الكردي بديلاً عنه، من على نصب تذكاري في كركوك، في خطوة أثارت الرأي العام العراقي، والتي وصفت بـ"الإهانة" لرمزية العلم.
هذه الواقعة تجاوزت بعدها الرمزي لتفتح أسئلة عميقة عن القانون والسيادة وادارة التنوع، فالمشهد لم يتوقف عند حدود الموقف نفسه، بل تعقّد مع استقبال محافظ كركوك للمتورطين، وتبعه من صور ورسائل فهمت على انها تحدٍ مباشر لهيبة الدولة، وتشجيع غير معلن على كسر الضوابط الدستورية.
"كركوك خط أحمر"
وتصاعدت ردود الفعل على هذه الحادثة التي تمس السيادة العراقية، إذ ان هذه الحادثة تسبب أزمة واسعة في العراق، وتضع كركوك أمام الاستقرار من جديد والانضباط الدستوري، في وقت حذر مراقبون من خطوات استفزازية تهدف لفرض أمر واقع وتغيير هوية كركوك خارج الدستور والقوانين النافذة، مشددين على بقاء كركوك "خطاً أحمراً" ورفض المزايدات وحماية التعايش بين المكونات المجتمعية وضمان الاستقرار الدائم.
"إهانة لرمزية العلم"
الكاتب والصحفي حمزة مصطفى، أكد أن "السلوكيات السياسية الخاطئة عمقت الخلافات في محافظة كركوك وأسهمت في تعطيل تطبيق المادة 140 من الدستور.
وأضاف أنه "لا يوجد أي تبرير لعملية إنزال العلم العراقي ورفع علم إقليم كردستان في كركوك"، واصفًا ما جرى بأنه "إهانة تستوجب الوقوف عندها ومحاسبة المتورطين بها وداعميهم".
وأشار مصطفى إلى أن "الوضع الراهن يتطلب الابتعاد عن المناكفات السياسية وخطاب العنصرية"، لافتًا إلى أن "العراق بلد مكونات، وعلى الكرد استيعاب هذه الحقيقة"، ومؤكدًا أنه "كان يتوجب على محافظ كركوك عدم استقبال المتورطين في إنزال العلم العراقي".
كما قارن بالولايات المتحدة، حيث قال: "تمتلك كل ولاية علمًا خاصًا بها، إلا أن علم الدولة هو الوحيد الذي يُرفع رسميًا".
"خلل المنظومة الأمنية"
بدوره، وصف المحلل السياسي علي الصاحب، حادثة إنزال العلم العراقي ورفع علم كردستان في كركوك بالخلل الواضح على المنظومة الأمنية بالإقليم .
وقال الصاحب ان "حادثة إنزال العلم العراقي ورفع علم كردستان في كركوك هو خلل واضح يسجل على المنظومة الأمنية بالإقليم وتعتبر حالة من التمرد من قبل الإقليم "، مضيفا أن "حادثة إنزال العلم العراقي ورفع علم كردستان في كركوك، يجب أن لا تمر مرور الكرام، ولا بد من محاسبة المتسببين بها وعلى الإخوة الكرد في كردستان يتصرفون مع المركز وكأنهم دولة مستقلة ".
وأوضح ان " كركوك عبارة عن نسيج عراقي يجمع كافة مكونات المجتمع العراقي من المستغرب التحدث الآن عن المادة 140 من الدستور وقد انتهى عمرها الافتراضي وعلى الكرد عدم إعادتها وقد ماتت سريريا".
وأشار الى ان "الحكومة الاتحادية عليها عدم ترحيل الخلافات بين الإقليم والمركز الى مرحلة أخرى وانه لطالما الخلافات اشتدت في أربيل بسبب تأخير تشكيل حكومة الإقليم الجديدة فهناك من يشغل الرأي العام وتجييش الشارع".
"كركوك أكثر المناطق حساسية"
من جانبه، أكد الباحث في الشأن السياسي الكردي، حلمي رسول، أن محافظة كركوك تُعدّ من أكثر المناطق حساسية في العراق، ليس فقط بسبب تنوعها السكاني، بل أيضاً لما تمثله من ثقل سياسي واقتصادي.
وأوضح رسول أن "التنوع الذي يجمع العرب والكرد والتركمان والمسيحيين يُعد مصدر غنى للمحافظة، لكنه في الوقت ذاته يجعلها عرضة للتجاذبات في حال لم يُدار هذا التنوع بحكمة وروح شراكة حقيقية".
وأشار إلى أن "وجود أطراف داخلية وخارجية تسعى للتأثير في المشهد الكركوكي أمر متوقع، سواء عبر إثارة القلق المجتمعي أو فرض سياسات الأمر الواقع".
وبين أن "كركوك تمثل عقدة جغرافية وسياسية بين بغداد وأربيل، وتضم ثروة نفطية كبيرة جعلتها محط أنظار القوى السياسية والاقتصادية"، لافتاً إلى أن "عدم حسم وضعها الدستوري بشكل نهائي حتى الآن جعلها أكثر عرضة للتجاذبات والصراعات".
وأضاف أن "أي تغيير في إدارة كركوك أو طبيعة السيطرة عليها يُقرأ غالباً كرسالة سياسية تتجاوز حدود المحافظة، وأن القرارات الحكومية أو الإدارية المتعلقة بها كثيراً ما تواجه اعتراضات من مكونات مختلفة، ما يعكس حجم حساسية هذا الملف".
ولفت إلى أن "كركوك ليست مجرد محافظة، بل تمثل مرآة لتعقيدات المشهد العراقي ككل، ولذلك تجد الأطراف الساعية إلى الضغط أو التأثير فيها ساحة مناسبة لتحركاتها".
وختم بالقول إن "هناك في المقابل جهوداً رسمية وأمنية للحفاظ على الاستقرار"، مشدداً على أن "التحدي الأكبر يتمثل في إدارة التنوع بروح الشراكة لا التنافس، بما يضمن تحويل كركوك من ساحة صراع إلى نموذج للتعايش والاستقرار".