بين النوايا والواقع.. هل ستسلم الفصائل العراقية سلاحها الى الحكومة؟

اليوم, 11:44
1 748

مع إعلان نحو 90% من الفصائل العراقية استعدادها لتسليم أسلحتها، بدعم مباشر من المرجعية الدينية الشيعية، يقف العراق أمام لحظة مفصلية قد تعيد رسم علاقة الدولة بالسلاح. غير أن هذا التحول، رغم أهميته، يثير تساؤلات جدية حول مدى جديته، وإمكانية تنفيذه فعليًا في ظل مخاوف من مخازن سرية، وولاءات متشابكة، وصفقات سياسية قد تُفرغ الخطوة من مضمونها. فهل نحن أمام بداية حقيقية لحصر السلاح بيد الدولة، أم مجرد إعادة تنظيم للفصائل ضمن أطر رسمية جديدة؟

للمرة الأولى، أعلنت غالبية الفصائل العراقية المسلحة موافقتها العلنية على مبدأ احتكار الدولة للسلاح، حيث تشير تقديرات إلى أن نحو 90% من هذه الفصائل أبدت استعدادها للامتثال، فيما استثنت فصائل محدودة، من بينها حركة النجباء وحزب الله العراقي، نفسها من القرار، مشروطةً ذلك بانسحاب الاحتلال الامريكي.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل


وقال حامد المالكي، الصحفي المقرب من الائتلاف الحاكم، إن هناك تحركًا لتشكيل لجنة تنسيق عليا بصلاحيات واسعة للإشراف على عملية تسليم الأسلحة، بما يشمل الأسلحة المتوسطة والثقيلة والطائرات المسيّرة، دون استثناء. وأكد أن المرجعية الدينية الشيعية العليا دعمت هذا التوجه، ما يجعل مخالفته أمرًا بالغ الصعوبة.

ويرى مراقبون أن هذا التحول المفاجئ جاء نتيجة مخاوف متزايدة من ضربة إسرائيلية–أمريكية محتملة، إضافة إلى ضغوط أمريكية مباشرة ربطت استمرار الدعم الأمني للعراق بنزع سلاح الفصائل.

وأكدت الباحثة السياسية سعاد القيسي أن الحكومة العراقية تلقت تحذيرًا واضحًا: إما نزع السلاح طوعًا أو فرضه بالقوة.

لكن تجارب العراق السابقة في نزع السلاح لا تبعث على التفاؤل. فقد أُعلن سابقًا عن نزع سلاح جهات مسلحة، مثل جيش المهدي ومجالس الصحوة، قبل أن تعود تلك القوى للظهور بأشكال جديدة وبأسلحة أكثر تطورًا، مع بقاء ولاء عناصرها خارج إطار الدولة.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد مقاتلي قوات الحشد الشعبي يتجاوز 150 ألف مقاتل، فيما ترفع مصادر غير رسمية العدد إلى 250 ألفًا. وفي المقابل، لا توجد أرقام دقيقة عن حجم الترسانة، إلا أن وزارة الداخلية قدّرت عدد الأسلحة خارج سيطرة الدولة بنحو 15 مليون قطعة.

وقال الضابط السابق خالد العيداني إن الواقع أخطر من ذلك، مشيرًا إلى وجود 30 مليون قطعة من الأسلحة الخفيفة، وأكثر من 200 ألف قطعة سلاح ثقيل، تشمل طائرات مسيّرة، وصواريخ، ومتفجرات، ومركبات مدرعة، مخزنة في قواعد ومقرات معلنة وأخرى سرية، بعضها في مناطق مثل جرف الصخر.

بدوره، حذّر العقيد السابق خالد الجبوري من أن عملية التسليم قد تكون شكلية، مؤكدًا أن الفصائل تمتلك منظومة تسليح متكاملة بُنيت على مدى أكثر من عقدين، وتشبه جيشًا كاملًا يحتاج تفكيكه إلى سنوات طويلة.

وفي هذا السياق، كشف مصدر مطلع في مكتب رئيس الوزراء أن الخطة الحكومية تقضي بتوزيع الأسلحة على المؤسسات الرسمية، بحيث تُسلَّم الطائرات المسيّرة إلى القوة الجوية، والأسلحة الخفيفة إلى وزارة الداخلية، والثقيلة إلى وزارة الدفاع، بالتوازي مع جهود لحصر أنواعها وأعدادها بالتعاون مع الفصائل.

أما التحدي الأكبر، وفق المحلل السياسي علي الناصر، فيكمن في مصير عشرات الآلاف من المقاتلين. فإما دمجهم ضمن المؤسسات الأمنية، أو تركهم بلا بدائل اقتصادية، ما قد يحولهم إلى مجموعات مسلحة غير منضبطة، ويخلق أزمة أمنية جديدة.

 

المصدر: themedialine