تسريبات خميس الخنجر.. خطاب "طائفي وعنصري" ونواب يرفعون دعاوى قضائية

اليوم, 12:13
1 145

أثارت تسريبات صوتية منسوبة لخميس الخنجر موجة غضب واستياء واسعة في الأوساط السياسية والشعبية العراقية خلال اليومين الماضيين، بعدما تضمنت ما وصفه مراقبون بـ"تصريحات طائفية وعنصرية" تستهدف مكونات رئيسية في المجتمع العراقي.

يأتي ذلك وسط مخاوف من تداعياتها على الوحدة الوطنية في مرحلة حرجة يسعى فيها العراق لتثبيت دعائم الاستقرار السياسي والأمني.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

تأكيد تقني على صحة التسريبات

في تطور لافت، أكد موقع "التقنية من أجل السلام" المتخصص في التحقق من المحتوى الرقمي، أن التسريب الصوتي المنسوب للخنجر لم يتعرض لأي تلاعب عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك بعد إخضاعه لفحوصات دقيقة باستخدام منصة "ElevenLabs" المتخصصة في تحويل النصوص إلى أصوات والكشف عن المحتوى المزيف.

وأوضح الموقع في تقريره أن "نتيجة فحص المقطع في الموقع نصت على الآتي: من غير المرجح جداً.. الاحتمال 2% فقط، أن يكون هذا الصوت قد تم إنشاؤه باستخدام إيليفن لابس، أو أنه تم التلاعب به"، مشيراً إلى أن "هذا المنشور لا ينفي أو يثبت صحة المقطع الصوتي المنسوب للخنجر، هو فقط يوضح نتيجة التحقق منه في موقع مختص".

وتتضمن التسريبات الصوتية، بحسب ما تداولته وسائل إعلام محلية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، إشارات وصفت بأنها "مسيئة" لمكونات عراقية، استخدم فيها الخنجر مصطلحات طائفية وتعبيرات عنصرية أثارت موجة استنكار واسعة في مختلف الأوساط السياسية والشعبية.

 

ردود فعل سياسية غاضبة

وقد أطلقت التسريبات الصوتية المنسوبة للخنجر موجة من ردود الفعل السياسية الغاضبة، التي عبرت عنها شخصيات من مختلف الكتل البرلمانية والسياسية العراقية.

النائب رائد المالكي كان من أوائل المعلقين على التسريب، حيث وصف تصريحات الخنجر بأنها "استفزازية وتسيء إلى العلاقة بين مكونات وأطياف الشعب العراقي"، مضيفاً في تغريدة على منصة "إكس" أن "تصريحات الخنجر تثبت أن هذا الشخص بالذات غير صالح للشراكة أو لتمثيل سنة العراق".

وأكد المالكي أن "المشكلة ليست في ظهور هذه التصريحات للعلن ولا في انتقاد النظام السياسي، بل لأنها تفصح عما يخفيه من تحامل وحقد على شريحة الأغلبية" في إشارة واضحة إلى تأثير مثل هذه التصريحات على العلاقات بين المكونات العراقية.

من جانبها، جاء رد النائب عن كتلة الصادقون زهرة البجاري حاداً وقوياً، حيث اعتبرت في بيان رسمي أن ما ورد في التسجيل الصوتي المنسوب إلى خميس الخنجر "مجرد أضغاث أحلام لا تعكس واقعاً ولا حقيقة".

وأضافت البجاري بلهجة تحدٍ أن "من يتصدرون المشهد السياسي اليوم هم الشروكيين الذين يقودون الدولة بكل كفاءة ومسؤولية"، مؤكدةً "الحكم لنا، شئتم أم أبيتم، لأننا الأجدر بقيادة المسيرة، ونحن من صنعنا مسار التغيير وحمينا مكتسبات الشعب".

واعتبرت البجاري أن محاولات التشكيك بشرعية القيادة الحالية أو المساس بدور أبناء الجنوب الذين وصفهم الخنجر، بحسب التسريب، بـ"المشرّكة" بأنها "تفاهات غير مسؤولة ومحاولات يائسة لقلب الحقائق".

وأشارت إلى أن "الدولة تسير بثبات تحت قيادة عراقية وطنية"، لافتةً إلى أن "أي خطاب تحريضي أو انقسامي لن يزيد أبناء الشعب إلا تماسكاً ووحدة". وختمت بالقول إن "الشعب يعرف من يخدمه، وسيحاسب من يعيش في الماضي على حساب مستقبله".

 

دعوات لملاحقة قضائية

اتخذت المواقف منحى أكثر تصعيداً مع تصريحات عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية وعد القدو، الذي وصف الخنجر بأنه "داعم للإرهاب"، ودعا القضاء العراقي إلى "إصدار مذكرة قبض على خلفية تصريحاته الخطيرة ضد المكون الشيعي".

وقال القدو في تصريحات إعلامية إن "تصريحات خميس الخنجر معروفة بدعمه للتشدد والتطرف وهو من يساند الجماعات الإرهابية في سوريا"، مؤكداً أن "الخنجر يحاول إثارة الفتن بين أبناء الشعب العراقي التي اعتدنا سماعها منذ سقوط صنمهم البعثي".

وأضاف أن "تصريحات الخنجر تأتي في سياق إثارة النعرات الطائفية"، مشيراً إلى أن "الخنجر يعبر عن سياساته العدائية للشعب العراقي".

وانضمت عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية نيسان الزاير إلى صف المطالبين بملاحقة الخنجر قضائياً، حيث وصفت تصريحاته بـ"المستفزة" ودعت القضاء إلى "ضرورة محاسبة خميس الخنجر قانونياً على خلفية تصريحاته الخطيرة والتي تهدد أمن واستقرار العراق".

وشددت الزاير على أن "الشعب العراقي تعود على تصريحات الخنجر المستفزة والتي تدعم البعث والإرهاب"، محذرة من خطورة مثل هذه التصريحات على النسيج الاجتماعي العراقي والتعايش السلمي بين مكوناته.

 

تداعيات على المشهد السياسي

يرى مراقبون للشأن السياسي العراقي أن التسريبات الصوتية المنسوبة للخنجر تأتي في توقيت بالغ الحساسية، وسط جهود حكومية وسياسية حثيثة لتحقيق استقرار البلاد وتعزيز المصالحة الوطنية بين مختلف المكونات.

وأشار خبراء سياسيون، إلى أن مثل هذه التصريحات، في حال ثبتت نسبتها إلى الخنجر، يمكن أن تؤدي إلى تقويض جهود بناء الثقة بين القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية، وقد تدفع باتجاه مزيد من الاستقطاب الطائفي والانقسام المجتمعي في وقت يسعى فيه العراق للخروج من أزماته السياسية والأمنية والاقتصادية.

 

ردود فعل شعبية غاضبة

على صعيد آخر، أثارت التسريبات الصوتية المنسوبة للخنجر موجة غضب واستياء واسعة في الشارع العراقي، حيث تداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي مقاطع من التسريب مصحوبة بتعليقات منددة بما وصفوه بـ"الخطاب الطائفي" و"لغة التحريض" التي تهدد الوحدة الوطنية وتثير النعرات الطائفية.

ودعا ناشطون مدنيون ومثقفون وأكاديميون، في بيانات متفرقة، إلى نبذ خطاب الكراهية والتعصب الطائفي، مؤكدين أهمية تغليب مصلحة العراق العليا وتعزيز ثقافة المواطنة والتعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع العراقي، بعيداً عن الخطابات المشحونة طائفياً أو المنطلقة من خلفيات عنصرية.

 

ترقب للموقف القضائي

وتتجه الأنظار حالياً إلى موقف القضاء العراقي من الدعوات المتصاعدة لاتخاذ إجراءات قانونية ضد خميس الخنجر على خلفية التسريبات الصوتية المنسوبة إليه، وسط تأكيدات من خبراء قانونيين بأن القانون العراقي يجرّم التحريض على الكراهية والفتنة الطائفية، وينص على عقوبات رادعة لمثل هذا النوع من الخطاب.

وأكد قضاة ومحامون، أن المحكمة الاتحادية العليا والقضاء العراقي يتعاملان بحزم مع أي خطاب يهدد الوحدة الوطنية أو يثير النعرات الطائفية، استناداً إلى نصوص دستورية وقانونية صريحة، ما يعني أن التسريبات، في حال ثبتت صحتها، قد تضع الخنجر تحت طائلة المساءلة القانونية.

ويبقى السؤال المطروح: هل ستؤدي هذه التسريبات إلى تغيير في المشهد السياسي العراقي وتحالفاته القائمة؟ وما هي الإجراءات التي ستتخذها الحكومة والقضاء لمنع تداعيات هذه الأزمة على الوضع السياسي والأمني في البلاد؟ أسئلة تنتظر إجابات في الأيام القليلة المقبلة مع تطور هذه القضية المثيرة للجدل.